الأغنية الإيرانية: انجرافات التربة الموسيقية

الأغنية الإيرانية: انجرافات التربة الموسيقية

22 يونيو 2016
من فيلم "هلالة" للمخرج الكردي الإيراني بهمان قوبادي
+ الخط -

يمكن تقسيم الأغنية الإيرانية إلى مرحلتين: قبل ثورة عام 1979 وبعدها. كانت الأغنية في زمن ما قبل "الثورة الإسلامية" ترتبط بشكل مباشر مع الناس، وكان شعراء الأغنية يكتبون عن فضاءات عاطفية تتعلّق بحياة الناس في الشارع والطبيعة والحب المباشر حيث نرى أن الإيرانيين ما زالوا يستمعون إلى تلك الأغاني كأنهم يتألّمون من ضياع زمنٍ ذهبي.

كانت تلك الأغاني تأتي من حناجر رجال ونساء تحمل الأحاسيس الصافية وعلاقات الإنسان بالطبيعة وبالآخر. في كل الأغاني كان للمحبوب المنزلة العالية وهذا يجعل الناس في صحة نفسية وأمل. في تلك اللحظة الحساسة، أتت بعض الأغاني وكأنها تمهّد لطريق الثورة مع مرحلة أخيرة كانت فيها الأغنية قد أخذت تعبّر عن مشاعر ثورية جعلت الناس تفكر بالتغيير وإسقاط النظام السياسي.

في مرحلة ما بعد الثورة الإيرانية، وبسبب الرقابة المتشددة والأجواء الدينية المتزمتة في إيران، أُبعدت الأصوات النسائية عن الغناء، وعلى مدى أعوام بعد انتصار الثورة احتكرت الأغاني الثورية مساحات البث في وسائل الإعلام الداخلية إلى أن جاء العقد التسعيني الذي يعتبر من العقود المهمة والتاريخية في حياة الإيرانيين؛ حيث أصبح الناس يستمعون إلى بعض الأغاني الجديدة والأغاني التي تصل إليهم من فنانين إيرانيين خارج البلاد.

أما الأغاني التي يغنيها الفنانون الشباب في إيران فقد جاءت غالباً في وصف الطبيعة والله والحب غير المباشر، والمرأة تستمع إلى تلك الأغاني بحنجرة رجولية؛ لأن الصوت النسائي في الأغنية الإيرانية مفقود.

"يغما كلروئي" من الشعراء الذين كتبوا عن هذه الأجواء بصوت يدافع عن حضور المرأة في كتابة الأغنية وفي الغناء أيضاً، بينما نيلوفر لاري بور ومحمد علي بهمني ومريم حيدرزادة كانوا من أعضاء اتحاد شعراء الأغنية في إيران الذين أخذوا يشطبون كلمات الحب والقبلة في أغاني الشعراء الشباب.

الفراغ الكبير الذي نشعر به هو غياب المرأة المغنية في إيران، بل إن المرأة الشاعرة تحاول أحياناً أن تكتب قصائد غنائية بنبرة رجولية حتى يغنّي قصيدتها الفنانون الرجال.

من جهة أخرى، فإن شعراء الأغاني لا يستطيعون التعاون مع الفنانين خارج البلاد، وهذه المسافة بين الشاعر والملحن والمطرب جعلت بينهم وبين المجتمع هوة عميقة، وباتت أكثر الألحان إما تأتي تقليداً لألحان غربية أو عربية. وفي هذه الأغاني لا مكان للحب، حتى إن الأغاني لم تعد تصنع للجيل الجديد ذكريات جميلة كما كانت تفعل الأغنية قبل الثورة وتحوّلت هذه الذكريات عبر الأغاني إلى ما يشبه مراثيَ تترسّب في ضمائر الشباب.


* كاتبة وشاعرة من جنوب إيران (مواليد 1985) 
** ترجمة عن الفارسية: حمـزة كوتي



دلالات

المساهمون