13 عاماً مرت على الغزو الأميركي للعراق كانت كفيلة بتغيير أوضاعه الأمنية والاقتصادية والصحية والتعليمية والاجتماعية إلى أسوأ المستويات.
13 عاماً على إسقاط نظام صدام حسين ودوامة العنف ما زالت رحاها تدور، وتمعن في التفرقة الطائفية التي لم تكن معروفة قبل عام 2003.
ويرى الخبراء أن ما يضاف إلى البناء غير السليم للقوات العراقية، ظهور مليشيات مسلحة، فرضت منذ بداية احتلال العراق وجودها وتحركاتها، لتشكل بعد انسحاب القوات الأميركية في 2011، قوة ذات نفوذ واسع، وتسبب اقتتالاً طائفياً مزّق الوحدة الوطنية منذ 2005.
وأدى الاقتتال إلى تقاسم المناطق وتسميتها بـ"السنية" و"الشيعية"، ما أنتج تغييراً ديموغرافياً جديداً. وحصد العنف عشرات الآلاف من الأرواح، وضعفهم من المعاقين والمصابين، وأضعاف مضاعفة من الأرامل والأيتام.
اقرأ أيضاً: قلق أممي "بالغ" حول أوضاع النازحين في العراق
ورغم الميزانيات التي وصفت بـ"الانفجارية" التي دخلت خزينة الدولة العراقية جراء ارتفاع أسعار النفط، لا سيما بين 2006 و2014، لكن العراق زاد فقراً وبؤساً وتراجعاً في الخدمات والتنمية البشرية، وبحسب إحصاءات حكومية رسمية، يقدر أن أكثر من 25 في المائة من سكانه يعيشون تحت خط الفقر، فيما تتهم الحكومة باختلاسات وعمليات فساد كبرى.
وزاد من سوء الأوضاع الأمنية سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على مناطق واسعة في العراق، في يونيو/حزيران 2014، ما رفع من أعداد القتلى، وأدى إلى عمليات هجرة كبيرة، لم تشهدها البلاد من قبل. إذ يشكل العراقيون ثاني جنسية بعد السوريين في أعداد المهاجرين إلى أوروبا، في ظاهرة أربكت الدول الأوروبية، وسببت موت المئات منهم غرقاً أثناء عبورهم البحر من تركيا إلى اليونان بطرق غير شرعية.
التخريب المتعمد الذي حصل في العراق، بحسب الباحث في التاريخ العراقي الحديث حسين العباسي، لم يقف عند حد سماح القوات الأميركية بنهب المقرات الحكومية والمصارف والمستشفيات. وأوضح لـ"العربي الجديد" أن تلك "القوات سمحت بسرقة كنوز العراق التاريخية التي لا تقدر بثمن"، معتبراً أن سيطرة داعش على مناطق مهمة، وسرقتها لكنوز أثرية وهدم أخرى، يؤكد أن هناك عملية مدبرة لتحطيم تاريخ البلد الغني بكنوزه.
واجتماعياً، ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقرير سابق لها، إن أوضاع حقوق الإنسان في العراق لا تزال مزرية، خصوصاً بالنسبة للمعتقلين والصحافيين والناشطين والنسوة والفتيات.
كما تؤكد ناشطات في مجال حقوق المرأة أن النساء مستهدفات من جانب المتشددين دينياً خصوصاً السياسيات والموظفات والصحافيات. وتلفت إلى أن جرائم "غسل العار" تمثل تهديداً للنساء والفتيات.
اقرأ أيضاً: بلاد الرافدَين بلاد المعوّقين
وتشير الصحافية والناشطة أسماء العبيدي، لـ"العربي الجديد" إلى أن "حرية المرأة تقلصت، ولم نعد نأمن على أنفسنا. أعتمد على زوجي أو شقيقي لمرافقتي إذا تأخرت بعملي حتى المساء، وهذا حال جميع النساء، فالخوف من التحرش أو الخطف أمر بات مرعباً للعراقيات".
كذلك تجد العبيدي أن الحجاب صار ضرورة لا بد منها، فـ"الأحزاب الدينية" بحسب قولها "جعلت نشر الحجاب أولوية، ولم تلتفت لارتفاع نسبة البطالة والعنوسة والأمية".
الهجرة الخارجية والداخلية للعراقيين شملت الكفاءات والعقول. ويرى المواطن فاضل كسار (57 عاماً) أن "العراق فقد جيشه المنظم وقواته الأمنية، وفقد الأمان وقوته الاقتصادية، وخبراته وعلمائه، والأكثر بشاعة أنه فقد مستقبله، فصار ثلث جيل المستقبل أميا، وفطم على كره الآخر، وأدمن رؤية الجثث وسماع الكلام الطائفي".
أما نبيلة عبد الحميد، وهي مرشدة تربوية، تختصر لـ"العربي الجديد" بالقول إن " يكفي أن نعرف ما حصل في العراق بعد مرور 13 عاماً على غزوه، لندرك كيف تحول إلى البلد الأسوأ للعيش فيه في العالم".
اقرأ أيضاً: بغداديون يهاجرون إلى الريف بحثاً عن الأمان