حكاياتهم، من المهد إلى اللحد مروراً بالنضال. غالباً ما يظهر "الرفيق" كاميلو برفقة تشي غيفارا في المتحف، لكن حكايته تتوقف قبل "موته الغامض". لا يُذكر كيف قضى نحبه. يروي "ثوّار مُبعدون" أنّ راوول كان يمقته. رواية يتداولها كوبيون سرّاً حتى الآن. أُعلن وقت اختفائه أنّه مات عندما وقعت مروحيته في المحيط المقابل للجزيرة. لم يُعثر على جثته أو على حطام الطائرة. لكن أيضاً لا يهمّ، الثورة أكبر من (تأكل) أبناءها.
في المتحف أيضاً، لباس الثوار وأحذيتهم وأجهزة اتصالاتهم. وآلة التصوير الخاصة بغيفارا. كان الأخير مولعاً بالصورة.
الثائر الأممي الحالم
* حصل الثائر الأرجنتيني على الجنسية الكوبية بعد انتصار الثورة. تولى منصب وزارة الصناعة ورئاسة البنك المركزي. كان يوقع الأوراق المالية باسم تشي، وهو لقب أرجنتيني يعني السيد، محبّب لغيفارا.
مثّل تشي كوبا في المحافل الدولية، وألقى خطابات لاذعة ضدّ الإمبريالية. لم يكن الشاب الثائر يُجيد التعامل برأس المال، هو شاب حالم تخلى عن الطب كي يجول الحقول ويحقق حلمه اللاتيني. لم يكن قد تجاوز الـ 23 عاماً حين قرّر المضي في رحلته الأولى حول أميركا اللاتينية برفقة صديقه ألبرتو وعلى متن دراجة الأخير النارية.
يروي تشي أحداث هذه الرحلة في كتابه "يوميات دراجة نارية". يظهر فيها شاباً حالماً يخاطب البحر ويرمي به أسراره. ويحمل كلباً صغيراً أسماه "كوم باك" إلى حبيبته في ميامار. لم يكن ذلك الشاب يشبه وزيراً للصناعة أو مديراً للبنك المركزي. لكن تشي أراد للثورة أن تنتصر، بعد الحصار الذي فرضه الأميركيون عليها لمعاقبتها وتركيعها. كان يظهر في الصور إلى جانب عمال المصانع، والفلاحين في الحقول، يعاونهم يداً بيد.
غير أن همة الثائر الأرجنتيني لم تُنقذ البلاد من أزمتها. يبدو أنّه وجد أنّ مكانه في ساحة المعركة والنضال، ليس من أجل تحرير أميركا اللاتينية فقط، وإنما فقراء العالم من الاستعمار والرأسمالية. قاده حلمه إلى الكونغو. لكن بعدما كتب ورقة إلى فيديل يتحمّل فيها مسؤولية "مغامرته". توجُّه تشي إلى أفريقيا كان سيُغضب الحلفاء السوفييت، وهذا ما لم يكن يريده كاسترو. فشل تشي في الكونغو. وعاد مرّة أخرى إلى حلمه اللاتيني.
ساعده فيديل ليتنكّر بشخصية رجل بوليفي. صورته متنكراً وجواز سفره المزيف أيضاً في متحف الثورة، حيث يبدو كرجل أرستقراطي جذاب. رحل تشي إلى بوليفيا ليدرّب رجالا على التمرّد، لكن الجيش البوليفي أوقعه في الفخ، واغتاله. راح فلاحو بوليفيا يبكونه بعدما عُرض ممدّداً على طاولة في منزل ريفي. قبل أن يحتجز الجيش البوليفي جثمانه.
نجحت هافانا بإعادة الجثمان عام 1998، لكن معارضين كوبيين يقولون إن ما أعادته هافانا لا يخص تشي. الجثمان موجود اليوم في سانتا كلارا، حيث خاض المعركة الأخيرة في الثورة الكوبية. لعلّ موت غيفارا المبكر (لم يكن يتجاوز 39 عاماً)، في ساحة المعركة ضدّ الإمبريالية، وانسحابه من براثن السلطة، هو ما جعل منه أسطورة عالمية.
يتبع...