السودان: تحديد سقف السحوبات النقدية لمواجهة أخطار الحرب

27 مايو 2024
انخفاض حاد في سعر الجنيه السوداني (أشرف الشاذلي/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- بنك السودان المركزي يراجع تنظيم خدمات السحب والتحويل النقدي لمواجهة المضاربة بالعملة وارتفاع سعر الدولار، مع تحديد حدود للسحب والتحويلات عبر التطبيقات المصرفية.
- الإجراءات الجديدة تستهدف تعزيز الشمول المالي والتوافق مع الممارسات الدولية، وتسعى للحد من تداول السيولة خارج النظام المصرفي والتضخم.
- المحللون يحذرون من مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مع مخاوف من إحجام العملاء عن الإيداع في المصارف، مؤكدين على أهمية الشراكات الدولية والخاصة لدعم الاقتصاد.

اضطر بنك السودان المركزي إلى مراجعة تنظيم خدمتي السحب النقدي والتحويل عبر التطبيقات المصرفية بسبب تداعيات الحرب المتواصلة منذ شهر إبريل/ نيسان قبل الماضي، في خطوة وصفها محللو اقتصاد ومصرفيون في حديثهم لـ"العربي الجديد" بالضرورية. غير أنهم حذروا من أخطار غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وإحجام العملاء عن إيداع أموالهم في المصارف تلافياً لمشاكل تحجيم سقوف السحب منها.

ونشطت في السودان عمليات المضاربة بالعملة المحلية، الأمر الذي قفز بسعر صرف الدولار الأميركي إلى 1860 جنيهاً للبيع و1840 جنيهاً للشراء في السوق السوداء صباح أمس الأحد. ويأتي ذلك في ظل تقلبات كبيرة في قيمة الجنيه على وقع طبول الحرب وتدمير الكثير من المصارف وزيادة أخطار غسل الأموال وتمويل الإرهاب. 

الاتجار بالعملة

في هذا السياق، قال المدير العام للمصرف السوداني الفرنسي عثمان التوم، لـ"العربي الجديد"، إن الضوابط التي أعلن عنها بنك السودان المركزي تهدف غالباً لحصر الاتجار بالعملة. وكشف عن وجود كميات كبيرة من الكتلة النقدية خارج الجهاز المصرفي مقارنة بما في داخله، ما يضعف من أثر حصر الاتجار بالعملة.

وطالب التوم بالوقوف على مسببات ارتفاع سعر الدولار. وألمح إلى احتمالات أن يكون الطلب الكبير والمفاجئ وراء ارتفاع الدولار أكثر مما هو بسبب سهولة التحويلات أو السحب النقدي بالجنيه السوداني. وقال التوم إنّ هذه الضوابط يترتب عنها تحجيم العملاء إيداع أموالهم في البنوك والاحتفاظ بها لسهولة تداولها من دون أي سقف. 

تحفيز الدفع الإلكتروني

من جانبه، قال المحلل الاقتصادي هيثم فتحي لـ"العربي الجديد" إن ضوابط البنك المركزي ترسخ مبدأ الشمول المالي وتتسق مع الممارسات الدولية في هذا الشأن. ووصفها بالمحفزة لجمهور المتعاملين مع المصارف لاستخدام وسائل الدفع غير النقدية كالتحويلات ووسائل وأدوات الدفع الإلكترونية المختلفة المتاحة لدى كافة المصارف.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وألزمت ضوابط بنك السودان المصارف بحد أقصى للسحب النقدي في حدود ثلاثة ملايين جنيه في اليوم، عبر منافذها المخصصة للصرف لفئات العملاء كافة وحد أقصى للسحب النقدي عبر الصرافات الآلية في حدود 50 ألف جنيه فقط على جميع التطبيقات المصرفية. وحدد أعلى سقف سحب للتحويلات الشخصية عبر التطبيقات المصرفية في حدود 15 مليون جنيه لعملاء المصارف.

وأشار فتحي إلى تأثيرات القرار الإيجابية في السيطرة على تصاعد سعر الدولار في مواجهة الجنيه وارتفاع معدلات التضخم. وحذر فتحي من أخطار ارتفاع معدلات التضخم وغيرها من الظواهر السلبية في الاقتصاد السوداني في زمن الحرب. تابع أن رفع الحد الأقصى للسحوبات يعطي مرونة ومجالاً لتدبر السيولة اللازمة للاحتياجات.

وحذر من التحديات التي ترتبط بالقرار والتي تتمثل في أخطار غسل الأموال وتمويل الإرهاب، موضحاً أن زيادة الحد الأقصى للسحب النقدي تقوي من احتمالات شبهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وطالب المصارف باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز أنظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتشديد الرقابة على المعاملات المالية بعد فقدان الجنيه نحو 24% من قيمته خلال شهر واحد فقط. كما أشار إلى ضرورة التركيز على الإنتاج والصادر لخلق موارد دولارية مستمرة من دون انقطاع ومن دون مخاوف.

ودعا إلى توجيه التمويل إلى المشاريع الإنتاجية، مقترحاً على البنك المركزي إضافة خدمة تسمح لعملاء المصارف السودانية بتلقي التحويلات من الخارج بالعملات الأجنبية وإضافتها إلى حساب الهاتف المحمول بالجنيه السوداني بالسعر العادل، على أن تقتصر فقط على الأفراد وليس الشركات. 

اقتصاد الحرب

بدوره، قال المدير السابق لمصرف الأسرة صالح جبريل لـ"العربي الجديد" إن هذه الضوابط تمت في إطار اقتصاد الحرب. وتوقع أن يكون هنالك شح في السيولة سواء بالعملة المحلية أو النقد الأجنبي.

وقال جبريل إن هذه الضوابط اتخذها البنك المركزي بغرض تحجيم تداول السيولة خارج القطاع المصرفي، مشيراً إلى تأثر التعاملات التجارية بالمبلغ الذي حدده البنك المركزي للسحب وهو ثلاثة ملايين جنيه في اليوم باعتباره غير كاف. وأشار إلى أن البنك المركزي استجاب لذلك وسمح بأن يكون التداول في القطاع المصرفي في حدود 15 مليون جنيه للتحويلات الشخصية عبر التطبيقات المصرفية لعملاء المصارف لحصر التداول داخل النظام المصرفي.

وأكد جبريل أهمية تطبيق هذه الضوابط في ظل اقتصاد الحرب، موضحاً أهمية تغيير العملة حتى لا تتحول المبالغ التي نهبت لأصول، ما يؤثر على السيولة والمضاربة في العملة. وطالب بإصدار عملة جديدة ولو عبر حصول الحكومة على قرض من الصين أو تركيا. وكشف عن معلومات حول طباعة للعملة بنفس التصميم والمزايا، ما يتطلب ضرورة الإسراع في تغييرها. ولفت إلى حاجة الاقتصاد للسيولة النقدية لتوفير السلع والخدمات، داعيا الحكومة إلى ضرورة التفكير الاستراتيجي خارج الصندوق بعقد شراكات مع الدول الصديقة والقطاع الخاص السوداني لإنشاء خطوط إنتاج صناعي.