روسيا تتجه لتشريع الصيرفة الإسلامية للحد من تداعيات العقوبات

20 يوليو 2022
عقوبات جديدة استهدفت صادرات الذهب الروسية وجمدت أصولاً في أكبر بنك روسي (فرانس برس)
+ الخط -

مع تزايد التوقعات بإطالة أمد الأزمة في العلاقات بين موسكو والغرب، على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، تبحث روسيا عن تنويع شراكاتها الخارجية مع الدول التي لم تنضم إلى العقوبات المفروضة عليها، بما فيها الدول الإسلامية في آسيا والعالم العربي.

ومن المؤشرات التي تدعم هذا التوجه عزم مجلس الدوما (النواب) الروسي مناقشة مشاريع قوانين تنظم الصيرفة الإسلامية في روسيا الخريف المقبل.

ولأن الشريعة الإسلامية تحظر الإقراض مقابل فوائد، فلا يمكن للمصارف وغيرها من المؤسسات الائتمانية التقليدية الروسية بمنتجاتها الاعتيادية تقديم خدمات الصيرفة الإسلامية، مما يضطر المشرعين الروس لوضع آلية قانونية لتنظيم التمويل بالمشاركة الذي يعد أهم صيغ التمويل في المصارف الإسلامية.  

وتعليقاً على هذا المشروع، تلفت الباحثة في المدرسة العليات للاقتصاد بموسكو، فاليريا ستيفانينكو، إلى أن المحاولة الحالية لتقنين الصيرفة الإسلامية في روسيا "ليست الأولى من نوعها"، متوقعة أن يؤدي تنظيمها إلى "زيادة ثقة المستثمرين القادمين من الشرق الأوسط، وسيوفر ضمانات لهم".  

وتقول ستيفانينكو، التي أعدت مجموعة من البحوث في مجال الصيرفة الإسلامية، في حديث لـ"العربي الجديد": "على الأرجح، سيكون المستهلك الرئيسي لشراكة التمويل هو قطاع الأعمال والجهات الحكومية الإقليمية. منذ تسعينيات القرن الماضي، شهدت روسيا محاولات متكررة لاستحداث مثل هذا النوع من التمويل، والموجة الحالية من الاهتمام بالصيرفة الإسلامية هي الرابعة منذ ذلك الحين".

وحول تأثير استحداث الصيرفة الإسلامية في روسيا على جذب الاستثمارات في ظروف العقوبات الغربية، تصيف: "هناك دائما إقبال على الاستثمار، ويجب البحث عن فرص جديدة. سيقدم تثبيت التمويل بالمشاركة على مستوى القانون بعض الضمانات للشركاء في الشرق الأوسط وغيره من المناطق لقدرتنا على العمل معهم وفق القواعد التي اعتادوا عليها".  

وكانت صحيفة "كوميرسانت" الروسية قد ذكرت، في الأسبوع الماضي، أن الصيرفة الإسلامية التي لا تقتضي أي عوائد ناجمة عن الفائدة قد يتم تقنينها في روسيا في القريب العاجل، على أن تزاولها مؤسسات مالية غير ائتمانية من نوع جديد، أي منظمات التمويل بالمشاركة.  

وأكد رئيس لجنة سوق التمويل بمجلس الدوما (النواب) الروسي، أناتولي أكساكوف، للصحفية أن مشاريع قوانين منظمة للصيرفة الإسلامية في روسيا سيجري النظر فيها خلال الدورة البرلمانية الخريفية. 

وحصلت "كوميرسانت" على مشروع قانون الصيرفة الإسلامية في روسيا، أو بالأحرى مشروع قانون "نشاط التمويل بالمشاركة" مع مشروعي قانونين مرفقين إليه. 

وسينظم هذا النشاط المصرف المركزي الذي سينشئ سجلا لمثل هذه الشركات وسيراقبها. ويمكن لمنظمات التمويل بالمشاركة جذب أموال من الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين واستثمارها في مشاريع تتناسب مع أحكام الشريعة الإسلامية بمبدأ المشاركة، مما يشبه بشكل عام إدارة الاستئمان، على حد وصف الصحيفة.

ومن المنتظر أن يقتصر اختبار الصيرفة الإسلامية في المرحلة الأولى على دائرة محدودة من الأقاليم.

وتعتبر ستيفانينكو أن إنشاء مثل هذا السجل سيكون مفيدا لجهة جذب العملاء، قائلة: "حتى الآن ظلت قابلية الأفراد للجوء إلى خدمات التمويل بالمشاركة تقدر كمنخفضة جدا. لكن من جانب آخر، يتطلب أي ابتكار وقتا وزيادة اطلاع المجتمع عليه ومستوى الثقة فيه. في هذه الحالة، يجب أن يؤدي سجل مؤسسات التمويل بالمشاركة الذي يعده المصرف المركزي، دورا إيجابيا. وحبذا أن يتم نشر تقارير عن أداء مثل هذه المؤسسات مثلما يتم الكشف عن أداء المصارف التقليدية". 

وتعود أول تجربة للصيرفة الإسلامية في روسيا إلى مصرف "بدر فورتيه" الذي عمل في السوق الروسية لمدة 15 عاما تخصص خلالها في المشاريع المشتركة لرؤوس الأموال الروسية والعربية، وأخرى من الدول الإسلامية، حتى سحب ترخيصه في نهاية عام 2006.

عقوبات أوروبية جديدة تستهدف الذهب الروسي

إلى ذلك، نقلت رويترز عن مصدر مطلع قوله إن دبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي اجتمعوا في بروكسل اليوم الأربعاء، ووافقوا على جولة جديدة من العقوبات ضد روسيا لغزوها أوكرانيا.

وأضاف المصدر الدبلوماسي الذي شارك في المناقشات، وتحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، أنه من المقرر أن تستهدف العقوبات الجديدة الذهب الروسي، وكذلك المزيد من الأفراد والكيانات، وأن تدخل حيز التنفيذ بعد الانتهاء من الإجراءات الرسمية قريبا.

وعن هذا الموضوع، أوردت فرانس برس أن دول الاتحاد الأوروبي استهدفت اليوم، صادرات الذهب الروسية وجمدت أصولًا في أكبر بنك في روسيا في تحديث للعقوبات المفروضة لمعاقبة موسكو على غزوها لأوكرانيا.

ووافق الاتحاد الأوروبي حتى الآن على 6 حزم من العقوبات على روسيا، وكان فرض في آخر قرار صدر في يونيو/ حزيران حظرا على معظم واردات النفط الروسية.

وبينما اقترحت الإجراءات على الدول الأعضاء الأسبوع الماضي، قالت رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي، أورسولا فون دير لاين، إن الإجراءات ستساعد في تطبيق العقوبات السابقة بشكل أكثر فعالية وتمديدها حتى يناير/ كانون الثاني 2023.

المساهمون