الحكومة العراقية تلجأ للضرائب لمواجهة الأزمة الاقتصادية

الحكومة العراقية تلجأ للضرائب لمواجهة الأزمة الاقتصادية

28 ديسمبر 2014
38 % من العراقيين تحت خط الفقر (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

تضافرت مستجدات على العراق، ربما تدفعه في العام المقبل 2015، إلى فرض ضرائب على المواطنين للمرة الأولى، خصوصاً في ظل تهاوي أسعار النفط العالمية وزيادة حجم الإنفاق العسكري، والخسائر التي ألحقتها هجمات تنظيم الدولة الإسلامية بقطاع النفط والغاز والتجارة.
 
وكشف وزير المالية العراقي هوشيار زيباري، مؤخراً، عن بدء وزارته العمل على تقليل العجز بالموازنة ببدائل غير نفطية مثل زيادة الضرائب وفرض تعريفات جمركية على البضاعة التي

تدخل البلاد، إلا أن هذا الضغط لن يشمل الدواء والغذاء.

وأقر مجلس الوزراء العراقي، الأسبوعي، موازنة العام 2015، بقيمة 123 ترليون دينار عراقي (107 مليارات دولار) وبسعر تخميني لبرميل النفط بقيمة 60 دولاراً، وأحالها إلى مجلس النواب للتصويت عليها، متجاوزاً موازنة 2014، التي صرفت دون إقرارها.
 
ويتوقع مشروع الموازنة الجديدة عجزاً بقيمة 23 ترليون دينار (20 مليار دولار)، وأكد عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، علي محمد، لـ"العربي الجديد"، بعزم الحكومة فرض ضرائب على بعض الخدمات العامة ورفع الدعم الحكومي عنها كالكهرباء والماء، وبعض المشتقات النفطية وخدمات الهاتف المحمول.

وأضاف محمد أن الحكومة ستتجه أيضاً إلى زيادة الرسوم الجمركية على بعض الواردات لاسيما الأجهزة الكهربائية، بهدف تقليل العجز المالي لموازنة العام المقبل، معرباً عن قلقه من أن تتأثر الشريحة العراقية الفقيرة والمتوسطة بتلك القرارات.

وتهاوت أسعار النفط بأكثر من 48% في الأشهر الستة الماضية، ونزلت من مستويات 115 دولاراً للبرميل في يونيو/حزيران الماضي، إلى أقل من 60 دولاراً للبرميل بتعاملات ديسمبر/كانون الأول الجاري، ما يعني أن العراق العضو في أوبك فقد ما لا يقل عن 190 مليون دولار يومياً من إيراداته النفطية، إذ يصل إنتاجه في المتوسط إلى حدود 3.5 ملايين برميل يومياً.

ودعا محمد، الحكومة العراقية إلى التفكير في بدائل أخرى كالاقتراض من المصارف العالمية أو اعتماد نظام بيع السندات وتحويل الشركات الحكومية المملوكة للدولة إلى شركات مساهمة تستقطب الكثير من استثمارات القطاع الخاص.

وقال عضو غرفة التجارة العراقية، فلاح الطيب لـ"العربي الجديد": الجميع يشعر بالقلق من الخطوات التي تعتزم الحكومة القيام بها، فالمتأثر الوحيد بها سيكون الموظف والطبقة الكادحة من

أصحاب المهن والحرف الذين يعملون بالأجر اليومي.

ويضيف الطيب: "مع استمرار سعر صرف الدينار العراقي على حاله مقابل الدولار (1200 دينار مقابل الدولار الواحد) فإن القرارات تلك ستؤدي إلى ارتفاع نسبة الفقر بالعراق، وبالتالي انتعاش واتساع الجريمة والمشاكل الاجتماعية، حيث سيصاحب تلك الإجراءات ارتفاع مخيف في أسعار المواد الاستهلاكية.

وقالت اللجنة الحكومية للتخفيف من الفقر في العراق، في بيانات نشرتها عام 2012، إن 38%

من المواطنين العراقيين على الأقل يعيشون تحت خط الفقر.

ويبلغ إجمالي سكان العراق نحو 33.4 مليون نسمة. وتشير بيانات حكومية إلى أن عدد الفقراء في المناطق الريفية يفوق مثليه في المدن، وتحدد الحكومة العراقية خط الفقر بالاعتماد على احتساب كُلفة الاحتياجات الغذائية الأساسية للفرد الواحد البالغة 34.25 ألف دينار شهرياً.

ورغم أن العراق ينفق نحو 5 مليارات دولار سنوياً على المواد الغذائية الموزعة على سكانه، إلا أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والانفلات الأمني، زج بملايين العراقيين إلى براثن الفقر.
من جهته، قال عضو اللجنة المالية البرلمانية مسعود حيدر لـ "العربي الجديد" إن معالجة العجز لا يمكن أن تأتي من خلال رمي الكرة في ملعب الفقراء، خصوصاً أنه لا يعلم أحد ما إذا كانت هذه المقترحات قد تمت دراستها والتشاور بها مع المختصين أم لا.

وأشار حيدر إلى أن فرض الضرائب والرسوم يُحتسب كنسبة إلى إجمالي الدخل للمواطنين، ومدى تأثيرها على القدرات الشرائية للأفراد، حسب مستويات دخولهم، إذ بالإمكان فرض رسوم وضرائب على بعض السلع والخدمات ولكنها ستؤدي إلى زيادة الأسعار في السلسلة السلعية وبالتالي خفض القدرات الشرائية للمتقاعد الذي لا يتجاوز راتبه الشهري 400 ألف دينار، أما أصحاب الدخل العالي فإن تأثيرها سيكون عليهم غير ملحوظ.

وينتقد مراقبون، افتقار الحكومة العراقية، إلى قواعد بيانات عن دخل مواطنيها، وأن هناك فوارق كبيرة بين طبقات الشعب، فبينما يتجاوز راتب البعض عشرة ملايين دينار شهرياً، يبدو الملايين في قائمة معدومي الدخل، ما يتطلب تدخلاً حكومياً وإعادة هيكلة رواتب المواطنين، وفق المراقبين.

وأشار إلى أن إلغاء فقرة واحدة، بنود النفقات في الموازنة العامة، تعطي مردوداً أكثر من هذا التوجه، ومنها مثلاً إلغاء فاتورة الاتصال على الموبايل التي تُمنح لجميع المسؤولين من مدير قسم أو أقل وحتى أعلى المستويات في الدولة، أو نفقات تشغيل السيارات الحكومية للأغراض الشخصية.

وقال حيدر، إن المشكلة الحقيقة تكمن في العجز، إذ إن النفقات تتعاظم يوماً بعد يوم من دون

السيطرة على فقراتها، بينما تنخفض الإيرادات النفطية دون معالجة، نظراً لفقر المعالجات أو الرغبة في عدم المساس ببعض النفقات.

ومن المقرر أن يناقش البرلمان العراقي نهاية الأسبوع الجاري، الموازنة الاتحادية للدولة التي تذهب غالبية أموالها لوزارتي الدفاع والداخلية، فضلاً عن أجور الموظفين الشهرية وصندوق ضحايا الإرهاب.

ويطالب رئيس جمعية النزاهة المستقل فراس البغدادي، الحكومة بالابتعاد عما يمس حياة المواطنين والبحث عن رؤوس الفساد وقطعها والعمل على استعادة أموال العراق المجمدة خارج البلاد، فضلاً عن تقليل مرتبات أعضاء البرلمان والحكومة والبالغة شهرياً 20 مليون دينار (17 ألف دولار) للشخص الواحد منهم.

المساهمون