زلازل تركيا تقلق المستثمرين الدوليين لكن استجابة أردوغان تلقى ترحيبهم

09 فبراير 2023
الرئيس التركي أثناء جولاته الميدانية في المناطق المنكوبة ومواساته المتضررين (الأناضول)
+ الخط -

أثارت الكارثة الإنسانية التي خلفها زلزال تركيا مباعث قلق المستثمرين الدوليين الذين أقروا في الوقت نفسه بأن استجابة الرئيس رجب طيب أردوغان للأزمة ستهيمن من الآن على الفترة التي تسبق الانتخابات المقررة في مايو/أيار المقبل.

فمع تأكيد مقتل أكثر من 14 ألف شخص في تركيا بسبب الزلزال، فإن العديد من القضايا التي كان من المتوقع أن تحدد مصير الانتخابات المقرر إجراؤها في 14 مايو المقبل، مثل التضخم المرتفع للغاية والأمن الإقليمي، قد تجاوزها فجأة الاندفاع نحو إنقاذ الأرواح.

ومن الطبيعي أن يكون التركيز الفوري على جهود الإنقاذ والمنازل التي دمرت، لكن بحلول الوقت الذي تأتي فيه الانتخابات، سيحكم الناخبون على كفاءة تصرف الحكومة إزاء هذه الكارثة الكبرى.

من المحللين كريستيان كوبف، رئيس الدخل الثابت والعملات في "يونيون إنفستمنت" في فرانكفورت، التي تحتفظ بعشرات ملايين اليوروات من السندات التركية، قال إن "الزلزال الآن ورقة جامحة كبيرة هنا، فهناك رأي مفاده أن الناخبين يتحدون خلف الحكومة بعد كارثة طبيعية، لكن لم يكن هذا هو الحال قبل 21 عاما وقد لا يكون الأمر كذلك الآن".

وكان كوبف يشير إلى انتخابات 2002 التي أجريت بعد 3 سنوات من زلزال بلغت قوته 7.6 درجات في إزميت، قرب إسطنبول، موديا بحياة قرابة 18 ألف شخص.

حينها، أطاحت الانتخابات بحكومة الائتلاف بشكل حاسم، حيث رأى الناخبون أن كارثتها وما تلاها من أزمة مالية سيئة، كانت هي المسؤولة عنها جزئيا.

ومع أن حكومة أردوغان تواجه مخاطر مماثلة إلا أنها سارعت إلى الاستجابة، ليس فقط من خلال التعهد بالدعم وزيارة المنطقة المتضررة، ولكن أيضا فيما يتعلق بالأسواق المالية.

فقد أوقفت لخمسة أيام تداولات بورصة إسطنبول التي شهدت تراجع مؤشر أسعار الأسهم بنحو 15% أو 5 مليارات دولار منذ يوم الاثنين. وفي خطوة غير مسبوقة، قالت إنه سيتم إلغاء جميع تداولات الأربعاء.

يُشار إلى أن الأسهم التركية ارتفعت 200% العام الماضي بعد إقبال كثيف من السكان المحليين، الذين عانوا لسنوات بسبب التضخم المتصاعد وانهيار العملة، وهم يمتلكون الآن 70% من جميع حيازات الأسهم، ارتفاعا من 35% عام 2020، في حين تراجعت الحصة التي يملكها المستثمرون الأجانب، الذين كانوا يتخلصون أيضا من السندات الحكومية التركية، إلى أقل من الثلث.

ويرجع هذا النزوح غالبا إلى بيئة العمل وإصرار الرئيس على أسعار الفائدة المنخفضة والقروض الرخيصة حتى في مواجهة التضخم المرتفع والانهيارات المتكررة في الليرة.

الوقت المناسب لاستخدام قوة أردوغان مركزية

المحلل التركي المخضرم في "بلوباي" BlueBay في لندن، تيم آش، قال إنه رغم أن كارثة هذا الأسبوع ستضرب اقتصاد البلاد، فقد لا تكون بنفس الصعوبة التي كانت عليها عام 1999 عندما تقلص الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 3.3%، بعد نمو بنسبة 3% في العام السابق.

وقرب إزميت من إسكان طنبول يعني أن زلزال 1999 ضرب القلب الاقتصادي للبلاد، فيما تمثل المنطقة الجنوبية الشرقية التي ضربتها كارثة يوم الاثنين، نسبة أقل بكثير من 9.3% من الناتج المحلي الإجمالي الوطني و8.5% متواضعة من الصادرات.

وقال آش عن توقعات تركيا: "يتوقع صندوق النقد الدولي لاقتصاد تركيا نموا نسبته 3% لهذا العام، وأنا متحيّز للتفكير بنسبة أقل من هذه".

ومهما كان هذا الرقم المتوقع، فإن القضية الأوسع تكمن في كيفية تأثير الزلزال واستجابة أردوغان للكارثة الإنسانية على الانتخابات التي يُنظر إليها بالفعل على أنها الأكثر أهمية في تاريخ الجمهورية التركية الممتد لقرن.

ولم يقتصر الأمر على تعهد كتلة المعارضة بالعودة إلى الاقتصاد التقليدي إذا فازت في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بل أيضا التزامها بعكس التغييرات التي منحت أردوغان البالغ من العمر 68 عاما السيطرة الكاملة تقريبا على عملية صنع القرار في السنوات الأخيرة.

كبير الاقتصاديين في "هندلزبانكن" Handelsbanken إريك مايرسون قال إن هذه القوة هي التي سيحتاج الناخبون الآن إلى رؤيتها تعمل.

وقال مايرسون: "إذا كان هناك وضع يمكن فيه استخدام كل القوة المركزية التي راكمها أردوغان على مر السنين للأبد، فهذا هو الحال، ولكن إذا أخطأ في الاستجابة، فربما تكون هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير".

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون