إسرائيل تحرق تربة غزة... والمزارعون قلقون

14 اغسطس 2014
الاحتلال تعمد قصف المناطق الزراعية وتدميرها (أرشيف)
+ الخط -

يسيطر القلق على المزارع جمال أبو وردة، خشية تراجع إنتاجية أرضه الزراعية، في منطقة العطاطرة شمالي قطاع غزة، وعدم صلاحيتها للزراعة خلال الفترة المقبلة، بعد بروز علامات الجفاف على عشرات أشجار الحمضيات.

ويقول أبو وردة (52عاماً)، وهو أب لتسعة أفراد، "لا يوجد لدي القدرة على استصلاح الأرض والتربة في ظل إغلاق المعابر الحدودية، وعدم توافر المواد اللازمة لذلك، الأمر الذي ينذر بضياع محصول هذا العام وتحمل خسائر مالية باهظة".

وخلفت قذائف الاحتلال التي استهدفت آلاف الدونمات الزراعية المنتشرة في مختلف مناطق القطاع حفراً ضخمة، واقتلعت الأشجار من جذورها، الأمر الذي يجبر المزارعين على انتظار عدة أشهر أو سنوات حتى تستعيد الأرض قدرتها الإنتاجية، وتتخلص التربة من المواد السامة التي أشبعت بها.

تهديد الأمن الغذائي
وأكد خبيران في الشأن البيئي والزراعيّ أن الاحتلال تعمد قتل التربة وما عليها من مزروعات عبر قصفها بكميات كبيرة من المتفجرات، لرفع تكلفة الخسائر الاقتصادية خلال العدوان، مرجحين استخدام الاحتلال قذائف متخصصة في قصف الأراضي الزراعية، تحرق كل شيء على سطح الأرض.

ويجمع المختصان أن الأسلحة التي استخدمها الاحتلال خلال هذا العدوان وعدواني أعوام 2008_2009 و 2012، بحاجة إلى العديد من الدراسات والتحليلات والأبحاث العلمية لمعرفة مخاطر الأسلحة وانعكاساتها على الإنسان والتربة وكافة مناحي الحياة.

ويقول أستاذ علوم الأرض والبيئة في الجامعة الإسلامية في غزة، سمير حرارة، إن "صواريخ الاحتلال وقذائفه التي استهدفت الأراضي الزراعية باتت تهدد الأمن الغذائي في غزة، وضاعفت من الخسائر الباهظة التي يتكبدها القطاع الاقتصادي منذ فرض الحصار على غزة".

ويضيف حرارة، لـ"العربي الجديد"، "تنوعت أضرار الكميات الكبيرة من المتفجرات التي ضربت المساحات الزراعية، بين إضعاف إنتاجية الأرض وعدم صلاحية التربة للزراعة، وتدمير مئات "الدفيئات" الزراعية، وحرق وقتل الأشجار بشكل مباشر بالقصف، أو غير مباشر عبر المواد السامة التي تحتويها المتفجرات".

ويوضح أنه لا يوجد دلائل جازمة حتى اللحظة على استخدام الاحتلال المواد السامة والمحرمة دولياً، ولكن نسب قليلة من تلك المواد، كالفسفور الأبيض، والذي تضاربت المعلومات حول استخدمه، كفيلة بخلق نتائج سلبية على الإنسان والتربة وما في باطنها لعدة سنوات.

ويخشى عشرات المزارعين من إصابة أراضيهم بالتصحر لعدم قدرتهم على استصلاح التربة نتيجة الافتقار للخبرات الكافية والدعم المالي، وعدم وجود تقارير عملية توضح لهم ماهية الأسلحة التي استخدمت بحق مزارعهم وكيفية المعالجة.

أضرار تصيب الجميع
من جهته، يقول وكيل وزارة الزراعة في غزة، نزار الوحيدي، إن مجرد ملامسة القذيفة أو الصاروخ الإسرائيلي لسطح الأرض، تنتج عدة أضرار تنتظر البيئة والكائنات الحية، بداية من التربة التي تصاب بفقدان الخصوبة وضعف الإنتاجية، ومن ثم تنتقل إلى الثمار التي قد تصاب بتشوهات وراثية وضعف الجودة أو تلف الشجرة بشكل عام.

ويضيف، الوحيدي، لـ "العربي الجديد"، أن الخطر الأكبر يمكن في تناول الإنسان تلك الثمار الملوثة، مما يتسبب له بأمراض مختلفة، وكذلك الماشية التي تتغذى على الأعشاب الملوثة، وأيضاً تسرب المواد الملوثة إلى باطن الأرض ومن ثم إلى المياه الجوفية.

وأوضح أنه منذ عدوان 2008_2009، والذي استخدام فيه الاحتلال الفسفور الأبيض، أرسلنا مئات العينات من التربة إلى المختبرات العلمية في الدول العربية، وعبر الوفود اللأجنبية التي كانت تأتي إلى غزة من أجل فحصها والخروج بتقارير عملية، ولكن لم نتلق حتى الآن أية نتائج.

وذكر الوحيدي أن توقف أو تدمير كل دونم زراعي يقابله ضياع خمس فرص عمل على الأقل، مبيناً أن الاحتلال الإسرائيلي يهدف بشكل غير مباشر إلى تدمير منظومة الاكتفاء الذاتي التي نجحت بقطاع الفواكه والخضروات خلال السنوات الماضية، وجعل اقتصاد غزة تابعاً لاقتصاد الاحتلال، ومستورداً لمنتجاته.

ومن المتوقع أن ترتفع بشكل تدرّجي معدلات الخسائر المالية للقطاع الزراعي في غزة، والتي قدرت بشكل أولي بـ251 مليون دولار، كلما تأخرت عملية استصلاح التربة وانتشال القذائف والمواد الخطرة من المزارع، الأمر الذي يهدد بضياع مصدر الرزق الوحيد لمئات العائلات.

المساهمون