تشير الدراسات إلى تطوّر الصناعات الزجاجية والخزفية في إسبانيا وإيطاليا منذ القرن الخامس عشر بالاستناد إلى موروث حرفي ثري قدّمته الثقافة الأندلسية عبر قرون، وتشكّل الزخارف النباتية والتصاوير الأموية أساساً فيها، إلى جانب عناصر مستوحاة من الثقافة المغاربية والإسبانية.
كانت مدن الشمال المغربي ومنها تطوان وشفشاون الأكثر تأثّراً بهذا التفاعل الثقافي الذي استمر لمئات السنين، وظهر الخزف المزخرف بالكوبالت الأزرق، وفي بلاط السيراميك الفاخر المصمَّم بجودة فنِّية عالية، وخاصة في الباحات الداخلية والمساجد والحمَّامات العمومية والمقاهي والمتنزَّهات والحدائق وصحون النوافير.
في عام 1912، احتل الإسبان تلك المدن لأكثر من أربعة عقود حتى نال المغرب استقلاله سنة 1956، وشهدت تلك الفترة مزيداً من التأثر بالفنون الإسبانية، والذي يظهر في أشكال البناء بصورة رئيسية وما تتضمّنه من التصاميم والديكورات داخل البيوت.
"زلّيج عريق" عنوان المعرض الذي افتُتح عند السابعة من مساء اليوم الأربعاء في "معهد ثربانتيس" في الدار البيضاء، ويتواصل حتى الحادي والثلاثين من الشهر المقبل، ويضمّ العديد من النماذج الأصلية من السيراميك والبلاط المزجج الإسباني الذي استخدم على مدار القرنين التاسع عشر والعشرين.
وكان يجري استعمال هذه القطع "كعنصر زخرفي فسيفسائي في واجهات المنازل الجديدة والديكورات الداخلية خاصة في شمالي المغرب، إلى جانب العديد من اللوحات التوضيحية حول إعادة بنائها، وتُجمع للمرة الأولى بعد بحث مكثف استمر لعدّة سنوات، تحت إشراف القيّمَين أنطونيو رييس وأمين بختي"، بحسب بيان المنظّمين.
يضمّ المعرض قرابة ثلاثمئة بلاطة أصلية وألواح سيراميك وأجزاء من الخزف الفني والأواني الفخارية، وتدل كلمة زَليج على الطابع المرصوف الصقيل لفن فخاري يحمل ملامح مغاربية وإسبانية وبرتغالية يختلف عن نظيره العربي الإسلامي.
يوضّح البحث الذي استند إليه المنظمون كيفية انتشار هذا الفن خلال القرن التاسع عشر في مناطق عديدة حول العالم، وخاصة في أوروبا والشرق، وبعض التطورات التي شهدتها صناعة الزليج في المغرب وتناقُلها من جيل إلى آخر وصولاً إلى العصر الحديث، حيث يوجد اليوم أكثر من خمسين مدرسة حرفية تقدّم تدريباً في هذا الإطار.