تحت عنوان "الموضوعات في الصحف المصرية المبكرة (1870 - 1890)"، تلقي الأكاديمية إن. إيه منصور محاضرة في "المعهد الهولندي الفلمنكي" في القاهرة عند السادسة من مساء اليوم.
تنطلق الباحثة من مناقشة القول التاريخي بأن القاهرة هي المركز الثقافي والفكري للعالم الناطق بالعربية، لجهة أن ثقافة الصحافة والكتاب في مصر إلى تشكيل وسائل الإعلام في العالم الناطق بالعربية.
حيث ترى منصور أنه ومع ذلك، قد يكون من الأهمية بمكان، أن نلقي نظرة فاحصة على الصحافة المصرية خلال العقدين الأولين من إنتاجها، والتي تشير من خلال مضمونها إلى أن مصر ربما كانت أقل أهمية مما نعتقد في دورها الريادي في إنتاج الصحف العربية المبكرة.
تحاجج منصور بأن غالبية الصحف المصرية خلال سبعينيات وثمانينيات القرن التاسع عشر - العقد الثاني من الإنتاج المتسق للصحف باللغة العربية - كانت موجهة فقط للجمهور المحلي، في حين كان سوق الصحف العربية التي تتعامل مع الأخبار العالمية مشبعاً بالفعل من قبل الصحف الشعبية من إسطنبول وبيروت التي وصل تداولها إلى مستوى عالٍ في منتصف الستينيات من القرن التاسع عشر.
ورغماً عن هذا الإغراق في الشؤون المحلية، كانت مصر تنتج صحفها الخاصة بأعداد كبيرة، وكان تركيزها إلى حدّ كبير على الزراعة والأخبار المحلية - معظمها من المراسلين المحليين وتقارير الشرطة - ذات الصلة بالدلتا والقاهرة.
أما الموضوع الثاني الذي هيمن على الصحافة، فكان المعرفة الدينية؛ إذ تم تضمين بعض المقالات المتعلّقة بالأخبار العالمية في بعض الأحيان، ويرجع ذلك جزئياً إلى مكتب رويترز في الدلتا نفسها.
وفيما يتعلّق بالتركيز على الدين من عام 1880 فصاعداً، فقد غطّت هذه الموضوعات مسائل الأدب والأخلاق والسلوك الأخلاقي، والتي ترى الباحثة أنها مسألة يمكن فهمها كاستجابة للتحولات ولا سيما ثورة عرابي، غير أن التحوّل إلى جمهور أوسع لم يقع إلا في تسعينيات القرن التاسع عشر، مع حدوث تغيّرات في التركيبة السكانية في القاهرة وفي السياسة العثمانية.
تسعى الباحثة في محاضرتها إلى تحويل الحوار حول محتوى الصحف المصرية وتحدي الافتراضات حول البنية التحتية للصحافة المصرية والصحافة باللغة العربية بشكل عام، وتخالف رواية النهضة المبسطة لتحكي قصة صناعة الصحف المحلية بطبيعتها.
تتساءل منصور عما إذا كان نشر الصحف المصرية بعد فترة التسعينيات من القرن التاسع عشر قد تشكل من خلال هذا النهج المحلي إلى حدّ كبير لنشر الصحف. وتحاول أيضاً إعادة تقييم دور مصر في التاريخ الفكري والثقافي للعالم الناطق بالعربية.
يذكر أن إن. إيه منصور باحثة في قسم دراسات الشرق الأدنى في "جامعة برينستون"، حيث تهتم في المقام الأول بالتقاطع بين الدراسات الإسلامية والتاريخ الفكري للشرق الأوسط الحديث في السياقات العربية والتركية.
تتناول في أطروحتها التاريخ الفكري العالمي للصحافة التي تصدر بالعربية، وبشكل خاص تطور أنواع الكتابة الصحافية، والتقاطع بين الصحافة والفكر العثماني متعدّد اللغات والشتات، وتقوم حالياً بإجراء بحث تقارن فيه بين الأرشيفات المختلفة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا.