يهدّد الفساد المتفشي داخل أجهزة الشرطة والجيش واردات العراق من مواد غذائية وخضار وفواكه، بشل حركة الشاحنات في الأسواق المحلية المجاورة كالأردن وتركيا وإيران. وتقدّر هذه الواردات بنحو 3 ملايين دولار يومياً لتغطية احتياجات معظم مدن البلاد، حسب إحصائيات رسمية.
وقال التاجر فتاح علي، وهو يعمل في تجارة المواد الغذائية، إن الجيش والشرطة وأجهزة المرور في العاصمة بغداد يفرضون إتاوات على سائقي شاحنات نقل البضائع.
وأوضح فتاح لـ"العربي الجديد"، أنَّ قوات الجيش والشرطة وعناصر المرور يفرضون إتاوات على كل شاحنة تحاول المرور لدخول العاصمة من مداخلها.
وتراوح تلك الإتاوات بين 500 إلى 200 دولار، ما أسفر عن تكدس مئات الشاحنات أمام نقاط التفتيش في مداخل العاصمة وتلف مئات الأطنان من البضائع بسبب تأخر دخول الشاحنات لأكثر من أسبوعين نتيجة الإجراءات التعسفية.
وأضاف فتاح "إذا كانت قوات الجيش وأجهزة الشرطة والمرور تفرض الإتاوات على التجار والسائقين، فكيف سنقدم الشكوى ضدهم، هل سنرفع شكوانا ضدهم، وأين الحكومة العراقية ممّا يجري؟".
وأسفر فرض الإتاوات على التجار وسائقي شاحنات نقل البضائع عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع في العاصمة بغداد، ما أثّر بشكل سلبي على المواطنين وخاصةً ذوي الدخل المحدود.
وقال المواطن ياسين عبد الودود لـ"العربي الجديد"/ إنَّ "القوات الحكومية من الجيش والشرطة تسببت في رفع أسعار المواد الغذائية إلى الضعف تقريباً في بغداد، بسبب منعها دخول شاحنات نقل البضائع إلى العاصمة إلّا بعد دفع إتاوات من قبل التجار وسائقي الشاحنات، وهذا سبّب تكدّس مئات الشاحنات عند مداخل العاصمة، وبالتالي تأخر وصول البضائع والمواد الغذائية التي تحتاجها السوق، ما رفع من سعرها إلى أكثر من الضعف".
اقرأ أيضاً: العراق يدرس إدخال شاحنات أردنية عالقة على الحدود
ويضيف عبد الودود "لدينا مثل عراقي يقول "حاميها حراميها"، وهذا المثل ينطبق تماماً على أفراد من قوات الجيش والشرطة في بغداد، للأسف، والمصيبة الأدهى من ذلك أنَّ أجهزة المرور تفعل نفس الشيء وأصبح التجار أمام دفع إتاوات للجيش والشرطة والمرور، ما يسبب لهم خسائر كبيرة نتيجة تلف موادهم وبضائعهم بسبب تكدس شاحناتهم أمام مداخل العاصمة لأسابيع في ظل درجة الحرارة الشديدة".
وأسفر تكدس الشاحنات وتأخر وصولها أمام مداخل العاصمة لأكثر من أسبوعين كل مرة عن تلف مئات الأطنان من المواد الغذائية والسلع بسبب درجات الحرارة العالية التي وصلت لأكثر من نصف درجة الغليان.
واتهم تجار القوات الحكومية من الجيش والشرطة وأجهزة المرور بالمسؤولية عن تلف تلك المواد والخسائر الفادحة التي أثّرت على السوق العراقية بشكل خطير.
وقال محمود العبيدي، الذي يعمل سائق شاحنة، إنَّ "قوات الجيش والشرطة وأجهزة المرور لا تسمح لنا بدخول العاصمة إلّا بعد دفع إتاوات مالية تراوح بين 500 إلى 2000 دولار للشاحنة الواحدة، فامتنع أكثر التجار والسائقين عن دفعها لأنها سرقة لا مبرر لها فتكدست مئات الشاحنات على مداخل العاصمة، وتسبب ذلك بتلف البضائع وخاصةً المواد الغذائية التي لا تتحمّل درجات الحرارة الشديدة".
وكشف مصدر أمني، فضّل عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، أنَّ "ضباطاً في الجيش والشرطة والمرور يمنعون دخول شاحنات نقل البضائع والمواد الغذائية إلى العاصمة بغداد لمن لا يدفع الإتاوات المطلوبة، وهم يتقاسمون تلك الإتاوات بينهم والتي تصل إلى مبالغ كبيرة تتجاوز 2000 دولار (مليونين وخمسمائة ألف دينار عراقي) أحياناً للشاحنة الواحدة".
وطالب مراقبون الحكومة العراقية بمعاقبة ضباط الجيش والشرطة والمرور المسؤولين عن فرض تلك الإتاوات التي تسببت برفع أسعار المواد الغذائية والسلع وانعكست على كاهل المواطن البسيط.
اقرأ أ يضاً: العراق يلغي عقود تسليح مشبوهة بقيمة 4 مليارات دولار