مساعٍ فلسطينية لتوطين صناعة الإسمنت

04 أكتوبر 2016
تستورد فلسطين الإسمنت من الاحتلال (فرانس برس)
+ الخط -
تسعى فلسطين لتوطين صناعة الإسمنت التي لطالما تعرضت البلاد لأزمات بسببها، بفعل احتكار الاحتلال الإسرائيلي خطوط إنتاج هذه المادة على مدار العقود الماضية.
وأعلن صندوق الاستثمار الفلسطيني (شبه رسمي) بدء العمل على إقامة مصنع الإسمنت الأول في فلسطين، بمحافظة بيت لحم جنوب الضفة الغربية، على أن يتم إنجاز المرحلة الأولى منه خلال 24 شهرا، بتكلفة استثمارية مقدارها 310 ملايين دولار.

ويهدف المصنع لتلبية حاجة السوق المحلية المتنامية من الإسمنت، في وقت يحتكر فيه مصنع "نيشر" الإسرائيلي، تزويد الجانب الفلسطيني بالحصة الأكبر من هذه السلعة الاستراتيجية، في حين يتم سد الحصة المتبقية من الإسمنت الأردني أو التركي.
وتستورد فلسطين إسمنتاً بنحو 300 مليون دولار سنويا.

وكانت شركة "سند" للصناعات الإنشائية (إحدى أذرع صندوق الاستثمار)، قد طرحت، قبل عام، إقامة مصنع للإسمنت في منطقة وادي الشعير شمالي الضفة الغربية، إلا أن المجتمع المحلي رفض إقامة المشروع بشدة، حرصا على الأراضي الزراعية في المنطقة، وهو ما اضطر الشركة للبحث عن مكان آخر، إلى أن تم اعتماد منطقة شبه صحراوية، قليلة السكان، في الجهة الشرقية من محافظة بيت لحم.
وتقول شركة "سند" إن المصنع سيقام على مساحة 3300 دونم في برية بيت لحم، بعد أن أثبتت الدراسات أن الحجر المستخدم في صناعة الإسمنت في هذه المنطقة يكفي لـ 50 سنة قادمة، على أن تكون الطاقة الإنتاجية للمصنع قرابة مليون طن سنويا.

ويقول المدير العام للشركة، لؤي قواس، إن السوق الفلسطينية تحتاج إلى 3 ملايين طن من الإسمنت سنويا، ومن المتوقع أن ترتفع الحاجة إلى 4 ملايين طن بحلول العام 2022.
ولفت قواس، في تصريحات للصحافيين، إلى أن الهدف من إقامة المشروع يتمثل بتوطين صناعة الإسمنت، والحفاظ في الوقت ذاته على استمرارية تزويد السوق بسلعة الإسمنت، التي يرتبط توفرها الدائم بالأمن الاقتصادي لعشرات الآلاف من العاملين في قطاع الإنشاءات ككل.

بدوره، أكد رئيس اتحاد المقاولين الفلسطينيين، مروان جمعة، أن لدى المقاولين نية لشراء أسهم في شركة "سند"، من أجل دعم فكرة إنشاء مصنع الإسمنت.
وقال إن "لذلك أثرا مباشراً في ما يتعلق باستقلالية السوق الفلسطينية، ووفرة سلعة الإسمنت الاستراتيجية، وانخفاض الأسعار".
وأوضح جمعة، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن مصنع "نيشر" الإسرائيلي ظل ينظر إلى السوق الفلسطينية على أنها المكان المناسب لتصريف فائض الإنتاج لديه، نظرا لارتفاع تكاليف التصدير إلى الخارج.

ولفت إلى أنه عندما يرتفع الطلب في السوق الإسرائيلية على الإسمنت، كان المصنع الإسرائيلي يتوقف عن تزويد الجانب الفلسطيني بهذه السلعة، وهو ما يترك أثرا سلبيا على الاقتصاد الفلسطيني والأمن المعيشي لعشرات آلاف العمال، الذين يرتبط عملهم بالإسمنت بشكل مباشر أو غير مباشر.
وأكد جمعة أن سعر طن الإسمنت في إسرائيل أقل بـ 20 دولارا مقارنة مع السوق الفلسطينية، ومن شأن وجود مصنع فلسطيني أن يخفض من تكاليف النقل، بما ينعكس على الأسعار التي يتوقع لها أن تنخفض بنسبة 20% مع بدء إنتاج المصنع الفلسطيني.

ويؤكد رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمار الفلسطيني، محمد مصطفى، أن التبعية للاقتصاد الإسرائيلي بمجموعة من السلع والخدمات الأساسية مثل الطاقة والخدمات الصحية والإسمنت، تمس صميم الأمن الاقتصادي الفلسطيني، ما يتطلب تغيير هذا الواقع عبر العمل الجاد لإيجاد بدائل محلية.
واعتبر مصطفى أن فوائد مشروع مصنع الإسمنت ستظهر على المستوى الوطني لزيادة القدرة على توفير هذه المادة على مدار السنة دون انقطاع، ما يعني تقليل الاعتماد على الاستيراد من الخارج، وهي خطوة مهمة للاستثمار في المناطق النائية والمهمشة لإعادة إحيائها.


المساهمون