الفائدة ترتفع مجدداً في روسيا وتشعل جدلاً اقتصادياً ساخناً في أوروبا

15 سبتمبر 2023
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد (رويترز)
+ الخط -

لا تزال سياسة الفوائد تشغل بال صانعي قرار السياسة النقدية حول العالم، والجديد في روسيا اليوم الجمعة، إقرار رفع جديد للفائدة بعد شهر من فرض زيادة أكبر، فيما يشعل الاستمرار في تصاعدها سجالاً ساخناً في أوروبا.

في موسكو، أعلن البنك المركزي الروسي اليوم، رفع نسبة الفائدة الرئيسية من 12 إلى 13%، في ثالث خطوة مماثلة في أقل من شهرين، لمواجهة التضخم وتراجع قيمة الروبل الذي يبقى رغم الجهود عند مستويات ضعيفة في مقابل الدولار، بحسب ما أوردته "فرانس برس".

وأوضح البنك في بيان أنه "إزاء الضغوط التضخمية في الاقتصاد الروسي التي تبقى مرتفعة" و"تراجع الروبل خلال هذا الصيف"، كان من "الضروري حصول تشديد نقدي إضافي".

كما تأتي الزيادة بعد شهر من فرض زيادة أكبر، مع استمرار المخاوف بشأن التضخم واستمرار الروبل في مواجهة الدولار، وفقاً لوكالة "أسوشييتد برس"، التي أوضحت أن الزيادة تأتي أيضاً مع ارتفاع التضخم السنوي في سبتمبر/أيلول إلى 5.5%، فيما من المتوقع أن يصل إلى ما بين 6% و7% بحلول نهاية العام.

وقال البنك في بيان إنه "لا يزال الضغط التضخمي في الاقتصاد الروسي مرتفعاً، وقد تبلورت مخاطر كبيرة مؤيدة للتضخم، وهي نمو الطلب المحلي الذي يتجاوز القدرة على توسيع الإنتاج وانخفاض قيمة الروبل في أشهر الصيف. لذلك، هناك حاجة إلى تشديد الشروط النقدية بشكل إضافي".

ورفع البنك في أغسطس/آب المنصرم، سعر الإقراض إلى 12% بزيادة كبيرة قدرها 3.5 نقاط مئوية، مع انخفاض الروبل إلى 100 مقابل الدولار.

وعلى الرغم من تحسن سعر صرف الروبل بشكل طفيف بعد رفع سعر الفائدة، إلا أنه لا يزال عند حوالي 95 مقابل الدولار، وهو أضعف بكثير من العام الماضي عندما كان يتم تداوله عند حوالي 60 مقابل العملة الأميركية.

ومن خلال رفع تكاليف الاقتراض، يحاول البنك المركزي مكافحة ارتفاع الأسعار حيث تستورد روسيا أكثر وتصدر أقل، خاصة النفط والغاز الطبيعي، مع ارتفاع الإنفاق الدفاعي والعقوبات التي تؤثر سلباً، علماً أن استيراد المزيد والتصدير الأقل يعنيان فائضاً تجارياً أصغر، وهو ما يؤثر عادة على عملة البلد.

وفي أوروبا، نقلت "رويترز" عن رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد اليوم، قولها إن خفض أسعار الفائدة ليس مدرجا في جدول أعمال البنك لتدحض بذلك بعض رهانات السوق على أن وقف رفع أسعار الفائدة قد يبدأ في النصف الأول من 2024.

وأضافت لاغارد في مؤتمر صحافي، الجمعة: "لم نقرر ولم نناقش أو حتى نعلن عن تخفيضات".

وفي ظل قرار البنك المركزي الأوروبي الأخير رفع معدل الفائدة للمرة العاشرة على التوالي لمكافحة التضخم، ترى صحيفة "الغارديان" البريطانية أن اقتصادات منطقة اليورو المتباطئة لن تكون مرحبة بهذا القرار نظرا لعدة معطيات، بحسب ما أوردته وكالة "قنا" القطرية.

ورفع البنك، أمس الخميس، أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 4.5%، مسجلاً مستوى قياسياً منذ بدء التعامل باليورو في 1999، مشيراً إلى أن تكاليف الاقتراض في منطقة اليورو ربما بلغت ذروتها، مما أدى إلى تراجع اليورو.

وتعني زيادة البنك الأوروبي سعر الفائدة، ارتفاع معدل الفائدة على الودائع إلى مستوى قياسي يبلغ 4%.

واعتبرت "الغارديان"، في تقرير لها، أنه ومع معاناة أغلب الاقتصادات في منطقة اليورو من تباطؤ كبير في نشاط القطاع الخاص، فإن الزيادة في تكاليف الاقتراض لن تكون موضع ترحيب، مستشهدة بألمانيا، التي قالت إنها دخلت في حالة من الركود هذا العام رغم أنها القلب الصناعي للاتحاد الأوروبي، في حين اقتربت فرنسا وإيطاليا من الركود مع معدلات نمو أعلى قليلا من الصفر.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن محللين في معهد كيل للاقتصاد العالمي ومقره ألمانيا، قولهم إن الأسباب الرئيسية للانكماش المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي الألماني بنسبة 0.5% هذا العام، تعود إلى ضعف النشاط الصناعي، والأزمة في قطاع البناء وضعف الإنفاق الاستهلاكي.

وتتوقع الشركات الألمانية أن تكون مسيرة العودة إلى النمو طويلة وشاقة في وقت يحجم المستهلكون في أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، الذين يتوخون الحذر بشأن المستقبل، عن المشتريات الكبرى ويدخرون بشدة لدعم مواردهم المالية الشخصية.

وأشارت "الغارديان" إلى أن الأسر الفرنسية منخرطة أيضا في المزيد من أعمال الادخار، مما دفع المفوضية الأوروبية إلى التوقع بتحقيق فرنسا نموا بنسبة 1% فقط هذا العام و1.2% العام المقبل، فيما سيكون معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في إيطاليا أضعف عند 0.9% هذا العام و0.8% العام المقبل.

من ناحية أخرى، تبدو إسبانيا في وضع أفضل نوعاً ما في ظل دعمها القدرة الشرائية للأسر في مواجهة الضغوط التضخمية من خلال الحد من ارتفاع أسعار الطاقة، حيث يتوقع أن تحقق معدلات نمو تبلغ 2.2% هذا العام و1.9% في العام المقبل، بحسب الصحيفة.

وذكرت "الغارديان" أن البنك المركزي الأوروبي يشعر بالقلق من أن التعافي الضعيف سوف يسير جنباً إلى جنب مع تضخم أعلى من المتوقع، لافتة إلى أن معدل التضخم قد يصل هذا العام إلى 5.6% و3.2% العام المقبل، قبل أن يتراجع أكثر نحو النسبة المستهدفة وهي 2% في عام 2025، حيث من المرجح أن يصل إلى 2.1%.

 

 

المساهمون