أوبرا "نيكسون في الصين": كيف يُصنع التاريخ
تستضيفُ خشبةُ المسرحِ الملكي في مدريد، ابتداءً في السابع عشر من الشهر الجاري وحتى الثاني من أيار/ مايو، أوبرا "نيكسون في الصين"، للمؤلف الموسيقي الأميركي جون آدمز (1947)، في استعادةٍ تخييلية للزيارة التاريخية التي قامَ بها الرئيسُ الأميركي ريتشارد نيكسون عام 1972 إلى جمهورية الصين الشعبية، بقيادة ماو تسي تونغ، والتي أثّرت بشكلٍ كبيرٍ في تقريب وجهات النظر بين الشرق والغرب.
وكان المخرج المسرحي الأمريكي بيتر سيلازر (1925 - 1980) قد اقترح في عام 1983 على الموسيقار الأمريكي تأليف قطعةٍ موسيقية عن زيارة نيكسون إلى بكين، في منتصف الحرب الباردة، عندما كان ماو تسي يحكم الصين الشعبية بقبضة حديدية.
وبعد خمسة أعوامٍ، عُرِضت الأوبرا للمرّة الأولى عام 1987 في هيوستن، أي بعد خمسة عشر عاماً من الحدثِ الشهير الذي أُعيد بناؤه، حيث قامت الشاعرة الأميركية آليس جودمان (1958) بتأليف نصها المسرحي الشعري، الذي تتحدث فيه عن الدور الحقيقي لرؤساء البلدين في مستقبل النظام العالمي، من خلال جدلية العلاقة بين السلطة والانعكاسات الحميمية لأبطالها.
عُرِضت الأوبرا للمرّة الأولى عام 1987، في هيوستن
وقسّمت الشاعر الأميركية نص العرض الأوبرالي إلى ثلاثة فصول، حيث تظهر، في الفصل الأول، تحضيرات فرق الجيش الصيني المستعدة لاستقبال الطائرة الرئاسية التي تقل الرئيس الأميركي إلى مطار بكين. مع هبوط الطائرة، يخرج نيكسون مع السيدة الأولى ووزير خارجيته هنري كيسنجر. وينتهي الفصل الأول مع مأدبة العشاء في "قاعة الشعب الكبرى" حيث يتبادل الرئيسان المجاملات والخطابات.
يبدأ الفصل الثاني مع السيدة الأولى وهي تزور المعالم السياحية في بكين، عند غروب الشمس، يحضر الرئيس الأميركي أوبرا بكين التقليدية بعرض سياسي يتحدث عن انهيار إقطاعي ومالك أراض قاسٍ وعديم الضمير (تلعب الدور شخصية تشبه كيسنجر إلى حد كبير). يتأثر نيكسون بالعرض بشكل واضح.
إنها آخر ليلة للأميركيين في الفصل الثالث، حيث تدور حوارات طويلة وسريالية بعض الشيء بين الرؤساء. هل كان للزيارة أهمية تاريخية؟ نعم، يجيب الرئيسان، لكن نيكسون وماو يتساءلان إن كانا قد حقّقا أحلامهما الشابة.
ربما لو كانت أوبرا "نيكسون في الصين" فيلماً سينمائياً، لكانت خاتمته ستكون نموذجية: "شهر عسل بين الولايات المتحدة الأميركية والصين"، لكن ما لم يتوقّعه العالم أن شهر العسل سرعان ما انتهى بالطلاق.
