هواجس العراقيات لا تنتهي: أولادنا تحت سيف الفقر

هواجس العراقيات لا تنتهي: أولادنا تحت سيف الفقر

18 يناير 2016
امرأة عراقية في مظاهرة ضد الفساد(حيدر حمداني/ فرانس برس)
+ الخط -
كانت أم أحمد الدليمي، وهي أم لسبعة أولاد، تعيش في بستانها مع زوجها وأولادها في رفاهية في الفلوجة. كان الربح كافياً وتساعد الفقراء في منطقتها. بعد الاحتلال الأميركي، تقول أم أحمد، "قتل اثنان من أولادي في يوم واحد في قصف أميركي، وخرجت مع العائلة إلى مكان آخر وتركنا خلفنا البستان المدمر. وبعد سنتين خطفت المليشيات ابني الثالث واختفت أخباره حتى هذه اللحظة". وتضيف في حديث مع "العربي الجديد": "بعنا البستان بسعر أقل من ثمنه الحقيقي، وأنفقنا منه طوال الفترة الماضية لكي نتدبر المعيشة، بانتظار أن ينهي بقية أولادنا دراستهم لمساعدتنا على البقاء في وضع اجتماعي مقبول، وهو ما لم يحصل مع الأسف".
وتضيف: "بعدما أنهى دراسته، حاول ابني الحصول على وظيفة لعدة سنوات دون جدوى. دفعته البطالة إلى الهجرة، فهنا لا نحصل على حق العيش إلا بشق الأنفس".
وقد بدأ العراقيون عامهم الجديد على وقع هواجس ومخاوف جديدة تضاف إلى المخاوف الأمنية ونقص الخدمات، وتتمثل بانهيار الوضع المالي للأسر والأفراد في ضوء تقليص الموازنة وزيادة نسبة العجز واستمرار الهبوط في أسعار النفط عالمياً، وهو الذي يمثل المصدر الأكبر، والوحيد أحياناً، لدخول العملات الصعبة إلى بلدهم.
ما يزيد الأمر سوءاً هو كثرة الشائعات والتحليلات التي تتحدث عن قرب إفلاس الخزينة العراقية واحتمال تعثر الحكومة عن دفع رواتب منتسبيها في أية لحظة، وذلك بعدما عصف الفساد في أداء حكومة رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، كذا ارتفعت وتيرة المواجهات المسلحة مع تنظيم داعش في الفترة الأخيرة. كما ازداد التدهور الاقتصادي في العامين الماضيين بفعل انخفاض أسعار النفط.
القلق الذي يساور الشباب، بسبب انعدام فرص التوظيف والبطالة، ينعكس بنسبة أكبر على شريحة أخرى وهي الأمهات اللاتي أصبحن يخشين من أن تفرض الظروف الراهنة على أبنائهن التفكير بالهجرة والبحث عن فرص مستقبلية لم تعد تتوفر لهم في بلدهم.
تقول أم جواد، من مدينة الحرية في العاصمة بغداد، وتبلغ من العمر 77 عاماً: "مات زوجي وترك لي خمسة أولاد صغار، وعملت كل شيء في سبيل تربيتهم، وتمكنت من إدخالهم المدارس، وكبر الأولاد حتى تخرج بعضهم من كليات مختلفة". وتكمل في حسرة:"لم أكن أتوقع أن أولادي سيتفرقون كل واحد في بلد بسبب الظروف الأمنية والاقتصادية
التي يمر بها العراق. يتمزق قلبي بينهم وأنا أراهم يتنقلون من مكان لآخر بحثاً عن لقمة العيش ".

صورة أخرى من المعاناة تتحدث عنها الحاجة أشواق. ابنتها تخرجت من كلية الاقتصاد، قسم المصارف، ولكنها فوجئت مما سمعته من ابنتها بعد خروجها من مقابلة للتوظيف في مصرف يعود لقائد أحد الأحزاب المهمة في البلد.
تقول أشواق: "خرجت ابنتي وهي تبكي وتقول (لم يلتفتوا إلى شهادتي الجامعة مع أنني كنت من المتفوقات دراسياً، ولم يختبروا قدراتي ومهاراتي كما كنت أتوقع، واكتفوا بسؤالي عن اسمي وعمري ومكان سكني). ولما رأتها إحدى عاملات التنظيف في المصرف جاءت لتهون عليها، وقالت لها إن المصرف لا ينظر إلى شهادة البنت وتفوقها، بل إلى قوامها، والعاقل يفهم".
وكانت وكالة الأناضول التركية قد نقلت قبل أيام عن صادق المحنا، رئيس لجنة العمل والشؤون الاجتماعية في البرلمان العراقي، توقعه بارتفاع معدلات الفقر في العراق عن الـ 30% خلال 2016 إلى جانب ارتفاع نسبة البطالة عن العام الماضي بسبب تدني أسعار بيع النفط في الأسواق العالمية.

اقرأ أيضاً: القرار الاقتصادي العراقي للبيع: فُتح المزاد

المساهمون