موارد داعش في العراق مؤمَّنة

18 فبراير 2015
محل كُتب عليه ملخص للصراع الدائر بين داعش والأكراد(أرشيف/Getty)
+ الخط -


قد يكون مجلس الأمن نفسه غير مقتنع بجدوى قراره، الذي وصفه كثير من الخبراء بالشأن العراقي (بروتوكولي) أو (شكلي لا يسمن ولا يغني عن جوع)، فيما ذهب آخرون بتفاؤل أكثر من سابقيهم بوصفه قرارا سيقطع ما نسبته 20% فقط من موارد تنظيم داعش بالعراق على نحو خاص، ذلك لأن داعش تمكن فعلا من اتخاذ خطوة استباقية لهذا القرار بتنويع مصادر تمويله ودخله اليومي في جناحيه العراقي والسوري، وهو ما يمكن وصفه بعمليات تمويل ذاتية في الغالب.

ويرى الخبير بشؤون الجماعات المسلحة في العراق، حارث الحديثي، أن مصادر تمويل داعش بالعراق كثيرة ومختلفة لا حصر لها ولا سيطرة عليها بالنسبة للغرب أو الحكومة ببغداد، قائلا: "مصادر داعش بالعشرات وكلها محلية وبعضها من المستحيل السيطرة عليه الآن، والقرار جاء بعد خراب البصرة".

ويضيف أن من مصادر تمويل داعش، الإتاوات التي يفرضها التنظيم على التجار ورجال الأعمال في المدن التي يسيطر عليها حيث يفرض شهريا على كل تاجر ما بين سبعة إلى عشرة آلاف دولار شهريا، مقابل أن يضمن داعش حماية كاملة للتاجر، فضلا عن أن بضاعته تتنقل بحرية داخل مناطق سيطرة التنظيم أو حتى عبورها إلى مناطق سيطرة الحكومة العراقية، إضافة إلى فرض رسوم على الشاحنات الكبيرة وصهاريج النقل العملاقة المارة في الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم، وعلى شركات الهاتف المحمول وشركات أخرى محلية مختلفة بحجمها التجاري.

وأوضح الحديثي، أن التنظيم يمتلك تسعة مصانع ضخمة عاملة في العراق هي الإسمنت والطابوق والفوسفات والأسمدة ومساحيق التنظيف والتعليب الغذائي، إضافة إلى مئات الآلاف من الهكتارات الزراعية المنتجة للقمح والشعير والفواكه والخضروات، والتي تعتمد عليها بغداد وباقي مناطق سيطرة الدولة، حيث من المعلوم أن مناطق شمال وغرب العراق تعتبر منذ القدم سلة غذاء العراقيين.

ويتابع الحديثي، أن "داعش يجني يوميا من تلك المصادر ما معدله مليون إلى مليون و800 ألف دولار على طول مساحة سيطرته بالعراق التي تقدر بنحو 48% من إجمالي الدولة"، وتشمل محافظات ومناطق مختلفة في نينوى والأنبار وصلاح الدين وكركوك وديالى وحزام بغداد الغربي والجنوبي وجزء من الحزام الشمالي. "كما يتقاضون من عمليات تهريب النفط التي يتورط بها تجار أكراد بتواطئ من مسؤولين فاسدين في كردستان ما قيمته 700 ألف دولار يوميا، وكان الرقم أعلى بكثير قبل انخفاض أسعار النفط عالميا"، حيث يسيطر التنظيم بالعراق على حقول بطمة وشورة وعين زالة وقصبة ونجمان والكيارة وجوان وباي حسن.
 
وأضاف الحديثي، أن تلك أبرز خطوط إمدادات داعش وكلها محلية وهي تدر له الأموال التي تمكنه من تجاوز قرار مجلس الأمن، الذي لن يؤثر عليه إلا بالمساعدات التي يتلقاها من خارج العراق وسورية؛ وهي لن تكون مؤثرة ولا تشكل سوى 20% من مجموع تمويله".

إلا أن الخبير الاقتصادي العراقي محمد محسن الطيار، يؤكد وجود مصادر تمويل أخرى غير التي ذكرها الحديثي، وهي ما يمكن وصفها بالمخفية عن الأنظار.

ويسرد الطيار، تلك المصادر الأخرى لـ "العربي الجديد" بقوله: " لدى داعش أصلا وفرة مالية من خلال استيلائه على العشرات من المصارف الحكومية والأهلية خلال اقتحامه المدن العراقية، ولديه عمليات تفكيك مستمرة لمنشآت عراقية يقوم ببيعها لجهات مختلفة وعبر مافيات وشبكات تهريب، فضلا عن عمليات تهريب الأغنام والاستيلاء على السيارات".

ويتابع: "من المصادر أيضا، المبالغ المالية الكبيرة التي يحصل عليها كفدية لقاء إطلاقه سراح العراقيين والأجانب الذين يتم اختطافهم من جانبه، وتبدأ من خمسين ألف دولار وتنتهي بمائة مليون دولار، إضافة إلى بيع المواقع الأثرية، واللقى التي يعثر عليها هناك، وغير ذلك عمليات غسل الأموال مع عدد من دول الجوار والدول الأوربية.

ويرى الطيار، أنه من الممكن ملاحظة أن خيوط وقنوات دعم التنظيم لن تتأثر بشكل كبير بقرار "تجفيف الموارد"، من خلال مراقبة توسعاته العسكرية، لافتاً إلى أن مسألة ديمومة السلاح ووفرته بيد داعش لا تتعلق بالمال الذي لديه على الإطلاق، حيث إن داعش تعتمد على سلسلة هزائم الجيش العراقي وسيطرتها على قواعده ومعسكراته التي تضم أسلحة ثقيلة وخفيفة.

دلالات
المساهمون