أسعار الطاقة تحلق في سماء انتخابات الكونغرس الأميركية

20 أكتوبر 2022
هل تلعب أسعار النفط المرتفعة دوراً في انتخابات الكونغرس القادمة (Getty)
+ الخط -

عقّد قرار "أوبك+" الأخير بخفض إنتاج النفط بمليوني برميل اعتباراً من الشهر القادم موقف الرئيس الأميركي جو بايدن وحزبه في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس المقرر عقدها الشهر المقبل، حيث ارتفعت أسعار الطاقة في أميركا، بينما واصل بايدن استنزاف احتياطي النفط الاستراتيجي لبلاده.

وعلى مدى العصور، لعب معدل التضخم الأميركي دوراً هاماً في الانتخابات الأميركية، ومازال بايدن يذكر بالتأكيد كيف خسر جيمي كارتر الرئاسة لفترة ثانية عام 1981، ويذكر أيضاً أن التضخم المرتفع كان من أهم عوامل خسارته، وهو ما يخشى الرئيس الحالي تكراره، سواء معه شخصياً في انتخابات الرئاسة في 2024، أو حتى في الثامن من نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، مع أعضاء حزبه المرشحين للكونغرس.

وفي مسحٍ حديث أجرته شركة استطلاعات الرأي Rasmussen Reports، قبل إعلان بايدن سحب 15 مليون برميل إضافية من الاحتياطي، ونشرت نتائجه يوم الخميس، أكد نحو 83% ممن شملهم المسح من الناخبين الأميركيين قلقهم من ارتفاع أسعار وقود السيارات وأسعار الوقود المستخدم في التدفئة في المنازل. 

وقال التقرير الصادر عن الشركة: "مع اقتراب موعد انتخابات التجديد النصفي بعد أقل من ثلاثة أسابيع، لا يزال معظم الناخبين قلقين بشأن ارتفاع أسعار البنزين ويمنحون الرئيس جو بايدن علامات منخفضة لسياسته في مجال الطاقة".

وأظهر المسح أيضاً أن نحو 82% من الناخبين توقعوا أن تكون سياسة الطاقة الخاصة بالرئيس بايدن مؤثرة في انتخابات الكونغرس القادمة.

ووفقًا لتقرير الشركة، قال 46% من المشاركين إن الرئيس بايدن قام بعمل سيئ في سياسة الطاقة، بينما اعتبر 38% منهم السياسة "جيدة أو ممتازة". ومن بين الناخبين المتوقع أنهم من مؤيدي الحزب الجمهوري، قال 72% إن "بايدن قام بعمل ضعيف في تعامله مع ملف الطاقة، مقارنة بـ20% صنفوا ما قام به في القطاع على أنه ممتاز أو جيد".

ونجحت سياسات بايدن في تخفيض سعر وقود السيارات خلال الأشهر الثلاثة التي سبقت قرار "أوبك+"، وساعدته سياسة الإغلاق التي اتبعتها الصين لمواجهة عودة فيروس كوفيد-19، إلا أن الأسعار عاودت الارتفاع في محطات الوقود، التي يراها الأميركيون كل يوم، آخر أسبوعين.

ورغم إعلان بايدن عن سحب آخر دفعة من خطة السحب من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي لبلاده يوم الثلاثاء، وتأكيده قبل ذلك وجود "تبعات" لقرار خفض الإنتاج، ربما تشمل تقليص مبيعات السلاح للسعودية وعدم تشجيع المستثمرين على التوجه للرياض، واصلت أسعار النفط الارتفاع لليوم الرابع على التوالي هذا الأسبوع.

وبعد أن كان تقليص استخراج النفط الأحفوري الأميركي على رأس أجندة بايدن الانتخابية، قبل وصوله إلى البيت الأبيض، غضّ الرئيس الأميركي الطرف عن الشركات العاملة في المجال، أملاً في منحها الفرصة لزيادة إنتاجها، إلا أن إنتاجها لم يفلح حتى الآن في تعويض نقص الخام المعروض.

وواصل إنتاج النفط نموه البطيء، لأسباب ليس أقلها التحديات المختلفة التي تواجهها شركات الحفر، بما في ذلك الآثار الشاملة للتضخم، ونقص العمالة والمعدات، واستمرار مشاكل سلاسل التوريد.

وترى إيرينا سلاف، محللة أسواق النفط، أن "صورة أمن الطاقة الأميركي لا تبدو مشرقة"، مشيرةً إلى الدور الذي لعبته إدارة الرئيس بايدن هذا العام في تشويه هذه الصورة.

وفي مقال حديث نشرته يوم الأربعاء، كتبت سلاف: "تسبب السحب غير المسبوق من احتياطيات البترول الاستراتيجي في وصولها إلى أدنى مستوى لها منذ عام 1985، بعد أن انخفضت من 612 مليون برميل قبل بدء عملية السحب، إلى أقل من 445 مليون برميل الآن".

واستهلكت الولايات المتحدة العام الماضي، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية الحكومية، نحو 20 مليون برميل من النفط الخام يومياً، وهو ما يعني أن الاحتياطي الحالي لا يغطي احتياجات أكثر من 22 يوماً. ومن العشرين مليون المستخدمة يومياً، تنتج الولايات المتحدة 11.7 مليون برميل فقط، يتوقع أن ترتفع إلى 12.4 مليون برميل في 2023، بينما تقوم باستيراد الكمية المتبقية.

وفي بيان أصدره يوم الأربعاء بعد إعلان بايدن خطة سحبه من الاحتياطي، انتقد جيف إيشلمان، رئيس "رابطة النفط الأميركي المستقلة"، سياسة بايدن الخاصة بالسحب من المخزون الاستراتيجي، متهماً إياه باستخدامها لكسب رضاء الناخبين، قبل موقعة الشهر القادم.

وقال إيشلمان إن "احتياطات النفط الإستراتيجية وجدت لحماية المستهلكين من اضطرابات الإمداد الطارئة، لا لحماية السياسيين في عام الانتخابات".

ويوم الأربعاء، نشر البيت الأبيض خطة إعادة ملء المخزون الاستراتيجي، التي أوضحت توجه الإدارة الأميركية للشراء عند تراجع أسعار النفط العالمية إلى نطاق 67 - 72 دولاراً للبرميل، إلا أن خام برنت وقتها كان يسجل سعر 92 دولاراً للبرميل، بينما كان خام غرب تكساس الميركي يحلق فوق 85 دولاراً.

وعلى عكس توقع بايدن وإدارته، ارتفعت أسعار النفط بعد الإعلان عن السحب من المخزون يوم الأربعاء، بسبب تراجه المخزون الحالي. وواصلت الأسعار ارتفاعها مرة أخرى يوم الخميس بعد إعلان بكين تخفيف بعض القيود التي استهدفت وقف انتشار فيروس كوفيد-19 في البلاد من جديد. 

وتعليقاً على تطورات الأسعار الأخيرة، قال محللو أسواق الطاقة في بنك ساكسو إن "الطلب على الوقود في الأسابيع الأربعة الأخيرة، بعد ضبطه موسمياً، ارتفع لأعلى مستوياته منذ عام 2007، بينما بقيت المخزونات عند أقل مستوى لها في التاريخ لهذا الوقت من العام". 

المساهمون