عاصفة تضرب البورصة الصينية وتكبدها 3.5 تريليونات دولار

10 يوليو 2015
مؤشر شنغهاي عاد للأخضر بعد زالزال صباح الخميس (Getty)
+ الخط -
هل هدأت "عاصفة الأسهم" التي ضربت ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، أم أن تدخل بنك الشعب الصيني أوقف العاصفة مؤقتاً وستعود لنشاطها الهدام في المستقبل؟ سؤال مهم بات يقلق المستثمرين في أنحاء العالم، لأن الاقتصاد الصيني الذي يبلغ حجمه 10 ترليونات دولار، يؤثر بشكل مباشر في نمو الاقتصاد العالمي وأسعار النفط والسلع الأولية. 
وحتى الآن توقفت موجة الهبوط الحاد التي ضربت أسواق المال الصينية، وتسببت في خسائر تقدر بحوالى 3.5 ترليونات دولار منذ بداية التراجع وحتى إغلاق أمس الخميس.
ونجح تدخل البنك المركزي الصيني (بنك الشعب الصيني) في إعادة المؤشرات الرئيسية للارتفاع في ختام تعاملات يوم الخميس. وكسب مؤشر سوق شنغهاي 5.8%، وهو ما يمثل أكبر ارتفاع له منذ العام 2009. كما ارتفع مؤشر الأسهم في سوق شينشن بحوالى 3.0%. ولم يتوقف الانهيار إلا بعد تعليق التعامل في أكثر من 1300 شركة، وسط تدافع الشركات لحماية أسهمها من الانهيار في سوق كثر فيه البائعون وانعدم المشترون. كما واصل البنك المركزي الصيني تدخله الواسع في السوق وعبر العديد من الأذرع المالية والاستثمارية التي دخلت مشترية في سوق هرب منها المستثمرون.
ولكن رغم نجاح البنك المركزي الصيني، لايزال المستثمرون يترقبون فتح البورصة يوم الجمعة وكيفية التداول في الشركات التي علقت أسهمها.
وكانت موجة الانهيار قد امتدت بسرعة في صباح الخميس إلى الأسواق الآسيوية وبورصة نيويورك، ولولا تدخل البنك المركزي لتسبب الانهيار في أزمة مال جديدة لضخامة السوق الصيني وتأثيره المباشر على سوق الصرف والسلع، خاصة بعد فتحه جزئياً بداية العام الجاري أمام المستثمرين الأجانب.

ويلاحظ أن المستثمرين الآسيويين في سوق الصرف هرعوا لشراء الين الياباني كملاذ آمن، حيث ارتفعت العملة اليابانية إلى أعلى مستوياتها في سبعة أسابيع أمام الدولار مع إقبال المستثمرين على شراء العملة اليابانية بحثا عن ملاذ آمن بسبب قلقهم من هبوط الأسهم وأزمة الديون اليونانية التي لم يتم حلها حتى الآن. وسجل الدولار 120.46 يناً، كما انخفض اليورو بنسبة 1.1% مقابل الين. ويذكر أن تأثير العملة اليابانية في الأسواق الآسيوية، شبيه إلى حد كبير بتأثير الفرنك السويسري في أوروبا. وحتى الآن لم يتم تحرير اليوان الصيني حتى يؤثر تداوله في الأسواق العالمية.
وفي سوق السلع الأولية عاد النفط للارتفاع أمس الخميس بعد تراجعه في بداية التعاملات بفعل الهبوط الحاد في الأسهم الصينية. ويذكر أن الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط بعد الولايات المتحدة، وبالتالي سيؤثر أي تراجع في النمو الاقتصادي بشكل مباشر على أسعار النفط.
وارتفع سعر الخام الأميركي في العقود الآجلة تسليم شهر أقرب استحقاق 80 سنتاً إلى 52.45 دولاراً للبرميل بحلول الساعة 0745 بتوقيت غرينتش لكنه لا يزال منخفضًا نحو 8.0%عن مستواه في نهاية الأسبوع الماضي.
وزاد سعر مزيج برنت 70 سنتاً إلى 57.75 دولاراً للبرميل لكن لا يزال منخفضاً 4.0% عن مستواه يوم الجمعة الماضي.
ويتوقع محللون أن يؤثر انهيار سوق الأسهم الصينية في معدل النمو الصيني خلال العام الجاري.وقال بنك الشعب الصيني في بيان مساء الأربعاء أن النمو الاقتصادي في البلاد قد يتباطأ إلى 7.1%العام المقبل، مقارنة مع 7.4% هذا العام بفعل ضعف القطاع العقاري. وأضاف أن نمو الطلب العالمي قد يعزز الصادرات، لكن ليس بدرجة كافية لتعويض ضعف الاستثمار العقاري، ورجح البنك أن تنمو الصادرات الصينية بنسبة 6.9% في العام المقبل مقارنة مع 6.1% في العام الجاري، على أن يتسارع نمو الواردات إلى 5.1% العام المقبل مقارنة مع 1.9 % في 2014.

تدخل منسق

في أولى خطوات تهدئة السوق، حظرت الهيئة المعنية بتنظيم الأوراق المالية في الصين على المساهمين أصحاب الحصص الكبيرة في الشركات المدرجة بيع الأسهم. كما تعهد بنك الشعب الصيني، البنك المركزي، بدعم شركة الأوراق المالية المحدودة الصينية بالسيولة التي تحتاج إليها للتدخل الفعال في السوق.
وقال بنك الشعب الصيني في بيان على الإنترنت نقلته وكالة "شينخوا الرسمية"، إنه سينشط شركة الأوراق المالية المحدودة الصينية للحصول على السيولة من خلال قنوات الإقراض بين البنوك وتعويم الأوراق المالية وغيرها. ويذكر أن ما طمأن المستثمرين يوم أمس أن البنك المركزي الصيني لديه رصيد يقارب 4 ترليونات دولار وبالتالي قدرة هائلة على التأثير في السوق.
وأضاف البيان أن البنك المركزي يراقب عن كثب سوق الأوراق المالية ويستمر في دعم شركة الأوراق المالية المحدودة الصينية من خلال القنوات المختلفة لتحقيق استقرار سوق الأسهم وضمان عدم حدوث مخاطر مالية نظامية وإقليمية.
يذكر أن شركة الأوراق المالية المحدودة الصينية هي المؤسسة الوحيدة التي تقدم القروض المالية الهامشية لشركات الأوراق المالية المؤهلة وتعمل على تسهيل المعاملات الهامشية لشركات الأوراق المالية لتحسين نظام المعاملات الهامشية في الصين.
تأسست الشركة بشكل مشترك من قبل بورصتي شانغهاي وشنتشن للأوراق المالية وشركة إيداع ومقاصة الأوراق المالية الصينية المحدودة في أكتوبر/تشرين الأول عام 2011.
ووفقا لجهاز رقابة الأوراق المالية بالصين، فإن الشركة ستشتري المزيد من أسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة المدرجة في البورصة وذلك لتخفيف ضغوط السيولة في السوق المالية.
ومن جانبها، قامت لجنة تنظيم التأمينات الصينية بتخفيف القيود على شركات التأمين المؤهلة للاستثمار في سوق الأوراق المالية، ما يسمح لها باستثمار ما يصل إلى 10% من أصولها من الأسهم الممتازة مقارنة بنسبة 5.0% سابقاً.
وأعلنت بورصة العقود الآجلة المالية الصينية (سي إف إف إي إكس) أمس عن رفع متطلبات الهامش لأوامر البيع بالعقود الآجلة لكبح المضاربة، إذ يجب على المتداولين دفع متطلبات الهامش بمبلغ 20% من قيمة العقد ابتداءً من تصفية حسابات (الأربعاء)، وذلك بارتفاع من النسبة السابقة التي بلغت 10%.
وفي الاتجاه نفسه أعلنت شركة هويجين المركزية للاستثمار، وهي ذراع استثمارية للحكومة الصينية، مساء (الأربعاء) أنها لن تبيع الأسهم وطالبت الشركات التابعة لها بالاستمرار في شراء الأسهم لتحقيق استقرار سوق الأوراق المالية.
المساهمون