سيطرت مليشيات جماعة أنصار الله (الحوثيون) على سوق إعلانات الطرق في اليمن، وقامت بتوظيفه سياسياً بهدف الترويج لأفكارهم ومشروعاتهم، ما تسبب في خسائر فادحة للمستثمرين وتوقف شبه تام للشركات الإعلانية وتسريح المئات من موظفيها.
وفي هذا السياق، أكد المسؤول في اتحاد الوكالات الإعلانية باليمن، جميل البعداني، لـ"العربي الجديد"، أن الحرب التي تفاقمت منذ عام أدت إلى انهيار القطاع ونهب وإغلاق مئات الشركات الإعلانية والوكالات العاملة بالمجال. وقال البعداني، إنه نتيجة لذلك سرحت الشركات موظفيها وهاجر مديروها إلى دبي وأماكن أخرى.
واعتبر البعداني، أن مفاوضات الكويت الجارية بين الأطراف اليمنية، تحمل تفاؤلاً لقطاع الإعلانات بالعودة والنهوض من جديد لتعويض خسائرها الفادحة.
وتواصل الأطراف المتصارعة باليمن مباحثاتها في الكويت، رغم العقبات التي تواجهها، ويأمل اقتصاديون في إنهاء المفاوضات للحرب وإحداث حالة من الاستقرار لإنقاذ مختلف القطاعات الإنتاجية وإنعاش الاقتصاد المتأزم.
وتشمل مفاوضات الكويت بين الحكومة الشرعية والحوثيين، تسوية اقتصادية شاملة تتضمن بحث استقلالية البنك المركزي والمؤسسات المالية والاقتصادية من خلال تشكيل لجنة اقتصادية مشتركة لإدارة هذا الملف، بهدف وضع حد لانهيار الاقتصاد والعملة المحلية.
كما ستبحث تحديد موعد لمؤتمر إعادة إعمار اليمن وأولويات هذا الملف في مرحلة ما بعد التسوية السياسية، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على قطاع الإعلانات الذي ينشط كلما انتعش الاقتصاد.
وقدر خبراء إعلان يمنيون أن تصل الخسائر المباشرة للقطاع حوالي 30 مليون دولار خلال العام الماضي، فضلا عن خسائر في الأصول والمعدات التي تعرضت للنهب، بالإضافة فقدان الدولة رسوم سنوية تقدر بـ 40 مليون دولار مقابل تأجير المساحات الإعلانية في العاصمة اليمنية صنعاء فقط.
واتهمت شركة أرجوان للتسويق والإعلان، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، مسلحين بسرقة ونهب جميع أصول الشركة البالغ كلفتها نصف مليون دولار.
وقالت الشركة في بيان تقدم به مديرها ثابت العريقي، لنادي رجال الأعمال اليمنيين، إن مسلحين يتبعون جماعة الحوثي قاموا بسرقة جميع أصول الشركة، ومنها طابعات مستوردة من كوريا وفاكس وبنر وعدد2 ومولدات كهربائية ومعدات مختلفة للورشة وأجهزة ومعدات كمبيوتر "ماكنتوش" وجميع الأدوات المكتبية الخاصة بالشركة، بالإضافة إلى نهب مخزن الشركة الذي يحوي أدوات طباعة مختلفة وهدايا إعلانية وحديدا وأعمدة لوحات كبيرة وثلاث سيارات (رنج روفر وكرايسلر وهونداي).
وطالبت الشركة نادي رجال الأعمال اليمنيين، بالدفاع عما تعرضت له الشركة من سرقة لجميع أصولها، مشيرة إلى أن ذلك أدى إلى توقف عمل الشركة وإلحاق الضرر بأكثر من ثلاثين عاملاً يعولون أسرهم نتيجة توقف الشركة بعد احتلالها لمدة ثلاثة أشهر، ثم في نهاية المطاف قام المسلحون بسرقة جميع أصولها.
ويضم السوق اليمني 2140 منشأة نشطة بالإعلانات بحجم استثمارات يتجاوز 40 مليون دولار، حسب دراسة متخصصة.
وقدرت دراسة نفذتها مجلة المزيج التسويقي المتخصصة، الإنفاق الإعلاني في اليمن خلال عام 2014 بحوالي 40 مليون دولار.
وتوقعت الدراسة أن يصل حجم الإنفاق الإعلاني بمختلف أنواعه، حسب المعطيات التي استندت عليها، إلى 60 مليون سنوياً في الإعلانات المباشرة والمطبوعة والمرئية والخارجية والمسموعة والهاتف وشبكة الويب، وذلك في حال نجاح المفاوضات بين الأطراف المتصارعة، واستقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية.
وأصاب اجتياح جماعة الحوثيين للعاصمة اليمنية وسيطرتهم على مؤسسات الدولة، سوق الإعلانات التجارية في مقتل، وحلت الإعلانات السياسية للجماعة بدلا عنه، حسب الدراسة.
وقال عاملون في قطاع الإعلانات اليمني لـ"العربي الجديد"، إن مليشيات الحوثيين في أعقاب سيطرتها على العاصمة اليمنية، قامت بالسطو على اللوحات الإعلانية في الشوارع بلا أي اعتبار للتراخيص الصادرة من الجهات الرسمية لشركات الإعلانات، ودون اهتمام بالخسائر التي سوف تتكبدها جراء هذا السطو.
وأوضح العاملون، أن الحوثيون منذ عام كامل يحتكرون قطاع الإعلانات ويديرونه عبر قطاع الإعلام والإرشاد التابع للجماعة، ومن خلال شركات تابعة لهم في الدعاية والإعلان والتصميمات الإعلانية.
وأكد مدراء شركات اعلانان، أن سيطرة الحوثيين على الإعلانات، تسبب في خسارة كبيرة لشركات الإعلانات في البلاد، بالإضافة إلى زيادة البطالة بعد تسريح مئات الموظفين العاملين فيها.
ومنذ سيطرة الحوثيين على صنعاء، تحتل إعلاناتهم السياسية المساحات الإعلانية في الشوارع والمباني والجسور والطرقات بين المحافظات، في حين اختفت الإعلانات التجارية.
ومنذ الأسبوع الأخير لشهر أبريل/نيسان الماضي، أغرقت جماعة الحوثي، شوارع العاصمة اليمنية صنعاء التي يسيطرون عليها، بـ"لوحات عملاقة" لزعيمهم الراحل، مؤسس الجماعة، حسين بدر الدين الحوثي.
وارتفعت صورة مؤسس جماعة الحوثيين على لوحة إعلانية ضخمة في شارع حدة وسط صنعاء مع عبارة " اثبت أنه رجل المرحلة "، بديلا عن إعلان تجاري لطيران الخطوط الجوية التركية. كما احتلت صور مؤسس الجماعة وشعاراتهم اللوحات الإعلانية الضخمة في جزر الشوارع واللوحات الجانبية وعلى المباني والمنازل، كما نشروا لوحات قماش على الجدران أقوالا لزعيمهم عبد الملك الحوثي.
وألقت الحرب الدائرة في اليمن بتداعياتها على القطاع الخاص، الذي يتعرض لابتزاز الجماعات المسلحة وتتعرض منشآته للتدمير في مختلف المدن، ما أدى إلى هروب معظم رؤوس الأموال خارج البلاد.
وكان تقرير أممي حديث أكد، أن عاماً من النزاع في اليمن أدى إلى تدهور شديد في الاقتصاد، وتسريح 70% من العمالة لدى شركات القطاع الخاص.
وكشف التقرير عن إغلاق 95% من إجمالي الشركات في 6 محافظات يمنية، وتدمير كلي لنحو 77% منها، ما دفع المحللين إلى التحذير من كارثة كبيرة في هذا القطاع في حالة استمرار الحرب.
وقال التقرير، الصادر عن الأمم المتحدة، إن واحدة من كل أربع شركات أغلقت، مشيراً إلى أن الحرب أدت إلى تدهور القوة الشرائية خاصة للأسر الفقيرة والمتضررة من النزاع.
وحذر من أخطار انهيار القطاع الخاص في اليمن، ودعا إلى "توفير الدعم في الأوقات الحرجة لتعزيز التعافي الاقتصادي وإعادة تشغيل المنشآت الكبيرة والمتوسطة والصغيرة".