إطلاقُ نارٍ على ملابس رياضيّة

إطلاقُ نارٍ على ملابس رياضيّة

27 اغسطس 2023
+ الخط -

في مدينةٍ ما، كانت هناك مجموعة من الرياضيين، يتجوّلون على دراجاتهم الهوائيّة بلباسٍ رياضيّ، فقام شابان بالاستهزاء بهم؛ على أساس أن الرّياضة ولباسها الخاص ليست من عادات تلك المدينة، وأن هذا الأمر لا يطبّق إلّا في الدّول المتحضّرة كفرنسا وروسيا وغيرها.

ظل الشّابان يستهزئان بأفراد المجموعة، ويشتمونهم إلى أن وصل الأمر لإطلاق النار عليهم.

هذا هو الخبر، وانتهى.

كثيرًا ما نشهد أو نسمع خبرًا مثل هذا؛ كأن يرتدي أحدهم نظّارةً شمسية، فيُستهزأ به، وتُرمى عليه العبارات "مفكر حالك ع الشط" "أو في باريس". على الرغم من أن النظّارة الشّمسية لا علاقة لها بالبحر أو بباريس، إنما تستخدم لحجب أشعة الشمس عن العين. ولكن هؤلاء المُعلِّقين والمستهزئين يرفضون الآخر المختلف عنهم، ويطمرون رؤوسهم في التّراب، ويخافون أيَّ شيءٍ يشعرون أنه غيرُ مألوف.

أما بخصوص ما جرى مع الرّياضيين، فما يسري حقيقةً في نفس هذين الشابين اللذين تعرضا لهم، هو تحجيمٌ صارخ لعاداتهم في المدينة، وحصرها بالبداوة والتّخلف، ورفض كل ما هو خارج عن سياق الرّجعية في المشهد الذهني لديهم. هذا وعلى الرغم من أن الرياضة ليست عادةً من عادات المتحضّرين والمتقدمين فقط، إنما عادات كل الدول مهما اختلف زمانها ومكانتها من التطور والتقدم.

إذاً، لا تقتصر الرياضة على الدول المتقدمة؛ ففي البداوة، قديمًا، هناك أحاديثٌ كثيرة تجيزُ الرّياضة، وتجعلها مشروعة في قوانين العرب، منها: "العقل السليم في الجسم السليم". وهنا الجسم لا يكون سليمًا إلا بالرّياضة. "علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل". وهنا إشارةٌ واضحة لأهمية الرياضة والحركة.

أما فعل الشابين، فهو شاذٌ إلى أبعد الحدود، ولا يعبر بالضرورة عن ماهيّة المدينة، إنما يعبّر عن فَهم خاطئ للتاريخ العربي، والعادات العربية، وعن قصرٍ رهيب في النّظر إلى أمور الرّياضة، ورعبٍ حقيقيّ من الشيء غيرِ المألوف لهما.

الرياضة ليست ثقاقة متطورة، وليست رجعية؛ ما هكذا تقاسُ الأمور، إنما هي فعلٌ ضروريٌّ للترفيه أو لحياة بجسمٍ سليم.

الريماوي
محمد الريماوي
كاتب ومدوّن. خريج جامعة بير زيت. له اهتمامات في اللغة العربية والكتابة الإبداعية والشعر وكتابة الأبحاث والمقالات، ويقدّم محتوى مرئيًا ومسموعًا على منصات التواصل الاجتماعي.