الإمارات: تعاون نووي مع الصين لتعزيز الطاقة النظيفة

01 يونيو 2023
الإمارات تخطط لزيادة الصادرات النفطية (مروان نعماني/فرانس برس)
+ الخط -

مع تصاعد اهتمام الإمارات بزيادة نسبة المكون النووي بمزيج الطاقة لديها، اتجهت أبوظبي نحو تعميق التعاون مع بكين في هذا المجال، وسط توقعات للوكالة الدولية للطاقة الذرّية بأن تؤدي محطات براكة دورًا مهمًا في تمكين هذا التعاون.
وجاء توقيع مؤسسة الإمارات للطاقة النووية 3 مذكرات تفاهم مع مؤسسات صينية متخصصة في الطاقة النووية السلمية ضمن مساعي الدولة الخليجية لتعزيز القطاع منخفض الكربون، وقبل أشهر من استضافة البلد الخليجي قمة المناخ (كوب28) في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم.
فالإمارات تسعى للحصول على 6% من احتياجاتها من الطاقة من المصادر النووية ضمن خطتها لتصفير الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2050، وسبق أن أعلنت الصين شريكا رئيسيا في هذه الخطة، ما سلط الضوء على قدرة البلد الخليجي على تحقيق الموازنة بين تعاون كهذا وبين الاستمرار في علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأميركية.

توسع في الطاقة النظيفة
يشير الخبير في شؤون الطاقة عامر الشوبكي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن وكالة الطاقة الدولية والاتحاد الأوروبي يعتمدان المكون النووي باعتباره أحد مصادر الطاقة النظيفة، لذلك فالإمارات تسعى للتوسع فيها، ولديها مجموعة مفاعلات براكة، التي تولد 25% من كهرباء البلد الخليجي.

ويضيف الشوبكي أن الإمارات تسعى إلى زيادة هذه النسبة إلى 50% عبر التعاون مع روسيا، وبناء مزيد من المفاعلات، مشيرا إلى أن أهداف أبوظبي من مشروع كهذا "استراتيجية أكثر منها اقتصادية".
فكلفة مشروعات الطاقة النووية عالية جدا، ولها عمر زمني افتراضي، وبالتالي فإن مردودها الاقتصادي على المدى البعيد ضعيف، حسب الشوبكي، لافتا إلى أن الأهداف الاستراتيجية "المعلنة" لمشروع الإمارات النووي تتمثل في خفض الانبعاثات الكربونية وتحقيق القدرة على توليد الكهرباء، لكن غير المعلن هو الهدف الاقتصادي من توفير القدرة على تصدير كمية أكبر من النفط.
فمن خلال توليد الإمارات للكهرباء نوويا، يمكنها زيادة حجم تصديرها النفطي، ولذا فإن التعاون النووي مع الصين يحمل بعدا استراتيجيا مهما لأبوظبي، خاصة بعدما أبدت بكين مرونة في هذا الإطار، بعكس الولايات المتحدة، حسبما يرى الشوبكي.

محطات براكة
يؤكد الخبير في الاقتصاد السياسي نهاد إسماعيل، لـ"العربي الجديد"، أن اهتمام الإمارات بالطاقة النووية لأغراض سلمية ليس حديث العهد، حيث وقعت عام 2009 اتفاقا مع الولايات المتحدة للتعاون في مجال الطاقة النووية السلمية، وفي عام 2022 أعلنت عن إطلاق 11 مشروع طاقة نظيفة بقيمة 43 مليار دولار في إطار استراتيجية لعام 2050 تساهم فيها الطاقة النووية بنسبة 7.55%.
ويضيف إسماعيل أن مشروع محطات براكة النووية، الذي دخل الخدمة في السنوات الأخيرة، يلعب دورا حيويا في عملية الانتقال للطاقة النظيفة في دولة الإمارات، مشيرا إلى أن التعاون مع الصين شمل التوقيع أخيرا على 3 مذكرات تفاهم تغطي فرص التعاون في مجال الطاقة النووية وصيانتها والتعاون في مجال المفاعلات العالية الحرارة المبردة بالغاز، إضافة إلى تعاون مستقبلي في إمدادات الوقود النووي.

لكن تنامي العلاقات الإماراتية الصينية ينظر إليه في الغرب، لا سيما الولايات المتحدة، على أنه توغل صيني في الشرق الأوسط، خاصة بعد النجاح الدبلوماسي لبكين في تحقيق المصالحة بين إيران والسعودية، بحسب إسماعيل.

تضارب المصالح
غير أن الخبير في الاقتصاد السياسي يؤكد أن علاقة الإمارات مع الولايات المتحدة وأوروبا تاريخية وجيدة على أساس وجود استثمارات متبادلة وعلاقات اقتصادية تعود لعقود من الزمن، وستظل مستمرة على الأرجح.
وتعود مشكلة الولايات المتحدة مع الاتجاه الإماراتي نحو تطوير تعاون عميق مع الصين في مجال الطاقة النووية إلى استراتيجية الولايات المتحدة تجاه المنطقة، منذ فترة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، مرورا بعهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وحتى عهد الرئيس الحالي جو بايدن، إذ أخذت تقلص دورها في الشرق الأوسط، ما أفسح المجال أمام الصين لملء الفراغ، حسبما يرى إسماعيل.
لكن ثمة تحليلات أخرى يلفت إليها إسماعيل، مفادها أن الاتفاق الإماراتي الصيني بشأن التعاون النووي "كان جزءا من صفقة التقارب الإيراني السعودي بوساطة صينية"، أي في إطار موازنة معادلات القوة في المنطقة برعاية صينية.
ويتوقع الخبير في الاقتصاد السياسي أن تستخدم الإمارات مهاراتها الدبلوماسية للحفاظ على علاقات متوازنة بين الصين والولايات المتحدة، خلال الفترة المقبلة، وهو ما سينظر إليه الغرب بعين الريبة.

المساهمون