تعطل الملاحة الجوية
وعاش ما يزيد عن 15 ألف مسافر من مطار هانوفر شمال البلاد قبل أيام حالاً من الإرباك مع وقف الرحلات ساعات عدة، بفعل ارتفاع حرارة المدرج وحدوث تشققات في الأرضية والألواح الخرسانية غير الملائمة لدرجات حرارة تتجاوز 28 درجة. لأن تصميمها وتنفيذها يرتكزان على الحماية من الصقيع والمطر الغزير والثلوج ولم يؤخذ بعين الاعتبار مدى مقاومتها للحرارة كما هو معمول به في دول الخليج العربي على سبيل المثال، حيث تتخطى درجات الحرارة الـ 60 درجة مئوية في بعض الأحيان، وذلك بحسب تصريحات صحافية أدلى بها خبراء الطيران في ألمانيا.
وعادت حركة الملاحة الجوية إلى طبيعتها بعد توقفها ليلة كاملة، بعد إصلاح الأضرار والتشققات، علماً أن السلطات في عدد من المطارات الألمانية تتخوّف من أن تواجه مشاكل مشابهة إذا استمرت درجات الحرارة في الارتفاع خلال الأيام المقبلة.
حرائق تلتهم غابات
تعاني أجهزة الإنقاذ والإطفاء من ضغط في العمل بفعل المهمات المتزايدة الملقاة على عاتقها، ومنها مكافحة الحرائق التي شبت في عدد من الغابات، وأهمها في ولاية براندنبورغ، حيث أتلفت النيران نحو 160 هكتاراً من الغطاء النباتي.
وتشير الأجهزة المعنية إلى سيطرتها على الوضع، من دون أن تحدد الأسباب الرئيسة للحرائق، إن كانت بفعل فاعل أو بسبب الارتفاع القياسي في درجات الحرارة. علماً أن المنطقة كانت سابقاً مخصصة للتدريب العسكري وملوثة بمخلفات الذخيرة، ولا يستطع رجال الإطفاء التحرك براحة في المكان، حتى إنهم بادروا إلى ترطيب طرق الغابات المشتعلة ومساراتها قبل دخولها، منعاً لانتشار اللهب، مع الاستعانة بالمروحيات المخصصة لمكافحة الحرائق.
جفاف يضرب المراعي والمروج
يدفع ارتفاع الحرارة القياسي المزارعين إلى الطلب من الأجهزة الرسمية إعلان حالة الطوارئ، وبعد أن ضربت موجة من الجفاف العديد من المراعي والمروج الخصبة. وتوقع اتحاد المزارعين الألمان انخفاض نسبة المحاصيل أكثر من 20 في المائة التي كانت متوقعة، خصوصاً في شمال وشرق ألمانيا. وطالب اتحاد المزارعين الحكومة بدعم الشركات الزراعية الصغرى ودعمها في جني غلالها، خصوصاً تلك التي ينقص معدل إنتاجها عن الطبيعي، بالمقارنة مع السنوات الخمس الماضية.
ويتخوّف مربّو الأبقار من استمرار موجة الحرّ أياماً طويلة، على الرغم من أن لديهم ما يكفي من المياه لحيواناتهم، وذلك لأن معدل المياه الذي تستهلكه الأبقار الذي يعادل 150 ليتراً يومياً يدفع هؤلاء لإبداء مزيد من القلق، عدا عن كونهم يستهلكون مخزونهم من الأعلاف الشتوية لأن المروج العشبية لا تنمو بما فيه الكفاية بسبب الحرارة، فضلاً عن أن إنتاج الأبقار للحليب ينخفض في الطقس الحار. ويعمد المزارعون إلى استخدام نوافير رذاد المياه لتبريد أجسامهم وأجسام المواشي في المزارع.
كذلك استخدمت السلطات في عدد من المدن الألمانية سيارات الشرطة المجهزة بخراطيم المياه، المخصصة لمكافحة الشغب، لري المزروعات في الحقول والنباتات في المنتزهات العامة. وفي ولاية شمال الراين وستفاليا استعانت البلديات بأكياس مياه خاصة، سعة الواحد منها نحو 100 ليتر، ووضعتها على جذوع الأشجار.
أما مدن الحيوانات، وسعياً من إداراتها إلى تفادي الأذى وتعرض حيواناتها لحالات مرضية بفعل درجات الحرارة المرتفعة، استخدم القائمون على الرعاية قطعاً عملاقة من الثلج لتبريد حرارة الحيوانات، ولتلافي تعرض حياتها للخطر.
منع الألعاب النارية
وبالعودة إلى مدينة هامبورغ، ألغت السلطات احتفالاً تقليدياً تستخدم فيه عادة الألعاب النارية، مخافة أن تسبب الحرارة أو الهواء حرائق، خصوصاً أن مكان الاحتفال قريب من منطقة مكسوة بالأشجار. في حين شجعت الأجهزة المعنية على حماية الغابات، وأوصت زوّار الغابات بعدم ركن سياراتهم على العشب الجاف أو إلقاء أعقاب السجائر من السيارة، والالتزام بالقوانين في ما يخص التخلص من المواد المستخدمة في عمليات الشواء. علماً أن السلطات وإدارة الإطفاء تستبعد نشوب حرائق ضخمة كما حصل في كل من السويد واليونان.
انخفاض منسوب المياه
وفي خضم ذلك، برزت الحجارة والصخور في العديد من الأنهار والبحيرات في ألمانيا، بفعل انخفاض منسوب المياه. وفي نهر الراين الذي تعبره العديد من سفن الشحن تم الإيعاز بنقل نصف الحمولة العادية مع تناقص منسوبه.
كذلك تضرّر عدد من الطرق السريعة وتشققت بسبب تمدد الإسفلت، ما عطل حركة المواطنين ساعات طويلة. وعمدت السلطات في مدينة شتوتغارت إلى تحذير السائقين من القيادة بالسرعة القصوى على الطرق المفتوحة، والالتزام بالإرشادات، ومنها عدم تجاوز سرعة 80 كيلومتراً في الساعة. وفي ولاية راينلاند بفالس، عمدت أجهزة الإطفاء إلى الاستعانة بأحواض السباحة المحلية لملء خزاناتها.
شواطئ ومثلجات
في حين تعاني قطاعات من موجات حرّ خلفت خراباً، انتعشت أسواق أخرى، بالأخص في مناطق بحر الشمال والبلطيق. فازدهرت المناطق السياحية وامتلأت البيوت المخصصة للسياح، وتكدس الناس على الشواطئ، وانعكست أجواء الصيف الاستثنائي على مبيعات الحوانيت المخصصة للمثلجات والمشروبات الباردة، ما يؤشر إلى نشاط ملحوظ في قطاع الخدمات السياحية والصناعات المرافقة لفصل الصيف. ومن المتوقع أن يحقق هذا النوع من النشاط التجاري أرباحاً هذا الصيف، بمساعدة عامل الطقس في بلد لم يعتد سكانه على استخدام مكيفات الهواء، رغم أن الحرارة لامست أربعين درجة مئوية.