هناك صورتان نشرتا في وسائل الإعلام المصرية منذ 6 شهور ولا يمكن أن يغيبا عن الأنظار لسنوات، ذلك لأنهما يلخصان بدقة كيفية التعامل المضحك مع أكبر أزمتين تعيشهما مصر حالياً، وهما أزمتا السكن والصحة.
الصورة الأولى عندما خرج علينا اللواء عبد العاطي بمشروع الكفتة الشهير الذي أعلن من خلاله التوصل إلى جهاز يعالج مرضى فيروس الكبد الوبائي، والثانية عندما خرجت علينا الصحف بصورة تجمع بين الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع في ذلك الوقت وهو يصافح حسن اسميك الرئيس التنفيذي لشركة أرابتك الإماراتية، عقب إبرام اتفاق بين الجيش وأرابتك لإنشاء مليون وحدة سكنية بتكلفة 40 مليار دولار "288 مليار جنيه".
المشهدان سبقا مباشرة الانتخابات الرئاسية، وجاءا في إطار الترويج للسيسي، وتم من خلالهما إرسال رسالة بأن أزمات المصريين الكبرى في طريقها إلى الحل، وأن النظام الجديد قادر على التعامل مع أعقد الملفات. فأزمة الإسكان التي فشلت الحكومات المتعاقبة في حلها سيتم حلها على أيدي أرابتك، وأن الملايين الذين يعيشون في المقابر والعشوائيات سيودعون المباني غير الآدمية للأبد، وسينتقلون إلى وحدات مبنية على طراز أبراج دبي.
لكن للأسف استيقظ المصريون على حقيقة مرة، وهي أن مشروع عبد العاطي تحول إلى فنكوش كبير، وأن مشروع أرابتك أيضا قد يتحول إلى فنكوش أكبر، قد يتفوق على فنكوش عادل إمام الشهير.
أمس تم الكشف عن أرقام قد تطيح بشركة أرابتك، فقد ارتفعت قيمة المشروعات التي لم تكمل الشركة تنفيذها إلى الضعفين، لتصل إلى نحو 7.1 مليار دولار خلال عامين.
وقفزت الأموال المتأخرة المستحقة لها عند عملائها إلى 9.1 مليار درهم في النصف الأول من 2014 مقابل 6.6 مليار درهم قبل عام. وانكمش الرصيد النقدي للشركة إلى 1.1 مليار درهم في يونيو/حزيران الماضي من 2.7 مليار درهم في الربع الثالث من 2013.
هذه الأرقام تقول ببساطة إن سيولة أرابتك قد تنفد وتضطر إلى اقتراض أموال أو إبطاء مشروعاتها التي تضطلع بتنفيذها، ومن بين هذه المشروعات، بالطبع، إقامة مليون وحدة سكنية في مصر.