طالب الممثل المصري، حسن الرداد، جميع الفنانين بالاحتكاك بالمواطنين العاديين لمعرفة مشاكلهم وأزماتهم وتشخيصها بأمانة، مشيراً في حوار مع " العربي الجديد" إلى أن الفن تأثر بأمور عديدة قبل أن يتأثر بالثورة والأزمات الاقتصادية، ومنها القرصنة الفنية قبل الثورة.. إلى نص الحوار:
* كيف تقيم التطورات التي شهدتها مصر وآفاق أوضاع البلاد؟
أي مواطن مصري غيور على بلده سيحزن لما عشناه خلال الفترة الماضية، وكذلك ما نعيشه الآن من أوضاع أدت بنا إلى أمور كثيرة غير مرضية بسبب التحولات السياسية التي شهدتها بلادنا، لكننا نأمل أن تتحسن الأوضاع قريبا، وهذا الأمل هو الذي يعيننا على الصبر.
*يلاحظ أن العديد من الفنانين ينضمون إلى حملات توعية إرشادية ويشاركون في إعلانات تدعو إلى دعم مصر واقتصادها ودعم المنتج المحلي، لكنهم يظهرون بملابس مشتراة من الخارج، وأنت منهم. فكيف يقتنع الناس بكم؟
للأسف، هذه نقطة لم أفطن إليها أنا شخصياً من قبل. لكني أؤكد أنه لم يسبق لي أن سافرت إلى باريس مثلاً خصيصا لأشتري ملابس من متاجرها.
ما يحدث أني أذهب إلى أوروبا في زيارة عمل، وكأي إنسان أقوم بشراء هدايا وملابس لي ولأسرتي.
قد ينطبق هذا الأمر على العديد من الفنانين، لكن لكل فنان مبررات يفسر بها سفره إلى الخارج لشراء حاجياته، خاصة الملابس.
وشخصيا، أعاتب الفنانين الذين يسافرون إلى أوروبا خصيصا للتسوق، لأننا مطالبون بأن نشتري المنتجات المصرية دعما لأبناء مصر واقتصادها.
*باعتبارك فناناً، هل وصلتك أيضاً تداعيات الغلاء وارتفاع الأسعار؟
وهل أعيش في بلد آخر؟ أنا من أبناء الطبقة الوسطى، وأعيش في مصر وأنزل الشارع وأجالس أصدقائي، صحيح أنني لا أخرج كثيرًا بسبب ارتباطاتي الفنية، لكني لا أتردد في الخروج عندما يسمح الوقت بذلك، حيث أتوجه إلى أماكن كثيرة أعشقها.
أتردد يوميا على صالة للرياضة ألتقي فيها بأشخاص من مختلف الفئات، نناقش أمورا عديدة ومن خلال هذا النقاش أعرف الكثير عما يجري في مصر وما يعانونه من مشاكل قد لا تسلط عليها الأضواء في الإعلام، وأعتبر أن وجودي بين الناس أفضل بكثير من مطالعة ومتابعة أخبارهم عبر الإعلام والصحافة.
*لكن هناك من الفنانين من يعزل نفسه عن المجتمع، فهل تلتمس لهؤلاء الأعذار؟
لكل شخص عذره، ولكن لا بد للفنان أن يحتك بالناس لكي يصير بإمكانه التعبير عن مشاكلهم ومعاناتهم، وهذا ماتعلمناه جميعاً كفنانين.
وتوجه، بالفعل، انتقادات جماهيرية لبعض الفنانين الذين فضلوا العيش خارج مصر أو الإقامة في مدن ومنتجعات سياحية في معزل عن الجماهير، ولا يظهرون إلا في الأعمال الخاصة، لكنني أجزم بأن الجمهور يعرف كل شيء.
لذلك قلت إنه انتقاد جماهيري وليس انتقادا فنيا بالمعايير المتعارف عليها في مجال النقد الفني. أرى أن احتكاك الفنان بالناس يجعله أكثر قربا من أفراحهم وأحزانهم وأكثر فهما لمشاكلهم.
* وكيف يكون ذلك، خاصة أن بعض الفنانين يرون أن الشهرة تمنعهم من الاختلاط بالناس؟
لنضرب مثلا بأزمات معيشية مثل ارتفاع الأسعار والسولار ورفع الدعم عن السلع الغذائية. إنها أزمات يتعين على الفنان أن يكون قريباً جداً من المواطن البسيط ليقف عن كثب على رد فعله العفوي إزاء هذه الأزمات، ما يتيح للفنان قدرة أكبر على تجسيد مثل هذه المواقف في الأعمال الفنية، فالحياة أفضل مدرسة تعلم الفنان ما غاب عنه في دروس معاهد التمثيل وتطور خبراته وتشكل لديه وعيا بأحوال الناس ومعاناتهم.
*وهل تأثر الفن في مصر، من وجهة نظرك، بالأحداث التي عرفتها البلاد خلال السنوات الأخيرة؟
الفن تأثر بأمور عديدة قبل أن يتأثر بالثورة والأزمات الاقتصادية. قبل الثورة، كنا نعاني من القرصنة، فالأفلام كانت وما زالت تسرق من السينما وتعرض للبيع بأسعار بخسة غداة عرضها في دور العرض السينمائية ما يكبد منتجي الأعمال السينمائية خسائر كبيرة. فالقرصنة أثرت على صناعة الفن، قبل الثورة، لكن حجمها ازداد بكثير بعدها.