واجه السودان بعد استقلاله إرثا كولونياليا مأزوما لن يكتب للسودانيين، مهما أوتوا من مقدّرات، تجاوز تداعياته السالبة، ولعلّ لهذا دورًا في الحرب الدائرة اليوم.
للسودان ســفارات عاجزة ومغيبة بإرادة فاعل، وهي دبلوماسية جالسة في مقاعد المتفرّجين خارج البلاد، فيما الصراع محـتـدم بين متصارعين لا يدركون أيّ بلـد أضاعوا.
حري بالمنظمة الأممية، وبعد أن ضاقت أخلاق قياداتها، من خيارٍ لازم لأجل الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، فرض الوصاية المؤقتة على السودان لدواعٍ إنسانية.
التغيير الذي رفع جنرالات السودان راياته كان محضَ تغييـر في أحوالهم الدنيـوية، واكتنازاً للذهب والفضة وبنـاءً لعمـائر شُـيّدتْ من ريع نفط البلاد ومواردها.
اختلت موازين العدالة الدولية وتهـاوتْ، لتبـدأ حقبة هي أشـبه بالحقبـة التي ســـبقت ومهّـدتْ لتداعـي عصـبة الأمـم، فأكل مِنسأتها النمـل، لكنه كان نمل الأقــوياء.
لعلّ من نكبات الحرب البائسة في السودان أنها أنهكت الطرفين المتقاتليْن لتنال الدبلوماسية منهما إهمالاً متعاظماً وتغييباً متعمّدا، شهدت عليه جولات التفاوض الفاشلة
يتعـقّـد المشهدُ في السودان لشبهات تتصل بتوفير أسلحة وذخائر تأتي من أطراف خارجية لها صلاتٌ مع قيادة الدّعم السريع السودانية التي تقايضها بتحقيق بعض ما تطمع تلـك الأطراف في الحصول عليه من ثروات السودان، الأمر الذي يشي باستمرار هذه الحرب المدمّرة.
كان الخلاف الظاهر للعيان أنّ الحرب السودانية هي بين جنرالين على السيطرة على حكم السودان، غير أن تطورات وقائع تلك الحرب تكشفت عن أجندات وأهداف لم تكن واضحة في أيام الحرب الأولى، بل وراءها شُبهاتُ تحريضٍ من أصابعٍ خفيّةٍ من وراء الحدود.