استثمارات السيسي لا تخدم المواطن وضغوط معيشية مستمرة

03 يوليو 2016
استمرار الضغوط المعيشية رغم الوعود بتحسين الاقتصاد (Getty)
+ الخط -
أظهرت مؤشرات القطاعات الاقتصادية الرئيسية، التي تدر نقداً أجنبيا لمصر، تراجعاً خلال السنوات الثلاث الأخيرة ومنذ انقلاب 3 يوليو 2013، الأمر الذي أدى إلى تهاوي سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي إلى مستويات غير مسبوقة، بعد أن خسر نحو ربع قيمته رسمياً وأكثر من نصف قيمته في السوق السوداء، مما زاد من الضغوط المعيشية على المصريين.
وتراجعت إيرادات قناة السويس والصادرات السلعية والسياحة والاستثمارات الأجنبية، وهي المصادر الرئيسية للنقد الأجنبي، بجانب تحويلات المصريين العاملين في الخارج.
وأثارت إيرادات قناة السويس جدلا واسعاً في الشارع المصري، لا سيما بعد أن أظهرت بيانات رسمية تراجعها في أعقاب افتتاح تفريعة جديدة لقناة السويس، روج لها النظام على أنها ستزيد الإيرادات بنحو كبير.

وفي 6 أغسطس/آب 2015، افتتح الرئيس، عبد الفتاح السيسي، مشروع تفريعة قناة السويس، التي تكلفت أكثر من 60 مليار جنيه (8 مليارات دولار بسعر الصرف آنذاك)، تم الحصول عليها من أموال المصريين، الذين تمت دعوتهم للاكتتاب فيها بعد الإعلان عن المشروع في أغسطس/آب 2014.
وقال الموقع الرسمي لهيئة قناة السويس إن الحكومة تستهدف من التفريعة، التي أطلق عليها النظام "قناة السويس الجديدة"، مضاعفة إيرادات القناة السنوية من 5.3 مليارات دولار إلى 13.3 مليار دولار بحلول عام 2023، زيادة تبلغ نسبتها 259%.

غير أن البيانات الشهرية الصادرة عن إدارة قناة السويس، أظهرت تراجعا في الإيرادات، مما دفع الحكومة إلى فرض حالة من التعتيم الإعلامي حول التقارير، وحجب نشرها عن أشهر يوليو/تموز وأغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 2015، قبل أن تعيد الإعلان عنها ولكن بالجنيه المصري في سابقة هي الأولى من نوعها.

وأعلنت هيئة قناة السويس، مطلع مايو/أيار الماضي، أن إيرادات مارس/آذار 2016، بلغت 3.47 مليارات جنيه، بزيادة 9.5% عن فبراير/شباط الذي سجل 3.108 مليارات جنيه.
ويقول خبراء اقتصاد إن الحكومة المصرية تعمدت عدم إظهار إيرادات قناة السويس بالدولار في سابقة هي الأولى من نوعها، بسبب تسجيلها تراجعاً عما تم تحقيقه في نفس الشهر من العام الماضي 2015.

وتعادل الإيرادات المحققة في مارس/آذار نحو 392.8 مليون دولار بحساب سعر الصرف الرسمي الحالي البالغ 8.85 جنيهات، بينما المحقق في نفس الشهر من عام 2015 نحو 420.1 مليون دولار، أي أن هناك تراجعاً في الإيرادات بنسبة 6.9%.
وقال ممدوح الولي، الخبير الاقتصادي، إن تراجع إيرادات القناة، خاصة بعد افتتاح التفريعة الجديدة، يؤكد ما ذكره بعض المتخصصين في الملاحة وهو أن توسعة قناة السويس، لم تكن لها ضرورة آنية.
وتعد قناة السويس أحد مصادر النقد الأجنبي لمصر بجانب السياحة والاستثمارات الأجنبية وتحويلات المصريين العاملين في الخارج.

وقالت مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني العالمية في أغسطس/آب 2015 إن ما أعلنته مصر بعد افتتاح تفريعة جديدة لقناة السويس، حول استهداف إيرادات بـ 13.3 مليار دولار بحلول عام 2023، مقابل 5.3 مليارات دولار حالياً، يقوم على افتراضات بتعاف حادّ في نمو التجارة العالمية ومضاعفة عدد السفن العابرة للقناة، وهو أمر غير مرجح الحدوث. 
وبحسب موديز، فإن تحقيق الزيادة المستهدفة في الإيرادات يتطلب نمو التجارة العالمية 10% كل سنة في الفترة بين 2016 إلى 2023.

وبينما تظهر البيانات الرسمية الصادرة عن البنك المركزي ارتفاع الاستثمارات الأجنبية، إلا أن انعكاسها على المواطنين لم يكن ملموساً.
وبحسب بيانات البنك المركزي، بلغت الاستثمارات الأجنبية نحو 4.1 مليارات دولار خلال العام المالي الأول 2013 / 2014، بعد إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي، ونحو 6.4 مليارات دولار خلال العام الثاني، قبل أن تصل إلى 6.9 مليارات دولار خلال العام المالي 2015 / 2016، الذي انقضى بنهاية يونيو/حزيران الماضي، وفق تقرير الاستثمار العالمي "الأونكتاد".
وقال معتز الطباع، الرئيس التنفيذي لجمعية رجال الأعمال في الإسكندرية، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن أية استثمارات أجنبية في مصر حاليا، هي إما لمصالح سياسية أو مجاملات من بعض الدول أو من باب التحضير لفرص استثمارية، وبالتالي فهي ليست استثمارات حقيقية، وإنما هي لتحقيق مكاسب وقتيه معينة.

وبعد الانقلاب العسكري، توسع النظام المصري في مصادرة وتأميم العديد من الشركات والمصانع، مبرراً ذلك بدعمها جماعة الإخوان المسلمين، وقامت بسجن وملاحقة رجال أعمال إخوانيين وغيرهم، مما أعطى انطباعا سلبيا للمستثمر الأجنبي عن السوق المصرية.
وقال أبو العلا أبو النجا، نائب رئيس اتحاد جمعيات المستثمرين، في تصريحات خاصة، إن إجراءات المصادرة "زادت عن الحد، وأثرت على سمعة مصر خارجياً"، لافتا إلى أن المستثمرين الأجانب يتابعون عن كثب الأوضاع السياسية والاقتصادية في مصر، ويسألون شركاءهم المصريين أو المتعاملين معهم عن حقيقة الأوضاع في مصر.

وكشفت بيانات البنك المركزي عن خروج استثمارات أجنبية مباشرة من مصر، قيمتها 9.87 مليارات دولار، خلال الفترة من بداية يوليو/تموز 2013 وحتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2014.
كما واجهت الصادرات صعوبات، وفق بيانات هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، التابعة لوزارة الصناعة، التي تشير إلى تراجع الصادرات غير البترولية خلال 2015 إلى 18.59 مليار دولار، مقارنة بـ 22.262 مليار دولار خلال 2014، ونحو 21.42 مليار دولار خلال 2013، وحوالى 21.83 مليار دولار في 2012، و 22.3 مليار دولار في 2011 ( عام الثورة).

كما انخفضت الصادرات البترولية من 9.237 مليارات دولار عام 2011 إلى 7.548 مليارات دولار عام 2013 ثم إلى 6.261 مليارات دولار عام 2014.
وبالنسبة للسياحة فقد تراجعت بنحو حاد. وذكرت وزارة السياحة، إن إيرادات البلاد من السياحة انخفضت بنحو 15% في عام 2015 لتصل إلى 6.1 مليارات دولار.
وكانت مصر قد استقبلت في عام 2010 أكثر من 14.7 مليون سائح، قبل أن يتراجع العدد إلى 9.8 ملايين في 2011، لكنه زاد في 2012 إلى 11.5 مليون سائح، قبل أن يتراجع مجدداً.

وفي ظل تراجع إيرادات النقد الأجنبي واستمرار الصعوبات الاقتصادية، تهاوى الجنيه المصري ليصل سعر الصرف رسمياً إلى 8.85 جنيهات مقابل الدولار الواحد، بينما تخطى في السوق السوداء 11 جنيهاً، في حين لم يكن يتخطى رسميا قبل 3 أعوام 7.05 جنيهات، خاسراً نحو ربع قيمته في المصارف وأكثر من نصف القيمة في السوق السوداء.




المساهمون