كشف مصدر مطلع في لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري، الأحد، أن أسعار الكهرباء للاستهلاك المنزلي سترتفع بنسبة كبيرة تتجاوز 41% اعتباراً من 1 يوليو/ تموز المقبل، بالتزامن مع بدء العام المالي 2023-2024، في إطار التزام الحكومة بتطبيق خطة إعادة هيكلة قطاع الكهرباء، التي تقضي بفرض زيادة سنوية على أسعار الاستهلاك مع بداية كل عام مالي.
وقال المصدر في حديث خاص مع "العربي الجديد" إن الزيادة الجديدة في أسعار الكهرباء المنزلية ستكون مضاعفة، بسبب قرار الحكومة تأجيل زيادة تعريفة بيع الكهرباء ومقابل خدمة العملاء حتى 30 يونيو/ حزيران المقبل، استجابة لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن إرجاء تطبيق الزيادة خلال العام المالي 2022-2023، وذلك لمدة 12 شهراً على مرتين.
وأوضح المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن خطة إعادة الهيكلة كانت تقضي برفع سعر الكيلوواط للشريحة الأولى من الاستهلاك المنزلي (من صفر إلى 50 كيلوواط في الشهر) من 48 قرشاً (الجنيه = 100 قرش) إلى 58 قرشاً مع بداية العام المالي 2022-2023، ثم إلى 68 قرشاً مع بداية العام 2023-2024، أي أن الزيادة الفعلية ستكون مضاعفة بسبب قرار التأجيل، من 48 قرشاً إلى 68 قرشاً للكيلوواط، بارتفاع نسبته 41.66%.
وأضاف أنه بداية من فاتورة شهر يوليو، سترتفع أسعار الشريحة الثانية (من 51 إلى 100 كيلوواط) من 58 قرشاً إلى 68 قرشاً، بزيادة 17.24%، والشريحة الثالثة (من صفر إلى 200 كيلوواط) من 77 قرشاً إلى 90 قرشاً، بزيادة نسبتها 16.88%، والشريحة الرابعة (من 201 إلى 350 كيلوواط) من 106 قروش إلى 119 قرشاً، بزيادة 12.26%.
وأشار المصدر إلى زيادة أسعار الشريحة الخامسة (من 351 إلى 650 كيلوواط) من 128 قرشاً إلى 135 قرشاً، بزيادة 5.46%، والشريحة السادسة من الاستهلاك المنزلي (من 651 إلى ألف كيلوواط) من 140 قرشاً إلى 145 قرشاً، بزيادة 3.57%، والشريحة السابعة (أكثر من ألف كيلوواط في الشهر) من 145 قرشاً إلى 150 قرشاً، بزيادة 3.44%.
وتابع أن مشروع الموازنة الجديدة للدولة عن العام 2023-2024 لم يتضمن اعتمادات مالية في بند دعم الكهرباء، الذي سجل "صفراً" للعام المالي الخامس على التوالي، غير أن الحكومة تعزو الزيادة السنوية في أسعار الاستهلاك المنزلي (حتى منتصف عام 2025) إلى دعم الاستهلاك للقطاع الصناعي بواقع 22 مليار جنيه (نحو 710 ملايين دولار) على 5 سنوات نتيجة تثبيت الأسعار، إضافة إلى تخصيص 29.9 مليار جنيه لصالح محطات الكهرباء العاملة بالغاز الطبيعي.
وكانت الحكومة قد ثبتت أسعار بيع الكهرباء للاستهلاك الصناعي والتجاري لمدة 5 أعوام مالية، بدعوى مراعاة تداعيات أزمة جائحة كورونا عام 2020، وعدم تسبب زيادة أسعار الكهرباء في ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية. إلا أنها قررت في الوقت ذاته تعويض فارق الدعم من جيوب المواطنين، من خلال زيادة أسعار الاستهلاك المنزلي في نفس الفترة.
وفي 15 يناير/ كانون الثاني الماضي، قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحافي على هامش زيارته إلى محافظة شمال سيناء، إن "الدولة (الحكومة) تتحمل دعماً كبيراً في بند الكهرباء، ولولا ذلك لتضاعفت أسعار استهلاك الكهرباء على المواطنين ثلاث مرات على الأقل"، على حد زعمه.
وأضاف مدبولي: "من يدفع 300 جنيه شهرياً لاستهلاك الكهرباء، كان من المفترض أن يدفع 1000 جنيه وفقاً للأسعار الحقيقية. والدولة رأت تأجيل زيادة أسعار الكهرباء لمدة عام كامل (2022-2023)، على الرغم من زيادة تكلفة إنتاج الكهرباء بسبب ارتفاع أسعار الوقود والغاز وسعر الصرف".
وفقد الجنيه المصري نحو نصف قيمته خلال 14 شهراً، بسبب هروب مليارات الدولارات من "الأموال الساخنة" في أعقاب الحرب الروسية في أوكرانيا، حيث كان الدولار يساوي 15.70 جنيهاً حتى 21 مارس/ آذار 2022.
وتعد الزيادة المرتقبة في أسعار الكهرباء هي التاسعة على التوالي منذ تولي السيسي الحكم عام 2014، إذ بدأت خطة تحرير أسعار الكهرباء في العام المالي 2014-2015، وكان من المقرر الانتهاء منها بحلول العام 2019-2020، لكن الحكومة، ممثلة بوزارة الكهرباء، قررت تمديد جدولها الزمني لإلغاء الدعم حتى نهاية العام المالي 2024-2025.
وأثقلت الفواتير الشهرية لاستهلاك الكهرباء والغاز الطبيعي ومياه الشرب الأعباء المعيشية على المصريين، لا سيما الفقراء منهم ومحدودي الدخل، الذين باتوا يقتطعون ربع دخلهم على الأقل لسداد هذه الفواتير، بعد أن ارتفعت أسعار الكهرباء بنسبة تزيد على 860% منذ عام 2014، وأسعار الغاز بنسبة تصل إلى 2400%، رضوخاً لاشتراطات صندوق النقد الدولي بشأن تحرير أسعار بيعها.
وادعى السيسي، خلال افتتاح محور مروري بمحافظة الإسكندرية في 5 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أن "المواطنين في بلاده لا يدفعون الثمن الحقيقي لأسعار الكهرباء والغاز والأسمدة، إذا وضع في الاعتبار ارتفاع أسعارها عالمياً، وتراجع قيمة العملة المحلية مقابل الدولار".
وقال السيسي (آنذاك): "لو حاسبنا المواطن على الأسعار الحقيقية لبعض الخدمات، فستكون فوق طاقته، وأقول لكل المصريين إن الدولة ضخت أموالاً ضخمة في قطاعات مثل الكهرباء والطاقة. وسعر الغاز الطبيعي ارتفع مثلاً بنسبة 170% على مستوى العالم، وكذلك أسعار الكهرباء التي كان يجب أن تكون مرتفعة جداً، سواء على المصانع أو على المواطنين".
وفي الشهر نفسه، وجه السيسي الحكومة بتنفيذ مخطط يهدف إلى ترشيد استهلاك الكهرباء، ويقضي بتخفيض إنارة الشوارع والميادين العمومية والمحاور الرئيسية واستخدام الكهرباء في المؤسسات والمصالح الحكومية، والالتزام بالإغلاق في المواعيد الخاصة بالمحال العامة، بغرض توفير نسبة 15% من الغاز الطبيعي المستخدم في محطات الكهرباء، والاستفادة منه بتصديره إلى الخارج لزيادة موارد الدولة من العملة الصعبة.
وبحثت الحكومة، في اجتماع موسع أخيراً، الموقف التنفيذي لبرنامج الطروحات في قطاع الكهرباء، بحجة تعزيز دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، استناداً إلى وثيقة سياسة ملكية الدولة. وتناول الاجتماع المستجدات المتعلقة بطرح أسهم محطة كهرباء "سيمنز" في محافظة بني سويف (جنوب) أمام المستثمرين.
ومُولت محطات الكهرباء الثلاث لشركة "سيمنز" في مصر (بني سويف والبرلس والعاصمة الإدارية الجديدة) بقروض دولية ومحلية، تصل قيمتها إلى 7.3 مليارات دولار (نحو 226 مليار جنيه).
وقدمت مصارف "التعمير الألماني"، و"دويتشه بنك" الألماني، وفرع "إتش إس بي سي" في ألمانيا، تمويلاً بقيمة 4.1 مليارات يورو، تعادل 85% من إجمالي التمويل المطلوب.
يذكر أن الدين الخارجي لمصر قفز بنسبة 5.5% خلال الربع الأخير من العام الماضي، ليصل إلى 162.9 مليار دولار بنهاية ديسمبر/ كانون الأول 2022، مقابل 154.9 مليار دولار في سبتمبر/ أيلول الماضي. ومقارنة بنهاية عام 2021، ارتفع الدين الخارجي بنسبة 11.9% من مستوى 145.5 مليار دولار، وبزيادة نحو 17.4 مليار دولار.
(الدولار = 30.95 جنيها)