قمح سورية بيد حلفاء النظام

11 يناير 2016
القمح السوري (فرانس برس)
+ الخط -
لجأت سورية، في نهاية شهر كانون الأول /ديسمبر، إلى شراء كمية 200 ألف طن من القمح من روسيا حيث تحاول الحكومة تلبية حاجة السوق المحلية وتعويض انخفاض الكميات التي يؤمنها المزارعون.
وفقا لوكالة رويترز للأنباء، وافقت المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب على شراء القمح من تجار روس. وهذه هي المرة الثانية، في غضون أربعة أشهر، التي توقع سورية خلالها على عقود لشراء القمح، إذ سبق واستوردت في أكتوبر/ تشرين الأول كمية 200 ألف طن من القمح.
بحسب المعلومات المتوافرة، قامت سورية عام 2015 باستيراد 650 ألف طن من القمح. وإلى جانب الشحنتين الأخيرتين، اشترت في ربيع العام نفسه 150 ألف طن، بينما قدمت الحكومة الروسية صيف العام نفسه كمية 100 ألف طن من القمح مجاناً.
وفي حين كانت سورية، في غالبية سنوات ما قبل الثورة، مكتفية ذاتياً من القمح، فإن نتائج الحرب أرغمتها على استيراده بكميات كبيرة. لا يعود الأمر إلى سوء المواسم فقط بل إلى أسباب تتعلق بإمكانية نقل المحصول من المنطقة الشمالية الشرقية حيث تتركز زراعة القمح، إلى الغرب حيث تعيش غالبية السكان، ما يجعل استيراده أقل تكلفة بالنسبة للحكومة.
إذ تفرض الدولة الإسلامية إتاوات عالية على عبوره مما يجعل ثمن المحصول المحلي مرتفعا جداً، وبالنتيجة لم تتمكن الحكومة أن تشتري من المزارعين المحليين سوى كمية 400 ألف طن فقط، أي ما يعادل خمس إجمالي المحصول.
وفي الوقت نفسه، كانت أسعار القمح في السوق العالمية قد شهدت تراجعاً على مدار السنوات والأشهر الماضية. ففي غضون شهرين فقط، انخفض المدفوع من قبل الحكومة لاستيراد القمح بحوالي 11%، إذ انخفض سعر طن القمح من 192 يورو في شهر تشرين الأول/ أكتوبر إلى 170 يورو في شهر كانون الأول/ ديسمبر.
إن حاجة الحكومة السورية إلى استيراد القمح تضعها أمام تحديات مالية وسياسية حقيقية. فمن الناحية المالية، يستنزف الاستيراد الاحتياطي الحكومي المحدود أصلاً من العملات الأجنبية، وكذلك فإن الاستيراد يستنزف خط الاعتماد الذي فتحته الحكومة الإيرانية لسورية. أما سياسياً، فإن الاستيراد يجعل الحكومة السورية أكثر اعتماداً على حليفيها: إيران، التي تمول عمليات الاستيراد، وروسيا التي تقدم القمح.
وفي حين قد يتمنى البعض أن يشكل هذا الأمر وسيلة ضغط بيد هاتين الدولتين على الحكومة السورية، فإنه يجب على المرء أن يأخذ دوماً بالاعتبار النتائج الإنسانية الخطيرة الناجمة عن استخدام القمح أو غيره من المنتجات الغذائية، أداة سياسية، حتى لو كان هذا الاستخدام ضد عدوك.
(خبير اقتصادي سوري)
المساهمون