ارتباك في أسواق المال الفرنسية بسبب تعقد المشهد السياسي

10 يوليو 2024
أزمة السندات الفرنسية تتفاقم/4 يوليو 2024،(هانس لوكاس/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت أسواق المال الفرنسية ارتباكًا بسبب برلمان معلق بعد الانتخابات التشريعية، مما أدى إلى تراجع غالبية الأسهم الأوروبية.
- حذرت وكالة موديز من أن التصنيف الائتماني لفرنسا معرض للخطر إذا تدهورت المالية العامة والديون، مع صعوبة دفع الإصلاحات الاقتصادية.
- تراجعت علاوة العائد على السندات الفرنسية مقارنة بالألمانية، مع توقعات بتغيير الأهداف السياسية وارتفاع تكاليف الاقتراض بسبب ارتفاع أعباء الديون.

شهدت أسواق المال الفرنسية حالة من الارتباك الثلاثاء على خلفية تعقد المشهد السياسي، وفيما تراجعت غالبية الأسهم الأوروبية في مستهل تعاملات أمس، في ظل مخاوف المستثمرين تجاه اضطراب المشهد السياسي في فرنسا، فقد حذرت وكالة موديز من أن التصنيف الائتماني لفرنسا معرّض للخطر إذا ما أدت الخلافات السياسية الداخلية إلى تدهور مؤشرات المالية العامة والديون.

وتراقب الأسواق عن كثب احتمالات حدوث اضراب سياسي مطول في فرنسا بسبب الصعوبات التي قد تواجه العملية التشريعية في البلاد إثر غياب الأغلبية البرلمانية بعد التحول غير المتوقع في الانتخابات، والذي أسفر عن صعود تيار اليسار على حساب التيار اليميني المتطرف رغم تقدمه في الجولة الأولى من التصويت.
وبحسب محللين، فإنه بعدما أسفرت الانتخابات التشريعية عن برلمان معلق، فإن أي حكومة فرنسية جديدة سوف تجد صعوبة في دفع المزيد من الإصلاحات الاقتصادية أو إيجاد أرضية مشتركة بشأن السياسة المالية، في ظل انقسامات تبدو غير قابلة للتسوية عندما يتعلق الأمر بالضرائب والإنفاق الحكومي.

ووفق "بلومبيرغ"، قال محللون إن "ضعف الالتزام بضبط الأوضاع المالية من شأنه أن يزيد الضغوط الائتمانية على الديون الفرنسية". وقالوا أيضًا إن التراجع عن بعض سياسات إيمانويل ماكرون، مثل تحرير سوق العمل وإصلاح نظام التقاعد، سيكون سلبياً إذا أضر بإمكانات النمو في فرنسا أو المسار المالي.

وتأرجحت علاوة العائد التي يطالب بها المستثمرون للاحتفاظ بالسندات الفرنسية مقارنة بالأوراق المالية الألمانية الأكثر أمانًا حول 40 إلى 50 نقطة أساس قبل أن يقوم ماكرون بحل البرلمان الشهر الماضي، ويتم تداولها الآن فوق 60 نقطة أساس، حتى بعدما أعربت الأسواق عن ارتياحها يوم الاثنين لعدم حصول اليمين المتطرف على الأغلبية.

وقال رئيس السوق المالية بمصرف رابو بانك الأوروبي، جان لامبريتس: "مع اختيار العديد من الناخبين لنهج سياسي مختلف، يمكننا أن نتوقع تغيير بعض الأهداف المحددة، بخاصة أن العالم من حولنا أصبح أكثر تقلباً وتعقيداً وتحدياً وخطورة".

من جانبها، تقول "بلومبيرغ إيكونوميكس": "الأمر الواضح هو أنه مع العجز المتوقع الذي يقترب من 5% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024 والدين عند نحو 111% من الناتج المحلي الإجمالي، فإن الحكومة الجيدة ستبدأ من وضع مالي متوتر، ولن تكون الأحزاب اليسارية الشريكة راغبة في ضبط الأوضاع المالية". وكانت فرنسا بالفعل على طريق تصادمي مع الاتحاد الأوروبي، الذي بدأ بتضييق الخناق على الدول الأعضاء التي تنتهك القواعد المالية الخاصة بنسبة العجز في الميزانية إلى الناتج المحلي، وأياً كانت الحكومة التي قد تتشكل في فرنسا بعد هذه الانتخابات، فسوف يكون لزاماً عليها أن تبدأ على الفور المفاوضات بشأن مسار جديد لخفض عجز الموازنة إلى أقل من 3% من الناتج الاقتصادي.

وكانت حكومة ماكرون قد اقترحت بالفعل تخفيضات مؤلمة في الإنفاق لتقليص الفجوة إلى 5.1% هذا العام من 5.5% عام 2023. لكن من المرجح أن تكون هذه التدابير غير مطروحة على الطاولة، لأن جميع الأحزاب التي قد تكون في وضع يمكنها من الانضمام إلى الحكومة المقبلة وعدت بزيادة الإنفاق.

وتشير تقديرات معهد مونتين للأبحاث إلى أن تعهدات الجبهة الشعبية الجديدة اليسارية ستتطلب ما يقرب من 179 مليار يورو (194 مليار دولار) من الأموال الإضافية سنوياً، وحتى برنامج حزب ماكرون سيتكبد إنفاقاً إضافياً يقترب من 21 مليار يورو. وقالت أورلا جارفي، مديرة المحافظ في بنك فيديراتيد هيرميس: "لقد خرج القط من الحقيبة في ما يتعلق بالعجز المالي والمخاطر المرتبطة بذلك".

من جانبها، حذرت وكالة موديز من أن التصنيف الائتماني لفرنسا معرّض للخطر إذا ما أدت الخلافات السياسية الداخلية إلى تدهور مؤشرات المالية العامة والديون. وقالت الوكالة في مذكرة نُشرت الاثنين، إن النظرة المستقبلية للديون الفرنسية قد تُخفّض إلى سلبية بدلاً من مستقرة في حال رصد تدهور أكبر في مؤشرات قدرة الدولة على تحمل تكاليف خدمة الديون مقارنة بالاقتصادات المناظرة.

وأوضح محللو الوكالة أن نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة قادت بفرنسا إلى وضع سياسي غير مسبوق، وأشاروا إلى أن التداعيات المالية للانتخابات تعد سلبية على صعيد التصنيف الائتماني، وفق وكالة بلومبيرغ.

كما حذرت "موديز" من أن ارتفاع أعباء الديون في فرنسا قد يعرّضها لتحمل تكاليف اقتراض أعلى في المستقبل، فضلاً عن صعود مدفوعات الفائدة على السندات السيادية بوتيرة أعلى من المتوقعة. وأضاف المحللون أن تخلي فرنسا عن الإصلاحات المالية التي تبناها الرئيس إيمانويل ماكرون وحلفاؤه منذ عام 2017 قد يرفع الأضرار المحتمل تعرّض التصنيف الائتماني لها.

وفي أسواق المال تراجعت غالبية الأسهم الأوروبية في مستهل تعاملات الثلاثاء، في ظل مخاوف المستثمرين تجاه اضطراب المشهد السياسي في فرنسا بعد إعلان نتيجة الانتخابات التشريعية التي شهدت فشل أي من الكيانات السياسية في الحصول على أغلبية برلمانية.

وانخفض مؤشر ستوكس يوروب 600 بنسبة 0.32% إلى 514 نقطة صباح الثلاثاء، مع تراجع أسهم قطاع النفط والغاز 1.23%. وتراجع كل من "داكس" الألماني بنسبة 0.38% إلى 18402 نقطة، و"كاك" الفرنسي 0.39% إلى 7597 نقطة، بينما استقر "فوتسي" البريطاني عند 8194 نقطة.

وهبط سهم بي بي 2.57% بعدما قالت الشركة البريطانية إنها تتوقع انخفاض أرباح الربع الثاني بما يتراوح بين مليار دولار وملياري دولار من جراء تكاليف الإهلاك، وبما يتراوح بين 500 مليون دولار و700 مليون بسبب تقلص هوامش التكرير.

المساهمون