العناد مع الأرقام

15 يناير 2016
البورصة المصرية خسرت في أسبوع 5.72 مليارات دولار(فرانس برس)
+ الخط -

المتابع والمتأمل للمشهد الاقتصادي المصري يجد في تفسير البعض له أموراً "تلخبط" العقل، لأنها في الغالب تكون ضد العقل والمنطق، وتستند لمنطق كيد النساء أكثر من منطق الإقناع والتفسير العلمي، فالخسائر تتحول لدى البعض إلى أرباح ومكاسب، والأبيض يتحول لأسود والعكس.
وتراجع إيرادات قناة السويس في العام الماضي 2015 بقيمة 290 مليون دولار، وبنسبة انخفاض تفوق 5%، تتحول بقدرة قادر إلى زيادة وأرباح، لأن هؤلاء يحسبون الإيرادات بالجنيه المصري وليس بعملة الإيرادات وهي الدولار، على عكس ما يحدث منذ افتتاح القناة في عام 1869 وطبقا للأعراف الدولية، وغداً يحسب هؤلاء قيمة احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي بالعملة المحلية، لا بالدولار كما يحدث منذ سنوات، حتى يرفعوا الرقم "ويكيدوا الأعادي".

والمستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات والمسؤول الأول عن مكافحة الفساد، والذي كشف عن حالات فساد بقيمة 600 مليار جنيه خلال الفترة من 2012-2015، يتحول إلى شخص فاسد من وجهة نظر هؤلاء، لأنه يزوّر الأرقام ويبالغ فيها، والأهم، حسب بعض هؤلاء، أن "جنينة" سكت عن حالات الفساد التي تحت يد الجهاز منذ توليه منصبه منذ أكثر من 3 سنوات، وأن الذي عينه هو الدكتور محمد مرسي.
بل ويتساءل هؤلاء بحدة: ولماذا يتحدث "جنينة" الآن؟ هل يريد أن يحرج النظام قبل الذكرى الخامسة للثورة المصرية ويؤلب المصريين ضد السيسي؟ أم يريد أن يقول إن عام 2015 ،وهو ضمن فترة حكم السيسي، كان مليئا بالفساد.
وتنصب المشانق للرجل هشام جنينة، عقابا له على أنه تجرأ وكشف لهم رقم الفساد الصادم، ومس قدسية عام من فترة حكم السيسي، رغم أن هؤلاء يدركون أن مصر، شأنها شأن معظم الدول العربية ودول العالم النامي، تعوم على بركة من الفساد، بداية من إدارة الجهاز الإداري للدولة وحتى الوزارات المختلفة.
والبورصة المصرية التي خسرت في الأسبوع الأول من عمر البرلمان الموقر 5.72 مليارات دولار وتهاوى مؤشرها، حيث فقد أمس 5.6%، وسط عمليات بيع كبيرة من قِبل المستثمرين المصريين والأجانب، يخرج عليك البعض ويقول لك إن انهيار المؤشر يرجع لأسباب خارجية، لا لأسباب داخلية.
أسباب تتعلق بانخفاض أسعار النفط عالميا وأزمة بورصة الصين وتراجع البورصات الأميركية والأوروبية والخليجية، رغم أن القاصي والداني يعرف أن مصر ليست دولة منتجة رئيسية للنفط مثل دول الخليج أو حتى الجزائر والعراق، بل إن مصر تعد مستورداً للنفط، حيث تبلغ وارداتها السنوية من المشتقات البترولية والغاز نحو 10 مليارات دولار سنويا.

وعندما تقول للبعض إن هناك أسبابا منطقية لتراجع البورصة المصرية ناتجة بالأساس عن تقارير صدرت هذا الأسبوع عن مؤسسات دولية وتتوقع خفضا جديدا في قيمة الجنيه المصري أمام الدولار وتراجعا حادا في إيرادات السياحة، إضافة إلى ما شاهده المستثمرون الأجانب من مهازل داخل البرلمان الجديد، يقال لك إن الجنيه المصري حديد وقوى أمام الدولار، وإن موارد البلاد الأجنبية تتزايد، ويطلب منك التوقف عن إطلاق الشائعات المغرضة.

بالطبع، لا أقول إن هذا تفكير جماعي لدى المصريين، ولكنه سلوك يعكس مدى عناد البعض، حتى في تفسيرهم للأرقام والحقائق والبديهيات.

اقرأ أيضا: بورصة مصر تستقبل البرلمان الجديد بخسائر 5.7 مليارات دولار

المساهمون