أوروبا المحظوظة

أوروبا المحظوظة

24 أكتوبر 2015
أوروبا تستفيد اقتصاديا من اللاجئين (أرشيف/Getty)
+ الخط -


بعيدا عن اللغط السياسي الجاري حاليا في القارة "العجوز" عن كلفة استقبال المهاجرين، ثمة حقيقة يصعب إنكارها: تدفق المهاجرين نعمة كبيرة بالنسبة لأوروبا الشائخة في وقت يستجمع فيه اقتصادها أنفاسه بعد بضع سنوات من المعاناة.

واهمٌ أيضا من يعتقد أن استفادة أوروبا من الهجرة واللجوء بدأت مع التدفق الكبير الذي برز إلى واجهة الأحداث هذا العام. الواقع أن العديد من الدول الأوروبية استقبلت، خلال السنوات الأخيرة، عشرات الآلاف من المهاجرين.

الدفعات الأولى من المهاجرين لم تكن من أشخاص عاديين، بل كان معظمهم مستثمرين فارين بأموالهم من جحيم الحرب أو كوادر ذات خبرة كبيرة في مجالات متعددة أسعفها تأهيلها في الحصول على فرصة عمل وتأشيرة دخول إلى الفردوس الأوروبي دون كبير عناء.

والمعلوم أن جميع الدول المتقدمة تتنافس على استقطاب هذه الفئة من المهاجرين عبر إغرائها بامتيازات.

أما الدفعات الحالية من الهاجرين فهي خليط. فيهم المتعلمون والأميون. فيهم البارعون في مهن معيّنة والمبتدئون. وأوروبا، خاصة الدول الواقعة غرب هذه القارة، تحتاج إلى جميع هؤلاء المهاجرين.

لكم أن تتساءلوا: كم يكلّف تخريج طبيب أو طيار أو معلّم أو حتى فني متخصص؟ بدون شك، يكلّف ميزانية ضخمة.

وحتى إذا سلّمنا بأن معظم الدول الأوروبية تمتلك ما يكفي من الميزانيات لتخريج كوادر عالية الكفاءة، فإنها في المقابل تفتقر إلى "المادة الخام" الضرورية لإتمام هذه العملية، وهي الشباب.
 
الأوروبيون يتذكرون جيدا كيف نفضوا عنهم غبار الحرب العالمية الثانية، وحوّلوا دمارها إلى عمران بفضل سواعد المهاجرين الذين تدفقوا إلى أوروبا من مختلف دول العالم الثالث، خاصة من الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط.

والحقيقة المرة، بالنسبة إلى العرب، أنهم يتخلّون للدول الأوروبية عن الشباب، الذين يعتبرون بحق أهم ثروة يمتلكونها في الوقت الراهن. غير أن فاقدي هذه الثروة أكثر علما ووعيا بأهميتها من مالكيها.

أوروبا لا تخفي مكاسبها من تدفق المهاجرين. فرغم أنها تتداول حاليا قضية المهاجرين باعتبارها أزمة، فإن الكثير من مسؤوليها ينبهون من حين لآخر إلى التأثيرات الإيجابية المتوقعة لتدفق المهاجرين على اقتصاد القارة مستقبلاً.



اقرأ أيضاً: ألمانيا تنتظر المهاجرين لتعويض نقص اليد العاملة

المساهمون