- تحسن قيمة الجنيه المصري أمام الدولار، مما أدى إلى توقعات بانخفاض أسعار العملات الصعبة وزيادة جاذبية الاقتصاد المصري للاستثمارات الأجنبية.
- وفرة السيولة أثرت على سوق العقارات وأسعار السلع، مما يساعد في السيطرة على التضخم وتعزيز القوة الشرائية، مشيرة إلى مرحلة جديدة من الاستقرار والنمو للاقتصاد المصري.
أنعشت صدمة السيولة بنوك مصر ونشرت حالة من التفاؤل مشوبة بالحذر، إثر ضخ البنك المركزي نحو 6 مليارات دولار في خزائن البنوك المحلية، وسحبه تريليون جنيه دفعة واحدة، عقب تلقّيه 20 مليار دولار من صفقة الإنقاذ المالي للنظام التي تقدمت بها الإمارات، باتفاق مع صندوق النقد الدولي في مارس/آذار الماضي.
بلغت حصيلة البنك المركزي من صفقة الإنقاذ نحو 24 مليار دولار نقدا خلال شهرين فقط، بالإضافة إلى ما يعادل 11 مليار دولار بالعملة المحلية، مكّنته من رفع الاحتياطي النقدي وسحب نحو 2.1 تريليون جنيه من فائض السيولة لدى البنوك.
تراجع سعر الدولار
دفعت السيولة بالدولار إلى تراجع سعر العملات الصعبة مقابل الجنيه، خلال اليومين الماضيين، في اتجاه هبوطي عن مستوى 47 جنيها للدولار. بلغ سعر الدولار 46.79 جنيها ظهر أمس الأربعاء، مع هبوطه في السوق الموازية عن السعر السائد في البنوك، إلى 46.49 جنيها، وتقابل لأول مرة سعر الدولار في سوق الذهب عند نقطة التعادل مع البنك المركزي، عند 46.79 جنيها.
يتوقع محللون استمرار حالة التراجع للدولار والعملات الصعبة، خلال الأيام المقبلة، لينزل إلى مستوى أقل من 45 جنيها.
أحدثت وفرة السيولة بالدولار هزة ضخمة في سوق العقارات، وارتباكا في أسعار السلع الغذائية والسيارات والأجهزة المنزلية والسلع غير الاستهلاكية.
أرجع خبير أسواق المال سمير رؤوف، ارتباك الأسواق إلى انتهاء حالة المضاربة على تسعير السلع والمنتجات التي يطرحها الموردون والمصنعون الذين حددوا نقطة التوازن لمنتجاتهم عند سعر دولار يوازي 70 جنيها منذ شهرين، لينزل مع التعويم الأخير للجنيه في مارس/آذار الماضي إلى 60 جنيها للدولار، بينما الوضع الحالي يتطلب أن ينخفض مرة أخرى إلى مستويات أقل من 50 جنيها، لمواكبة التغير في سعر الصرف، وسهولة حصول الموردين والأفراد على العملة الصعبة من البنوك.
توقع رؤوف أن تشهد الأسواق تراجعا في الأسعار جراء توافر الدولار، وتحسّن قيمة الجنيه، مع لجوء البنك المركزي إلى سحب كميات هائلة من السيولة، والتوقف التام عن طبع نقود جديدة، في إطار تنفيذه اتفاقا مع صندوق النقد الدولي يستهدف تحقيق مرونة سعر الصرف وكبح التضخم. يؤكد رؤوف أن الفترة المقبلة ستشهد انفجار فقاعة قطاع العقارات، حيث ستضطر الشركات إلى النزول بتقديرات الأسعار التي حددت الدولار ما بين 90 إلى 100 جنيه، لتهبط عند مستويات السعر السائد بالبنوك في الفترة المقبلة.
قال خبير أسواق المال لـ"العربي الجديد" إن لجوء البنك المركزي إلى سحب السيولة من البنوك، سيؤدي إلى تعزيز الجنيه وتراجع معدلات السيولة في أيدي المواطنين، بما يساعد على خفض معدلات التضخم، ولجوء المنتجين والشركات إلى زيادة السلع في الأسواق لجذب المستهلكين، بما يمكنهم من تحقيق نقطة التعادل في الاقتصاد، ومواجهة التراجع المتوقع في الأسعار.
أوضح رؤوف أن التراجع في أسعار السلع الغذائية سيظهر جليا في حدود 3 أشهر، بينما تخضع باقي السلع والمنتجات لدورات زمنية مختلفة، لا تتخطى 6 أشهر، لتظهر معدلات حقيقية للأسعار عند متوسط سعر 50 جنيها للدولار.
السيطرة على التضخم
أكد خبير التمويل والاستثمار وائل النحاس لـ"العربي الجديد" أن سحب "المركزي" 2.1 تريليون جنيه من البنوك، وضخه الدولار في البنوك، وفقا لاحتياجات السوق، سيؤدي إلى السيطرة على معدلات التضخم، وسعر الدولار حتى شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بينما تظل الدولة في حاجة إلى المزيد من الصفقات المالية الكبرى، لتواصل الضغط على الدولار والنزول به عند مستويات مستهدفة من البنك المركزي إلى نحو 40 جنيها للدولار ومعدل تضخم يقل عن 20% بنهاية العام المالي المقبل.
أوضح أن تأثير سحب السيولة من البنوك مقابل دفع فائدة أعلى من "المركزي" سيؤدي إلى سعيه لتثيب سعر الفائدة في اجتماع لجنة السياسات النقدية 23 مايو الجاري، مشيرا إلى توقف البنوك عن إصدار شهادات ادخار مرتفعة العائد.
يتوقع النحاس تراجع سعر الدولار عند مستوى 44- 46 جنيها خلال الربع الأول من العام المالي المقبل 2024-2025، متأثرا بوفرة الدولار، وسحب السيولة من البنوك، مشيرا إلى أنه في حالة زيادة تحويلات المصريين المتراجعة منذ عامين، خلال موسم الصيف المقبل، وانتهاء العدوان الإسرائيلي على غزة، واستعادة زخم حركة السفن، وزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر، يمكن أن يتراجع الدولار عند مستوى 40 جنيها، بنهاية العام الجاري 2024.
وتواجه البلاد تراجعا في عوائد قناة السويس، بنسبة 57%، منذ بداية يناير/كانون الثاني حتى 12 إبريل الماضي، وفقا لتقديرات هيئة قناة السويس، متأثرة بتراجع 46% من عدد السفن والشحنات المارة بالقناة. يشير محللون إلى أهمية خفض الفائدة ومحاربة التضخم، لمساعدة الاقتصاد على النمو، وتوفير فرص العمل للعاطلين، وإخراج الشركات من مرحلة الركود العميق التي تمر به للعام الرابع على التوالي.
وسحب البنك المركزي لأول مرة في تاريخه تريليونا و50 مليون جنيه من فائض السيولة لدى 32 بنكا من بين 38 بنكا تعمل داخل البلاد، تقدمت بطلب شراء أدوات دين حكومية خلال العطاء الأسبوعي لـ"المركزي" الذي أجري أول أمس الثلاثاء، بعائد مرتفع 27.75%.
أكد خبير التمويل والاستثمار وائل النحاس لـ"العربي الجديد" أن سحب "المركزي" 2.1 تريليون جنيه من البنوك، وضخه الدولار في البنوك، سيؤدي إلى السيطرة على معدلات التضخم،
رفع السحب الأخير قيمة السيولة التي تحصل عليها من البنوك خلال الشهرين الماضيين إلى 2.1 تريليون جنيه، في عطاءات أسبوعية للسيولة التي استحدث نظاما جديدا لها في إبريل/نيسان الماضي، يقضي بقبول كل طلبات البنوك المقدمة، لشراء أدوات الدين الحكومية، وعدم الاعتماد على نظام التخصيص القائم من قبل والذي اعتمد على 9 بنوك عامة، لم تتمكن من توفير العطاءات المطلوبة لـ"المركزي" خلال الشهرين الماضيين.
استهدف الإجراء، طرح المركزي سعر فائدة أكبر على البنوك، على عطاءات السندات وأذون الخزانة، لسحب السيولة المتراكمة لديها لتوظيفها في كبح التضخم.
تعد آلية الودائع المربوطة أحد أدوات السوق المفتوحة لإدارة حجم السيولة، وامتصاص الفائض منها لدى الجهاز المصرفي، لتوظيفها في خفض حجم المعروض النقدي من الجنيه.
وبلغ احتياطي "المركزي" من النقد الأجنبي 40.36 مليار دولار نهاية مارس 2024، مقابل 35.31 مليار دولار مارس قبل الماضي.
زاد احتياطي المركزي، إثر تلقّيه الدفعة الأولى من صفقة بيع مدينة رأس الحكمة للصندوق السيادي الإماراتي، بنحو 15 مليار دولار، ويتوقع زيادته نهاية الشهر الجاري، عقب تلقيه الاثنين الماضي، الدفعة الثانية من قيمة الصفقة، بقيمة 20 مليار دولار، تشمل 14 مليار دولار سيولة مباشرة و6 مليارات دولار من وديعة الإمارات في البنك المركزي.