ارتفاع أسعار صهاريج المياه يضاعف معاناة نازحي سورية

26 مايو 2024
خزان مياه في مخيم بإدلب، 4 إبريل 2023 (عز الدين قاسم/ الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في مخيمات إدلب بسورية، يعاني النازحون من زيادة أسعار المياه وتوقف مشاريع المياه، مما يضاعف معاناتهم المالية ويجبرهم على شراء المياه النظيفة من مواردهم الخاصة، خاصة في ظل غياب فرص العمل.
- أسمهان السلمو وحسام المراعي يشاركان تجاربهما حول تأثير ارتفاع أسعار المياه وتوقف مشاريعها على حياتهم، مما يضعهم أمام تحديات صحية ومالية، خصوصًا خلال فصل الصيف.
- مروان الجاويش، صاحب صهريج، يواجه تحديات في توفير المياه للمخيمات بسبب ارتفاع التكاليف، بينما "منسقو استجابة سورية" يطالبون بتأمين المياه النظيفة ومستلزمات النظافة للنازحين، مؤكدين على الحاجة الماسة لتحسين الأوضاع.

زاد ارتفاع أسعار صهاريج المياه في مخيمات إدلب شماليّ سورية من معاناة النازحين، الذين أصبحوا مضطرين إلى شراء المياه النظيفة على نفقاتهم الخاصة بعد توقف معظم مشاريع المياه التي من ضمنها تزويد المخيمات بالموارد، ما جعلهم في مواجهة مباشرة مع زيادة الضغوط والأعباء المالية وصعوبة تأمين حتى الأساسيات.

تقول أسمهان السلمو (38 عاماً) المقيمة في مخيمات كفردريان شمال غربيّ إدلب إن "توقف مشاريع إمداد المخيمات بالمياه كان بمثابة صاعقة بالنسبة إلينا، وخصوصاً مع غياب فرص العمل والدخل الثابت وغلاء المياه، حيث يكلفنا شراء برميل واحد من المياه 15 ليرة تركية (0.46 دولار) وهو لا يكفي لأكثر من يوم واحد مع محاولة التقنين إلى أبعد حد ممكن" .

تضيف أسمهان لـ"العربي الجديد" أن أسرتها بحاجة إلى ثلاثين برميلاً من المياه شهرياً، أي ما يعادل 450 ليرة تركية (14 دولاراً) في الوقت الذي لا يستطيع زوجها تأمين ثمن الغذاء لأفراد الأسرة البالغ عددهم سبعة أشخاص، ولا يتعدى دخله الشهري من عمله المتقطع في المياومة (العمل بأجر يومي) ألفي ليرة تركية، هذا إن توافر عمل بالأصل.

أما النازح حسام المراعي (48 عاماً) المقيم في مخيمات المشاميس في البحوري غرب مدينة معرة مصرين، فيقول إن الوضع مع انقطاع المياه المجانية عن المخيم مأساوي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، خصوصاً أن معظم ساكني المخيم يعانون البطالة والفقر المدقع. ويضيف: "أعمل في محل سوبر ماركت مقابل 75 ليرة تركية في اليوم، هذا المبلغ أوزعه على مواصلات للوصول إلى مكان العمل وشراء الخبز والغاز المنزلي والمنظفات والأدوية، وزاد الأمر سوءاً مع شراء المياه أيضاً، فكيف يمكن لهذا المبلغ المتدني أن يكفي".

يشير المراعي إلى حاجة أسرته المضاعفة للمياه في فصل الصيف، حيث تكثر استخدامات المياه في الشرب والاستحمام والغسل، وهنا ستبدأ كوارث غياب المياه بالظهور عبر الأمراض المعوية والجلدية وأكثر ما يخشاه زيادة معدلات أمراض الكوليرا والليشمانيا والجرب، وخصوصاً أنها بدأت تظهر بوادر منها على سكان المخيم، ولا سيما الأطفال. يناشد النازح السوري جميع المسؤولين والمعنيين النظر في أحوالهم الصعبة والعمل على إعادة تأمين المياه المجانية على الأقل، حيث تشكل المياه المادة الأساسية للحياة، ولا يمكن الاستغناء عنها وتقنينها كبقية الموارد الأخرى.

من جانبه، يقول مروان الجاويش، صاحب أحد الصهاريج، والعامل في مخيمات دير حسان: "نشتري المياه من البئر الأرتوازية بمبلغ 70 ليرة تركية للصهريج الواحد الذي يتسع لـ 23 برميلاً، فيما يصل سعره علينا نحن أصحاب الصهاريج مع تكلفة الوقود إلى 200 ليرة تركية، فنبيعه بمبلغ 345 ليرة تركية حتى يبقى لنا هامش ربح في النهاية". ويشير إلى أن هناك مصاريف صيانة دورية مكلفة لسيارة النقل لا تقل عن 500 ليرة تركية شهرياً، وهو ما يُنقص من أرباحهم إلى أدنى حدّ، مؤكداً أن ساكني المخيمات فقراء ويلجأون إلى تعبئة المياه ببرميل واحد أو برميلين لضيق أحوالهم المادية، وهو ما يؤدي إلى ضعف البيع أيضاً، فهو لا يبيع أكثر من صهريج واحد في اليوم.

ويُرجع الجاويش أسباب نقص المياه في مخيمات النازحين إلى غياب الدعم وإقامة المخيمات في مناطق نائية يصعب وصول شبكات المياه إليها، والكثافة السكانية ضمن المخيم الواحد، عدا عن تأثير الجفاف، ولا سيما مع حلول فصل الصيف وموجات الحرّ القاسية، ما يضاعف الحاجة إلى المياه. وفي أحدث تقرير له تحدث فريق "منسقو استجابة سورية" (منظمة مجتمع مدني مستقلة مكونة من العديد من المختصين في مجالات العمل الإنساني) عن غياب المياه النظيفة والصالحة للشرب عن 53% من مخيمات النازحين، حيث وصلت أعداد المخيمات غير المخدومة بالمياه إلى أكثر من 991 مخيماً، علماً أن العائلات النازحة في المخيمات تنفق ما يقارب 20% من إجمالي دخلها على المياه في فصل الشتاء وترتفع النسبة إلى 33% في فصل الصيف. وطالب الفريق المنظمات كافة، العمل على تأمين المياه النظيفة وتقديم مستلزمات النظافة للنازحين والعمل على إصلاح شبكات الصرف الصحي المكشوف، والبدء بمشاريع فعلية لترحيل النفايات ضمن مخيمات النازحين في الشمال السوري.

ويعاني سكان المخيمات في مناطق شمال غرب سورية، منذ سنوات، نقصاً في تأمين العديد من احتياجاتهم، على رأسها المواد الغذائية، وتتزايد احتياجات المخيمات مقابل تزايد عجز المنظمات وقلة الدعم، حيث بلغ عدد السكان الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية شمال غربي البلاد نحو أربعة ملايين و600 ألف شخص في عام 2022، بينهم ثلاثة ملايين و300 ألف يعانون انعدام الأمن الغذائي، ومليونان و900 ألف نازح في الداخل، بحسب تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). وسبّبت الحرب في سورية تدميراً واسعاً للبنية التحتية في الكثير من مناطق البلاد. وقدّر وزير المالية في حكومة النظام السوري كنان ياغي في مقابلة مع قناة "سي أن بي سي" عربية، يوم الأربعاء الماضي، خسائر الاقتصاد السوري خلال 13 عاماً من الحرب بنحو 300 مليار دولار، خلافاً لتقديرات سابقة لخبراء سوريين ودوليين، تحدثت عن ضعف هذا الرقم على الأقل.