اتفاق إسطنبول... هل يضع حداً لأزمة الغذاء العالمية؟

اتفاق إسطنبول... هل يضع حداً لأزمة الغذاء العالمية؟

24 يوليو 2022
القمح الأوكراني يعود للأسواق الدولية (Getty)
+ الخط -

يوم الجمعة الماضي، شهدت مدينة إسطنبول التركية حدثاً عالمياً مهماً، إذ وقّعت روسيا وأوكرانيا على اتفاقية تاريخية تدعمها الأمم المتحدة، لاستئناف صادرات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، والإفراج عن 20 إلى 25 مليون طن من الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية.

وفي حال نجاح الاتفاق من المقرر أن تتدفق تلك الكميات وربما أكثر على أسواق العالم المتعطشة للحبوب ومنها أسواق عربية وأفريقية وآسيوية مثل مصر وتونس والجزائر والمغرب والأردن واليمن والسودان وليبيا وتركيا وسريلانكا وإندونيسيا وغيرها من الدول المستورة للقمح.

مصر أكبر المستفيدين من الاتفاق، فهي أكبر مستورد للقمح والزيوت، ومن بين الدول الأكثر تضرراً من قفزات الأسعار في الأسوق الدولية

وفي تقديري فإنّ مصر تعد أكبر المستفيدين من هذا الاتفاق، فهي أكبر مستورد للقمح والزيوت في العالم، كما أنها من بين الدول الأكثر تضرراً من قفزات الأسعار في الأسوق الدولية بسبب نقص الحبوب وفرض دول قيوداً على صادراتها الغذائية عقب اندلاع حرب أوكرانيا.

كما كانت أوكرانيا أكبر موردي القمح لمصر قبل اندلاع الحرب وبنسبة 20% من الواردات، مما جعل السوق المصرية الأكثر تضرراً من إغلاق الموانئ الأوكرانية لشهور عدة.

موقف
التحديثات الحية

وفقاً لاتفاقية إسطنبول، تتعهد روسيا بعدم مهاجمة سفن الشحن التي تحمل القمح أو الموانئ الأوكرانية التي تبحر منها. وفي المقابل، ستسمح أوكرانيا بتفتيش السفن للتأكد من أنّها لا تحمل قوات أو أسلحة على متنها، وذلك من أجل تهدئة قلق ومخاوف موسكو.

الحدث بالطبع يعد الأبرز دولياً وعربياً هذه الأيام، خصوصاً أنّ العالم كان على بعد خطوات قليلة من أزمة غذاء حادة وثورات جياع بسبب قفزات أسعار الأغذية عقب اندلاع حرب أوكرانيا في نهاية فبراير/ شباط الماضي، ومنع القوات الروسية صادرات الحبوب الأوكرانية، وتعليق ملايين من أطنان القمح والشعير في الموانئ الأوكرانية وحبسها عن أسواق العالم.

العالم كان على بعد خطوات قليلة من أزمة غذاء حادة وثورات جياع بسبب قفزات أسعار الأغذية عقب اندلاع حرب أوكرانيا

الاتفاقية تنهي الحصار الروسي للموانئ الأوكرانية في البحر الأسود، والذي بدأ منذ غزو موسكو جارتها، وهو ما أثر سلباً على سوق الحبوب العالمي، خصوصاً أنّ أوكرانيا تعد من أكبر منتجي ومصدري الحبوب في العالم، ويطلق عليها "سلة خبز" أوروبا.

كما تُعتبر روسيا وأوكرانيا من كبار موردي القمح الرئيسيين للأسواق العالمية خاصة العربية.

وبسبب هذا الحصار المستمر منذ 5 شهور والذي أنهته اتفاقية إسطنبول لم يتمكن مصدرو الحبوب في مدينة أوديسا مثلاً من تصدير القمح، ما تسبب في نقص عالمي ورفع أسعار المواد الغذائية.

كما أدى حرق روسيا صوامع الغلال ومزارع القمح الأوكرانية ومنع المزارعين من الوصول لحقولهم إلى تفاقم الاختناقات في سلاسل الإمداد العالمية من القمح.

ومع فرض العقوبات الغربية المكثفة على روسيا، تحول القمح إلى سلاح في يد موسكو كما الغاز، وهو ما أدى إلى اندلاع موجة تضخم عنيفة في أسعار المواد الغذائية والطاقة حول العالم، وتضاعف أسعار القمح والذرة والشعير والزيوت، والقذف بنحو 47 مليون شخص إلى منطقة "الجوع الحاد" وفق برنامج الأغذية العالمي.

زيلينسكي يعلن عقب التوقيع أن بلاده لديها شحنات حبوب جاهزة للبيع قيمتها نحو 10 مليارات دولار

أخيرا، تنفس العالم ومعها أسواق الحبوب الصعداء، إذ صاحبت توقيع الاتفاقية أجواء إيجابية، خاصة وأن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أعلن عقب التوقيع أن بلاده لديها شحنات حبوب جاهزة للبيع قيمتها نحو 10 مليارات دولار، وأنه سيتم تصدير نحو 20 مليون طن من محصول العام الماضي بعد التوصل إلى الاتفاق المهم. كما أن بلاده لديها فرصة أيضاً لبيع المحصول الحالي من الحبوب.

بل إن مسؤولين أوكرانيين أكدوا قدرة بلادهم على تصدير نحو 60 مليون طن من الحبوب إلى الخارج خلال فترة زمنية تتراوح ما بين ثمانية وتسعة شهور، كما قال مستشار اقتصادي للرئيس الأوكراني اليوم الأحد، بشرط تنفيذ روسيا اتفاق إسطنبول وفك الحصار عن الموانئ الأوكرانية، وهي كمية تطفئ عطش أسواق الحبوب العالمية وتهدأ من الأسعار المشتعلة.

وبعدها رحبت الأمم المتحدة ومعظم دول العالم باتفاق إسطنبول الذي رأت فيه تهدئة لمخاوف الدول المستوردة.

لكن سرعان ما عادت أجواء التشاؤم لأسواق الحبوب العالمية مرة أخرى، عقب مهاجمة روسيا ميناء أوديسا البحري بصواريخ كروز يوم السبت بعد أقل من 24 ساعة من توقيع اتفاق استئناف تصدير الحبوب الأوكرانية من الميناء الاستراتيجي وموقعين آخرين على البحر الأسود.

الهجوم أعاد القلق إلى سوق الغذاء العالمي، خصوصاً أنّ أوديسا تصنف على أنها أكبر موانئ تصدير الحبوب في البحر الأسود.

الهجوم الروسي يعيد القلق إلى سوق الغذاء العالمي، خصوصاً أنّ أوديسا تصنف على أنها أكبر موانئ تصدير الحبوب في البحر الأسود

فهل ينسف قصف الميناء البحري اتفاق إسطنبول، أم تتجاوزه كلّ الأطراف لتنساب صادرات إلى أسواق العالم مرة أخرى وتهدأ قفزات الأسعار التي رفعت عدد الجوعى حول العالم.

وذلك استناداً إلى ما قاله وزير البنية التحتية الأوكراني أولكسندر كوبراكوف من أنّ بلاده تواصل استعدادها لاستئناف صادرات الحبوب من موانئها المطلة على البحر الأسود رغم الضربة الصاروخية الروسية التي أصابت ميناء أوديسا يوم السبت.

المساهمون