بطيخ العراق..تجارة موسمية تفتح أبوابها للجميع

11 يوليو 2015
البطيخ العراقي يمتاز بشدة الحلاوة والحمرة (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
يقف الحاج عبد الرحمن المشهداني (55 عاماً) وسط سوق شعبي في بغداد لبيع البطيخ العراقي المعروف باسم "الرقي"، منادياً بأعلى صوته لحث الزبائن على الشراء، وإفراغ ما بحوزته من بضاعة قبل غروب الشمس.
"حمراء وعلى السكين" .. و"الحق (أسرع) يا ولد".. بهذه الكلمات البسيطة يحاول المشهداني جذب انتباه المتبضعين في سوق العاصمة.
ومثل المشهداني آلاف يعملون بشكل موسمي في بيع البطيخ في أسواق بغداد وباقي المحافظات، لتوفير مصدر رزق لعوائلهم في ظل أزمة مالية تعصف بالبلاد، تسببت في توقف الكثير من الأنشطة الاقتصادية، التي كانت توفر مصدرا ماليا لذوي الدخل المحدود.
ويقول المشهداني لـ "العربي الجديد"، "نبيع الرقي بموسم الصيف، حيث نذهب لشرائه من الفلاحين بالمزارع أو في أسواق بيع الجملة، ونتربح به الشيء الطيب، وبعض الأحيان تكون الأرباح ممتازة".
وفي العراق يطلق على البطيخ الأحمر اسم "الرقي" والأصفر البطيخ، وتعتبر التربة والجو العراقيان ملائمين لزراعة النوعين، واشتهرت مدن مثل سامراء والبغدادي والفلوجة بزراعته. ويقال إن البطيخ الأصفر جلبه الفلاحون المصريون للعراق مطلع سبعينيات القرن الماضي، ولم يكن حينها مزروعا فيه، وآخرون ينسبون الفضل لهم بانتشاره لإيجاده بالعراق، حيث إنه كان موجوداً قبل مجيئهم لكن على نحو محدود.
ولبيع البطيخ أو الرقي، ميزة تختلف عن باقي الفواكه بحسب الحاج المشهداني، الذي يؤكد أنه رزق مفتوح للجميع.
ويقول المشهداني "نبيع الرقي على السكين، حيث نقوم بجلب الرقية ونوزنها ثم نشفها للمشتري، فإن كانت حمراء وحلوة اشتراها، وإن كانت لا فيردها إلينا، وهنا يكمن عامل الترقب والقلق وبعض الأحيان الحماسة، وهناك زبائن كرماء يدفعون تعويضا بسيطا عن غير الجيدة، بعد أن يأخذوا واحدة جيدة بدلاً منها، بينما لا يقوم الكثير بذلك".

كما أن عامل الفكاهة والضحك في المهنة كثير، خاصة على شكل الرقية، حينما تكون سمينة أو طويلة ونحيفة أو قصيرة ومدى تناسبها مع المشتري، وغيرها من الأمور التي تسعد وتجلب المال لنا أيضا.
ويبيع المشهداني نحو 300 رقية باليوم الواحد، حيث يوزعها على أكشاك أولاده الثلاثة في بداية السوق ووسطه ونهايته.
ويقول إنه يجني يومياً خيراً كثيراً يرفض الإفصاح عن قيمته، إلا إنه يؤكد كفايته له ولأولاده رغم أن نحو ربع كمية البضاعة تذهب إلى حظائر الأغنام والمعالف، حيث يقومون برميها كونها غير صالحة. ويؤكد أن "هناك نوعيات من البطيخ نسميها الدبابة؛ كونها كبيرة الحجم وتمتاز بإيقاع يشبه صوت الدبابة، ويصل وزنها إلى 15 كيلوغراما نبيعه بسعر 18 ألف دينار (14.9 دولارا) وله زبائن محدودون، يبحثون عن تلك الدبابات لغرض المفاخرة، وأخرى يطلق عليها الصاروخ، وهي رفيعة وطويلة وحلوة المذاق، وتباع بسعر أقل ولدينا تسميات أخرى على البطيخ بأسماء ومصطلحات عامية لا يمكن لأحد أن يفهمها غير العراقيين".
خالد أحمد، أحد باعة الرقي أوجد طريقة لبيع منتجه واتخذ موقعاً في شارع الكرادة وسط بغداد، ليبيع البطيخ على طريقة الوجبات السريعة، إذ يقوم بتقطيع البطيخ على شكل قطع صغيرة ويضعها في أطباق، لبيع الطبق الواحد بسعر ألفي دينار (1.6 دولار).
يقول أحمد إن "الإقبال كبير على الرقي لأني أشتري عدداً محدوداً ويمتاز بشدة الحلاوة والحمرة، والزبائن بعد الإفطار يفضلون تناول البطيخ، وأجني من عملي هذا يومياً ما بين 30 إلى 50 ألف دينار (24.8 و41.4 دولارا)".
وبحسب يوسف الجنابي، أحد فلاحي اللطيفية شمال بغداد، فإن "زراعة البطيخ الأحمر (الرقي)، يعتبر واحداً من أهم المحاصيل الصيفية، وهناك مناطق تعتبر معاقل زراعة الرقي، وهي مدينة الهندية في كربلاء والحويجة في كركوك والعظيم في ديالى وأجزاء من محافظة بابل وواسط جنوب البلاد.
ويضيف الجناني لـ "العربي الجديد"، أن لهذه المحاصيل موسمين؛ الأول خريفي يبدأ من منتصف أبريل/نيسان إلى شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول، ويطلق على هذا النوع بالسهيلي، والثاني يبدأ في مارس/آذار وحتى نهاية أبريل/نيسان، ويطلق عليه "الهرفي"؛ فهذان الموسمان يجعلان البطيخ متوفراً في الأسوق على مدار الموسم. ويتابع أن قلة الموارد المالية وحرب الحكومة مع تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، أفقدتا العراق مساحات واسعة، وزراعة الرقي تشتهر بها مناطق كركوك ونينوى وديالى، والعام الحالي وبسبب الاشتباكات تراجع الإنتاج بشكل كبير.
دلالات
المساهمون