"داعش" يُنعش صناعة السيوف في الموصل العراقية

"داعش" يُنعش صناعة السيوف في الموصل العراقية

20 مايو 2015
محل للسيوف في العراق (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

مع اقتراب الذكرى الأولى لسقوط الموصل (شمال شرق العراق) وسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على المدينة، بدا كل شيء قد تغير هناك، ليس على مستوى مجتمعها المعروف بالتمدن والانفتاح، بل امتد إلى مفاصلها الاقتصادية والسياسية والدينية والاجتماعية منها، حيث انتعشت مهنة "السيافة"، وهم صانعو السكاكين والسيوف والحراب والسلاسل الحديدية والكلاليب وغيرها.

ويبدو أن عودة الحياة إلى هذه المهنة جاء تأثرا بحكام المدينة الجدد (داعش)، حيث باتت الأسواق والدكاكين الصغيرة تعج بأصحاب تلك المهنة التي كانت إلى وقت قريب بين المهن المعرضة للانقراض.

ويقول عيسى المحمود (53 عاما) أحد سكان الموصل: إن "انتشار المهنة جاء بعد دخول

داعش، وهناك مئات السيوف والحراب والسلاسل تصنع كل يوم وتباع، والناس يستغلون رواج الصنعة هذه لتدبير معيشتهم، لكنهم مع الأسف لا يعلمون أنهم قد ينحرون بها يوما ما على يد من اشتراها!".

ويضيف المحمود، لـ"العربي الجديد"، أن "شارع حلب وسط الموصل الذي يتخصص في تلك الحرفة بات يعرف بشارع الذباحين، فكل رواده من عناصر داعش، إذ بات حمل السيف إلى جانب البنادق التي يحملونها تقليدا رسميا لهم، كما حال الخناجر عند اليمنيين.

وذكر المحمود، أنه حتى دكاكين الحلاقة والوجبات السريعة في الشارع تحولت إلى تلك المهنة.

ويبلغ سعر السيف الواحد ما بين 20 و100 ألف دينار (16 إلى 50 دولارا) بحسب جودة معدنه وثقله وقبضته، في حين تتراوح أسعار الحراب المعروفة باسم "القامة" ما بين 10 و50 ألف دينار عراقي.

ويقول مواطنون إن زيادة الإقبال على شراء تلك الأدوات، جاء بغرض الدفاع عن أنفسهم، بعد قيام داعش بسحب كل الأسلحة الشخصية التي كانت لديهم كالمسدسات والبنادق الكلاشنكوف وبنادق الصيد. ومع ارتفاع معدل السرقات في المدينة باتت هذه السيوف والحراب سلاح المواطنين المفضل.

اقرأ أيضاً: أزمة الموصل تثير القلق الاستهلاكي في بغداد

ويقول أحد باعة تلك السيوف بشارع حلب، ويدعى أحمد الجبوري، لـ"العربي الجديد": تحولنا إلى بيع السيوف والسكاكين الكبيرة؛ لأنها أكثر رواجا من البضائع الأخرى، وقد تتفوق على مهنة بيع الملابس والأطعمة في كثير من الأحيان، فشاغل الناس هو الأمن اليوم".

ويضيف الجبوري، وهو اسم مستعار طلب الإشارة إليه عند حديثه مع "العربي الجديد"، أن "الناس على دين ملوكهم، حتى الأطفال باتوا يحملون أسلحة بيضاء أو سوداء (بنادق نارية)، والمهنة رائجة وتدر الأرباح على الناس هنا".

ويقول الخبير الاقتصادي والأستاذ في جامعة الموصل، عبدالله عمران، في حديث لـ"العربي الجديد": إن "تنظيم داعش يحاول بشتى الطرق استخدام طريقة الترهيب والتخويف، ومنها رواج السيوف والسكاكين التي يستخدمها عناصر التنظيم في ذبح مخالفيه"، معتبراً الأوضاع الاقتصادية للمدينة شبه ميتة بسبب عدم وجود تعاملات تجارية، إلا نسبة قليلة تصل إلى 5%".

ولا تقتصر الموصل على مهنة بيع السيوف أو السلاسل، فقد شهدت بروز مهن مستحدثة جديدة

كانت هي الأخرى على وشك الانقراض، لكنها انتعشت حاليا، ومنها الطب النبوي الذي يعد حاليا بديلا عن نقص الأدوية والأطباء في المدينة، وبيع ما يعرف بـ"زي طالبان"، وهو عبارة عن بيجامة وقميص طويل يرتديه مقاتلو داعش من مختلف الجنسيات، فيما يُباع الزي الأفغاني النسائي الذي فُرض على النساء بالقوة بكثرة في المدينة، وهو الحجاب والجلباب والخمار أو النقاب.

وأعاد التنظيم وظائف ومهناً قديمة، كصناعة الجلود وتشمل الأحذية ومحافظ النقود والطاقيات على الرأس ومواقد الفحم للخبز والشواء، كبدائل طبيعية عن الغاز والكهرباء المقطوع عن المدينة، وكلها يمكن وصفها بمهن بديلة عن الحضارة التي اختفت معالمها من المدينة بشكل شبه كامل، إلا أنها تجلب مدخولا اقتصاديا لأصحابها تمكنهم من الاستمرار بالحياة على أقل تقدير.

إلا أن المهن المتعلقة بالعنف وعسكرية التنظيم تبقى الأكثر رواجا في الموصل، كالسيوف والخناجر وإصلاح الأسلحة وخياطة الأقنعة والجيوب الكبيرة حول الخصر التي تحمل فيها احتياجات المقاتل اليومية، فضلا عن أعمال تطريز وخياطة الأسماء والآيات القرآنية على الملابس.

ويتحدث السكان في الموصل عن أن تلك المهن ستتغير ولن تكون ثابتة بعد رحيل داعش عن المدينة، كما تغيرت مهن انتعشت عند احتلال الأميركيين للبلاد وتلاشت بعد انسحابهم.


اقرأ أيضاً: "داعش" يسكّ درهماً ذهبياً يعادل 4 دولارات

المساهمون