الذين يؤلمهم أن يتصاغر الموقف المصري إلى درجة حمل الشروط الإسرائيلية للتفاوض لا يسيئون لمصر أو شعبها، بل يسيء إليهما من لا يخجل من ممارسة مصر دوراً كهذا.
نحن اليوم بصدد طور جديد من "مثقف الدولة" الذي لا يبادر ولا يقترح لكنه ينتظر الطلب، أو الأمر من الدولة "السلطة" لكي يذهب ويروح ويحاضر في إسرائيل أو لا يحاضر.
نصرة غزّة تكون بالذهاب إليها وكسر الحصار على شعبها، وليس انتظارها لتخرج جريحة ومهجّرة من المعبر إلى المجهول الذي أعدّه لها ترامب ونتنياهو، وغير ذلك ليس سوى باطل
استؤنفت حملات تكفير المقاومة، وتحميلها أوزار الركوع الرسمي العربي أمام الغطرسة الأميركية والوحشية الصهيونية، وصرنا نسمع وصلات الإدانة لمبدأ المقاومة ذاته.
يشيع ترامب أنه لا يحب الأنظمة العسكرية، لكنّه في الواقع يسلك على نحو أكثر تعسكراً من الجنرالات، ويزعم أنه رجل سلام لا يحب الحروب لكنّه يشعل الصراع في كلّ مكان.
كانت الخطيئة العربية الأولى إدانة طوفان الأقصى، ثم تراكمت الخيانات حتى وصلنا إلى ما يشبه مشروعاً عربيّاً لفرض الحصار على غزّة حتى تستسلم وتسلّم سلاحها.
ما يدعو إلى الأسف حقّاً فهو أن يتلقّف معارضو النظام المصري تصريحات ويتكوف المهينة بالتهليل، باعتبارها مقدّمةً لرفع الغطاء عن النظام والبحث عن بديل منه.