تراجع كبير في زراعة قصب السكر في مصر بسبب الفقر المائي

01 فبراير 2024
تحديات أمام زراعة قصب السكر (Getty)
+ الخط -

أعلنت النائبة في البرلمان المصري عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي، مها عبد الناصر، اليوم الخميس، تراجع المساحات المزروعة من قصب السكر بسبب الفقر المائي، حيث تخطى سعر الكيلوغرام من السكر الأبيض المعبّأ الـ 50 جنيهاً، مقابل أقل من 20 جنيهاً قبل عام. (الدولار = 30.95 جنيهاً مصرياً)

ودعت عبد الناصر الحكومة في طلب إحاطة موجه إلى رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، ووزير الزراعة، السيد القصير، ووزير التموين، علي المصيلحي، إلى التوسع في زراعة قصب السكر في محافظات الصعيد (جنوب)، خصوصاً مع الأزمة الطاحنة التي عصفت بالسوق أخيراً، ممثلة بنقص سلعة السكر وتضاعف سعره، جراء عدم توافره في المجمعات الاستهلاكية، على خلاف تصريحات وزارة التموين حول أن الأزمة ليست في نقص المخزون الاستراتيجي من السكر، بل بسبب "جشع التجار".

وأضافت في طلبها أن المسؤولين في وزارة التموين اعترفوا بأن من أسباب تفاقم الأزمة، التراجع الكبير في زراعة قصب السكر في مصر، خلال العام الأخير، إلى جانب غياب الدور الرقابي للحكومة على الأسواق، وعدم وجود آلية حقيقية وجادة لضبط الأسعار بها، أو آليات تفاوض مناسبة مع المزارعين لتوريد المحصول إلى المصانع التابعة للوزارة.

وتابعت عبد الناصر قائلة إن مصنع أبو قرقاص بمحافظة المنيا توقف عن إنتاج السكر، لأول مرة منذ أكثر من 150 عاماً، بسبب عدم رغبة المزارعين في توريد محاصيلهم للمصنع، ورفضهم الثمن الزهيد الذي تدفعه الحكومة لهم، وهو 1500 جنيه فقط عن كل طن من قصب السكر، وهو ما دفعهم إلى بيع محاصيلهم لمصانع إنتاج العسل الأسود والعصارات بضعف ذلك الرقم تقريباً.

استهلاك المياه

وبيّنت أن من حلول الأزمة، التوسع في زراعة محصول قصب السكر، وزيادة الرقعة الزراعية الخاصة به، بدلاً من توسع الدولة الحالي في مجال زراعة بنجر السكر (الشمندر)، الذي أصبحت 90% من بذوره مهندسة ومعدلة وراثياً، مستطردة بأن نسبة السكر في القصب تزيد كثيراً عند تسميده بالبوتاسيوم المسؤول عن زيادة نسب التحلية.

وأكملت عبد الناصر بأن زراعة قصب السكر أسهل من زراعة بنجر السكر في مصر، لأنه يعتبر من المحاصيل الاستوائية التي يفضل زراعتها في المناطق الحارة مثل قارة أفريقيا، على عكس بنجر السكر الذي تكثر زراعته في المناطق الباردة، كأوروبا وروسيا وكندا والولايات الشمالية في الولايات المتحدة، مطالبة بالتوسع في زراعة القصب في مناطق الصعيد، باعتبارها المحافظات الأعلى حرارة في البلاد.

وذكرت في طلب الإحاطة أن زراعة قصب السكر في محافظات المنيا وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان تستهلك ما بين 10 آلاف إلى 12 ألف متر مكعب من المياه في العام، وينتج في المتوسط 4.5 أطنان من السكر، وهي كمية المياه نفسها التي يحتاجها فدان بنجر السكر، مقابل إنتاج نحو طنين من السكر، بينما تعاني الدولة من محدودية الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة، علاوة على معاناتها أيضاً من الفقر المائي.

وأفادت عبد الناصر بأن بنجر السكر يحتاج إلى الوقود لإنتاج الطاقة اللازمة لتصنيعه، واستخراج السكر منه، بما يشكل عاملاً مساعداً لارتفاع سعر السكر في السوق المحلية، كذلك إن بذور البنجر لا تنتج محلياً، ويجري استيرادها من الخارج بالعملة الصعبة، بالإضافة إلى زراعته في دورة ثلاثية لحمايته من الأمراض والآفات، أي إن المساحة المطلوب توفيرها في نطاق المصانع تعادل ثلاثة أضعاف المساحة السنوية لزراعة فدان قصب السكر.

وأوضحت أن قصب السكر من المحاصيل متعددة الاستخدامات والصناعات، إذ يدخل في صناعة 17 سلعة أخرى بخلاف السكر، منها الكحول الأبيض (الإيثانول) الذي تستخدمه المستشفيات ومصانع الأدوية والعطور، ومزيلات العرق، والخل، والأسيتون، والمولاس، والعسل الأسود، والسكر البني، وسائل الغلوكوز لمصانع الحلويات، وسكر الفركتوز لمرضى السكري، ويُستخدم أيضاً في إنتاج الخشب الحبيبي والورق.

وزادت عبد الناصر قائلة إن الطينة البنية الناتجة من صناعة السكر من القصب تُعَدّ مخصّباً قوياً للأراضي الزراعية، مشيرة إلى استيراد مصر أكثر من 20% من احتياجاتها من السكر، بما يراوح ما بين 800 ألف إلى مليون طن سنوياً، الأمر الذي يشكل مزيداً من الضغط على العملة الأجنبية، في حين تعاني مصر من شحّ في مواردها من النقد الأجنبي.

أزمة في معروض السكر

وطالبت النائبة الحكومة بخطوات عاجلة وسريعة بهدف التوصل إلى صيغة اتفاق عادلة مع المزارعين من أجل توريد سكر القصب، بما يمنع تسرّب هذه السلعة الاستراتيجية إلى أسواق تنتج منها سلعاً كمالية، أو أقل أهمية من السكر، علاوة على وضع استراتيجية شاملة ومحددة الملامح والجداول الزمنية بشأن التوسع في زراعة القصب على حساب البنجر، وعرض تلك الاستراتيجية في أسرع وقت ممكن على البرلمان لبحثها ودراستها.

وتشهد الأسواق المصرية أزمة حادة في المعروض من السكر المحلي والمستورد، أدت إلى ارتفاع أسعاره بمعدلات متضاعفة خلال أسابيع قليلة، حيث وصل سعره إلى 55 جنيهاً للكيلوغرام في متاجر التجزئة، مقابل طرح كميات محدودة منه بسعر 27 جنيهاً، في المجمعات الاستهلاكية التابعة لوزارة التموين في المحافظات.

ويثير شح السكر غضباً لدى المصريين الذين يعتبرونه من السلع الغذائية اليومية المهمة، نظراً لاستخدامه في تحلية الشاي والقهوة والمشروبات والمأكولات الشعبية، علاوة على انعكاس ارتفاع أسعاره أخيراً على زيادة أسعار بيع الحلويات في المحالّ بنسبة 50% في المتوسط.

وتنتج المصانع في مصر نحو 2.8 مليون طن سنوياً من 15 مصنعاً لسكر القصب والبنجر، ويصل الاستهلاك إلى ما بين 3.3 إلى 3.5 ملايين طن. وقررت الحكومة استيراد 400 ألف طن سكر خام على مرحلتين، وتوفيره للجمهور بأسعار مخفضة بمجمعات وزارة التموين، على دفعات مستمرة حتى مارس/ آذار 2024.

وكانت الوزارة قد أصدرت قراراً يلزم شركات تعبئة السكر بوضع الوزن وسعر البيع وتاريخ الإنتاج والصلاحية على العبوات، مع مطالبة الموردين والموزعين بإرسال بيانات أسبوعية عن الكميات المستوردة والمخزنة لديها، غير أن القرار لم يؤثر بكميات العرض بسبب ندرة وجود السكر.

المساهمون