"تصادم" لأحمد فريد.. طبقات الحركة والكثافة

19 يناير 2023
"تصادُم"، مزيج على قماش، 180 × 200 سم
+ الخط -

أن تتعامل مع اللوحة بوصفها كياناً من طبقات مركّبة بعضها فوق بعض، والانتقال من طبقة إلى أُخرى فذلك يحتاج عملية خاصة يصبحُ فيها التشكيل ضرباً من الحفر بين هذه الفواصل، هذا هو ما اختاره الفنان المصري أحمد فريد في معرضه الذي حمل عنوان "تصادُم"، ويستمرّ حتى الأول من الشهر المُقبل في "غاليري سفر خان" بالقاهرة.

لا يُحيلُ العنوان إلى فظاظة تمتاز بها حياتُنا العصرية، بقدر ما يُذكّر بمتناقضاتها، فهي من جهة أُولى شديدة التقنية والناس فيها مجرّد ذوات منعزلة قلّما يلتقي أحدهم بالآخر. لكنْ، ومن جهة ثانية، فإنّ هذه الذوات تستبطنُ في كثير من الأحيان موقفاً غير ودّي، وبهذا تبدو أولى علامات الازدحام والتوتر اللذين يُمهّدان للوحة موضوعتَها الأصلية.

وكما الحال مع أي عملية تدرُّج، فإنّ لوحة فريد تنتقل شيئاً فشيئاً من عتَبات الازدحام الأوّلية إلى أُخرى أشدّ كثافة، وهكذا حتى تبلغ عناصرُ اللوحة وطبقاتها ذروة التصادُم.

من معرض تصادم - القسم الثقافي
جانب من المعرض

إلا أن الرحلة من النقطة الأولى إلى التي تليها وصولاً إلى المركز، تستغرقُ الكثير من المجهود. فهي لا ترمي إلى عرض كمية الأفكار المتعارضة والمتنافرة في عالم اليوم، بل تصوّر أمكنة ومعالم وعمارات وأجساداً أيضاً، وإن بدَوا في مجموعهم بحالة منمنماتية قصوى، أو على الرغم من أنّ التجريد يشدّ كلّ ما سبق صوب أشكال يصحُّ فيها التأويل أكثر من الإفصاح.

ألوانُ "تصادم" تخترق حدود بعضها بعضاً هي الأُخرى، لا تقف عند خط مستقيم، وحركتها السريعة تُساهم في إكساب اللوحة طبقاتها المتمايزة. وكذلك عناصر كلّ طبقة، فلا ترضى هي الأُخرى أن تقبع في مكانها، إنما تحاول الارتحال إلى المركز الكلّي. 

هل نحن أمام مدينة معاصرة أم دوامة؟ أو ربما عُدنا إلى تفصيل الحركة الذرّية، حيث النواة ومن حولها جزيئات متناهية في الصغر.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون