مثل شجرة

11 فبراير 2016
دعاء العدل/ مصر
+ الخط -

مثل شجرة هي الموسيقى. يمكننا إحصاء عشرات الأشكال والأنماط كما نحصي أوراق شجرة، من الموّال والأغنية وصولاً إلى المسرح الغنائي والسيمفونية. رغم هذا الأفق الواسع المفتوح أمام الموسيقيين، كانت "الأغنية" النمط الغالب عربياً.

لم يكن ذلك اعتباطياً. لعله انعكاس لتركيبات نفسية واجتماعية قبل أن يكون بطئاً في تطوّر الذوق وانفتاح أفقه. ففي غضون قرن تقريباً، تحوّلت الأغنية إلى مرآة كبيرة وإلى مؤسسة ضبط، فهي وسيلة ترفيه وأداة دعاية، تذوّب الخطابات في فناجين المتعة السمعية، وتسخّر المواهب والألحان والآلات لها.

هيمنة الأغنية على مجمل الشجرة الموسيقية تبلور في ما عُرف بجيل العمالقة، عبد الوهاب وأم كلثوم أساساً، وقبلهما تحرّك سيّد درويش وسلامة حجازي وغيرهما بين الأشكال، وتزامن ظهور آفاق جديدة مع نهايات مسيرتي "الستّ" وموسيقار الأجيال.

من خارج المركز المصري، انفلتت الظاهرة الرحبانية نحو المسرح الغنائي، ثم خرجت تجارب تفصل الموسيقى عن الأغنية، قبل أن تعمّ موجة "التشبيب" في التسعينيات، والتي بدأت هي الأخرى بتصوّر محكوم بهيمنة الأغنية، ولكن مع الانفتاح المستمر على "الأذواق العالمية" خفتت هذه الهيمنة، ثم أخذت طرقات متشعّبة فوق أرضية التلقيم الغربي.

شيء ما داخلنا كان متوافقاً مع هذه النظرة الأحادية للموسيقى، غير أن الخروج منها طالما بدا بحثاً عن لعنة تطرد الجميع من فردوس "الزمن الجميل".

المساهمون