عُمان: ثروات النيكل تعزّز إنتاج السيارات الكهربائية

23 مارس 2023
السلطنة تقتحم مجال السيارات الكهربائية (Getty)
+ الخط -

سلطت أول اتفاقية مع شركة أجنبية في عُمان للتنقيب عن المعادن، الضوء على قطاعات اقتصادية تستهدفها حكومة السلطنة، في ظل توالي المشروعات الخاصة بمصادر الطاقة المتجددة والنظيفة.
وتهدف الاتفاقية مع شركة "نايتس باي"، التي تم التوقيع عليها بداية شهر مارس/آذار 2023، إلى بناء وتطوير ومعالجة معادن البطاريات الحديثة، بدون أي انبعاثات كربونية، ولذا حصلت الشركة البريطانية على حق الامتياز في المنطقة التعدينية رقم 21 بمحافظة شمال الشرقية، حسبما أوردت وكالة الأنباء العمانية.
وتفيد الدراسات الاستكشافية بوجود ثروة من خام النيكل بمنطقة التنقيب، ما يخدم صناعة البطاريات الخاصة بالسيارات الكهربائية، إذ يعتبر النيكل أحد المعادن الأساسية في صناعة تلك البطاريات، حيث يستخدم في تركيب خلاياها، التي تشكل جزءًا كبيرًا من مجمل تكلفة صناعة السيارات الكهربائية.
وحسب مراقبين، فإن الاتجاه العالمي السائد حاليا يتمثل في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية بالمزيد من النيكل والقليل من الكوبالت لارتفاع أسعاره، ما يعني أن استخدام النيكل سيمكن الشركات المصنعة لبطاريات السيارات الكهربائية من تحقيق مزايا اقتصادية كبرى.

ومن المتوقع أن يزداد الطلب على النيكل عالميا في إطار نمو السوق العالمية للسيارات الكهربائية بنسبة 70% في عام 2022، حسبما أوردت دراسة حديثة، أجرتها شركة الاستشارات والتدقيق العالمية PWC (برايس ووترهاوس كوبرز).
وإزاء ذلك، تبدي السلطنة اهتماما واضحا بصناعة السيارات الكهربائية باعتبارها تمثل أحد قطاعات التنويع الاقتصادي من جانب، ومرتكزا باستراتيجية الوصول إلى الحياد الكربوني بالسلطنة عام 2050 من جانب آخر.
وكانت شركة "ميس" العُمانية قد أطلقت أول سيارة كهربائية محلية الصنع في السلطنة في 22 فبراير/شباط 2022، وتعمل على أن تكون منافسًا مهماً في هذا القطاع.

مسوحات جيولوجية
تقدر الاستثمارات المبدئية المتعلقة بمرحلة الاستكشاف والتقييم في اتفاقية "نايتس باي" بنحو 25 إلى 30 مليون دولار، في السنوات الثلاث الأولى، يتم صرفها لتغطية مساحة قدرها 1444 كيلومتراً مربعاً، تشمل مسوحات جيولوجية وحفر عدد من الآبار الاستكشافية والتقييمية، حسبما أوردت الوكالة العمانية عن مدير عام المديرية العامة للاستثمار بوزارة الطاقة والمعادن، صلاح الذهب.
وبلغ إجمالي إنتاج السلطنة من المعادن بنهاية العام 2021 60.3 مليون طن، بحسب بيانات رسمية، فيما شملت مشروعات التعدين لعام 2022، 15 مشروعا، وفق بيانات شركة "ستاتيستا" الألمانية، المتخصصة في معلومات السوق والمستهلكين.
وأوردت البيانات ذاتها أن الاستخراج العالمي للنيكل من المناجم بلغ 3.3 ملايين طن متري في عام 2022، وهو رقم يفوق أ ضعف إنتاج العام 2010.
وأمام آفاق الزيادة الكبيرة لاكتشاف النيكل عالميا، تستعد عمان لتقديم مجموعة جديدة من مناطق امتياز التعدين في الربع الأول من عام 2023، حسبما أعلنت وزارة الطاقة والمعادن.

جدوى اقتصادية
وإزاء ذلك، يلفت الخبير الاقتصادي، حسن البشير، إلى أن اهتمام سلطنة عمان بثروة النيكل يأتي من منطلق يرتبط بجدواها العالية في ظل سعي السلطنة لتنويع اقتصادها والتخلص من الثقل الريعي في الاقتصاد المعتمد على عائدات النفط والغاز، حسبما صرح لـ "العربي الجديد".
فالنيكل مادة مغناطيسية تصنف ضمن الفلزات الانتقالية، وهو من العناصر الكيميائية ذات الاستخدامات المتعددة، وفق البشير.

من المتوقع أن يزداد الطلب على النيكل عالميا في إطار نمو السوق العالمية للسيارات الكهربائية بنسبة 70% في عام 2022


ولا يوجد النيكل بشكله الحر في الطبيعة إلا نادرا، إذ غالبا ما يكون مرتبطا بعناصر أخرى ضمن معادن مختلفة، ولذا فإن قرار سلطنة عمان بالاستثمار في تنقيبه يبدو مرتبطا بمسوحات تخصصية أيدت وجوده بكميات تجارية تسمح بالاستخلاص المجدي اقتصاديا، حسبما يرى البشير.

ميزة تنافسية
يلفت البشير إلى أن استخراج النيكل يكثر في إندونيسيا والفيليبين وأستراليا وروسيا وكندا، ولا تتوفر معلومات عن وجوده في منطقة الخليج، ما يعني أن سلطنة عمان تستثمر في ميزة تنافسية محتملة بالمنطقة.
كما أن استخدامات النيكل لا تقتصر على صناعات واعدة فقط، كالسيارات الكهربائية، بحسب البشير، بل باستخدامات "استراتيجية" أخرى، مثل سك النقود المعدنية، وهو ما يجري في الولايات المتحدة وأوروبا وبريطانيا، مشيرا إلى أن فئة الخمسة سنتات يدخل النيكل في صناعتها، وكذلك فئة الـ 1 و2 يورو، وكذلك فئات الـ 1 و2 جنيه إسترليني.
وينوه الخبير الاقتصادي إلى تعزيز قيمة التنقيب العماني عن ثروة النيكل بعد ارتفاع سعر الخام عالميا إلى 4 أضعاف إثر الغزو الروسي لأوكرانيا وفرض العقوبات على روسيا، التي تنتج أكثر من 265 طنا سنويا، ليبلغ 100 ألف دولار للطن الواحد.
ومن شأن ارتفاع سعر النيكل أن يرفع سعر جميع الصناعات الداخل فيها، بما فيها السيارات الكهربائية، ولذا يرى البشير أن حكومة عمان تحاول مواكبة الفرصة السانحة لتكون ضمن المنتجين لعدد من الصناعات المستقبلية، وبشكل خاص: صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، التي تعتبر دول مجلس التعاون الخليجي من الأسواق الواعدة لها.

المساهمون