فنزويلا تنزلق نحو هاوية الإفلاس..والعملة والنظام أول ضحايا النفط

22 فبراير 2016
صفوف ومعاناة في كراكاس للحصول على المساعدات الحكومية (Getty)
+ الخط -
هل يصبح الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، أول ضحايا انهيار النفط؟
سؤال بات يتردد في الأوساط الغربية وسط التدهور المريع في الاقتصاد والارتفاع الجنوني في أسعار السلع وانهيار سعر العملة الفنزويلية، "البوليفار".
هذه الظروف القاسية، التي تعيشها البلاد، فجرت الغليان في الشارع الفنزويلي، خاصة في العاصمة كراكاس، التي انطلقت فيها مظاهرات غاضبة تطالب بإقالة حكومة الرئيس مادورو.
وفيما تلقي الحكومة باللوم على أميركا وحلفائها في المعسكر الرأسمالي، الذين تعتقد أنهم يتآمرون ضدها وضد الشعب الفنزويلي، يحمل الطلاب والمعارضة البرلمانية حكومة مادورو الاشتراكية المسؤولية في تدهور الأوضاع.
وكانت الحكومة الفنزويلية قد اضطرت في ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى استئجار 36 طائرة من طراز "ايرباص" لإحضار أوراق العملة الفنزويلية "بوليفار" من مطابع في سويسرا وبريطانيا وفرنسا، وهو ما يعني أن البوليفار لم يعد يشتري شيئاً في كراكاس ويحتاج المواطن إلى حقيبة لحمل البوليفارات لشراء حاجياته.
ولكن، بغضّ النظر عن الاتهامات المتبادلة حالياً بين الحكومة والمعارضة، حول من المسؤول عن انهيار الاقتصاد والتدني المرعب في مستويات الحياة المعيشية للشعب الفنزويلي، الذي يقدر عدد سكانه بأكثر من 30.5 مليون نسمة (تقديرات عام 2013)، فإن انهيار سعر النفط من 115 دولارا في منتصف العام 2014 إلى حوالي 30 دولاراً للبرميل حالياً، هو السبب الرئيسي في تراجع دخل البلاد من العملات الصعبة، وبالتالي عدم قدرتها على استيراد مستلزمات الحياة المعيشية من الأدوية والغذاء.
وحسب مصرف باركليز البريطاني، في تقريره الصادر في يناير/كانون الثاني الماضي، فإن فنزويلا تخطت مرحلة الإنقاذ وأن الافلاس بات أمراً حتمياً. وبنيت تقديرات مصرف باركليز على أن البلاد لن تتمكن من خدمة ديونها خلال العام الجاري.
وفي ذات الصدد تشير تقديرات صندوق النقد الدولي، الصادرة في منتصف ديسمبر/كانون الأول، إلى أن التضخم في فنزويلا سيبلغ 750% خلال العام الجاري من مستوياته الحالية البالغة 275%. وهذا يعني أن الأسعار ستتضاعف 8 مرات بنهاية العام الجاري من مستوياتها الحالية. ولا تختلف تقديرات مصرف نومورا الياباني كثيراً عن تقديرات صندوق النقد الدولي، حيث يتوقع أن يصل معدل التضخم 700%.
ولكن الأرقام التي نشرها المصرف المركزي الفنزويلي في منتصف يناير/كانون الجاري، تشير إلى أن التضخم بلغ 144.5%، وذلك مقارنة بآخر أرقامه المنشورة في ديسمبر/كانون الأول من عام 2014 والتي قدر فيها حجم التضخم بحوالي 68.5%.
وهذا يعني أن دخل الفرد في فنزويلا انخفض إلى أكثر من 300% بين عام 2013 وعام 2015، أي أنه انخفض من حوالى 12 ألف دولار في السنة إلى أكثر قليلاً من 4 آلاف دولار، وهذا بحساب القيمة الشرائية. ويلقي المصرف المركزي الفنزويلي باللوم على تجار العملة في السوق السوداء، حيث يقول في تقريره الأخير إن 60% من الزيادة في التضخم تعود إلى تجار العملة، الذين يضاربون على العملة الفنزويلية "بوليفار" مقابل الدولار.


إجراءات التقشف

وتسعى الحكومة الفنزويلية، عبر إجراءات التقشف وخفض سعر صرف "البوليفار" ورفع أسعار المواد الأساسية، مثل البنزين، إلى تفادي الوقوع في براثن الإفلاس، ولكن هذه الإجراءات تظل محدودة ومحفوفة بالمخاطر السياسية، حيث أنها تقوّي المعارضة وتثير غضب الجماهير ضد الحكومة الاشتراكية.
وفي هذا الصدد، أعلن الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، يوم الاربعاء الماضي، خفضاً لقيمة العملة وزيادة في أسعار الوقود المدعوم في مسعى إلى احتواء أزمة اقتصادية حادة، لكن معارضي الزعيم الاشتراكي سارعوا إلى رفض هذه الخطوات قائلين إنها غير كافية. وتهدف الإجراءات إلى تعزيز الموازنات المالية.
وتخفض الإجراءات الأخيرة سعر الصرف الرسمي بالعملة الفنزويلية، "البوليفار"، بنسبة 37% من 6.3 بوليفارات إلى 10 مقابل الدولار الأميركي، وتحول النظام السابق لأسعار الصرف المكون من ثلاث درجات إلى آلية ثنائية. ولكن الدولار يباع في السوق السوداء بأكثر من 1000 بوليفار.
وحسب تجار عملة " الأثرياء في فنزويلا يخزنون الدولار ويشترون الكميات الكبيرة المتاحة بأي سعر متاح".
وقال مادورو متحدثاً على شاشات التلفزيون إن السعر الأدنى، في الآلية المزدوجة، سيكون معوماً بشكل حر على أساس نظام يباع فيه الدولار حاليا عند حوالى 200 بوليفار.
ورفعت الإجراءات الجديدة سعر البنزين الممتاز بنسبة 1320%، لكن الوقود في فنزويلا مدعوم بشكل مكثف، حتى أن تكلفة ملء خزان سيارة صغيرة ستبقى عند حوالي نصف سعر زجاجة المشروبات الخفيفة، أو حوالي 0.23 دولار على أساس سعر الصرف في السوق السوداء.
وفي فنزويلا توجد مجموعة من الأسعار الرسمية المدعومة للعملة، وهذا النظام الذي استحدث أيام حكم الرئيس، هوغو شافيز، أصبح إحدى الثغرات، التي يستغلها التجار الفاسدون وبعض المسؤولين في إخراج العملات الصعبة من البلاد بحجج الاستيراد.
ويقول المنتقدون إن الحل الوحيد لمشاكل فنزويلا الاقتصادية هو إلغاء كامل لنظام العملة القائم منذ 13 عاماً، والذي استحدث في أثناء حكم الرئيس الاشتراكي الراحل، هوغو تشافيز.
ومن المخاطر التي تزرع الشكوك حول إكمال الرئيس مادورو لدورته الحالية، بروز معارضة قوية في الانتخابات التي جرت العام الماضي.
وقال رئيس فنزويلا يوم السبت إن الحكومة لن ترفع سعر الديزل، لأن هذا قد يؤدي إلى زيادة أسعار الغذاء وأجرة وسائل النقل العام.


اقرأ أيضا: صندوق النقد: الاقتصادات الخليجية ستتكيف مع النفط الرخيص
المساهمون