قراءات روسية لـ"بيريسترويكا" السعودية: تصفية خصوم ولي العهد

09 نوفمبر 2017
بن سلمان يستعجل إقصاء الخصوم المحتملين (Getty)
+ الخط -
في مقال بعنوان "بيريسترويكا على الطريقة السعودية: كيف تجمع الرياض بين الإصلاحات وصراع العروش"، يصف رئيس قسم النزاعات الشرق أوسطية في معهد التنمية الابتكارية في موسكو، أنطون مارداسوف، يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني بأنه كان "يوماً كبيراً لمحبي نظريات المؤامرة"، معتبراً أنّ ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، هو الخيط الذي يربط بين استقالة رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، وتشكيل لجنة مكافحة الفساد وتوقيف 11 أميراً، بمن فيهم الأمير وليد بن طلال، واعتراض صاروخ أطلقه الحوثيون في اليمن.

ويشير كاتب المقال الذي نُشر في صحيفة "ريبابليك" الإلكترونية، الثلاثاء الماضي، إلى إجماع أغلب الخبراء الدوليين على أن "الاعتقالات المثيرة للضجة بعيدة عن مكافحة الفساد، بينما الهدف الحقيقي للجنة المشَكَّلة على عجل، هو تصفية الخصوم المحتملين ومنتقدي الأمير محمد الذي يستعد لاعتلاء العرش".


ويذكّر الخبير الروسي بأن "مؤامرات القصر والصراع على العرش ليست بأمر جديد في تاريخ السعودية، ولكن اللاعبين كانوا يفضلون سابقاً العمل برقة من خلال تشكيل تحالفات بين أعضاء الأسرة الملكية، وليس بتوجيه إنذارات لبعضهم البعض والقوى القبائلية، وانتهاج سياسة حادة قد تزعزع استقرار المنطقة". ويضيف أن "استمرار التدخّل السعودي في النزاع المسلّح بين الحوثيين والقوات الحكومية اليمنية منذ مارس/آذار 2015، والأزمة الدبلوماسية حول قطر التي اندلعت في يونيو/حزيران 2017، يرتبطان بشكل مباشر بشخصية الأمير محمد" الذي يسعى لتعزيز مواقف السعودية في المنطقة ومواجهة النفوذ الإيراني في كل من العراق وسورية واليمن ولبنان، وفق كاتب المقال.

ويخلص مارداسوف إلى أن "السعودية باتت على مفترق طرق، فإما سيجري تحديثها وإما سيتزعزع استقرارها"، مشيراً إلى أنه في الحالة الأولى، لن تشهد المملكة تحولات اقتصادية فحسب، بل ستصبح أيضاً دولة ذات علاقات سياسية أكثر تنوعاً تتجاور فيها مشاريع سعودية - أميركية مع أخرى سعودية - صينية وسعودية - روسية.

 

شخصية مغامرة

من جهته، يعتبر الخبير في "المجلس الروسي للشؤون الدولية"، يوري بارمين، في مقال بعنوان "القضاء العائلي: كيف يتم شق الطريق للأمير السعودي إلى العرش"، أن طموحات محمد بن سلمان تجعله شخصية "مغامرة" أكثر منه "زعيماً براغماتياً".
ويشير بارمين، في المقال الذي نُشر في صحيفة "إر بي كا"، إلى أنّ لجنة مكافحة الفساد "لا تخضع إلا للملك، ويحقّ لها وضع حجز على ممتلكات المشتبه بهم من دون أي إجراءات رسمية أو تفويض من وزارة العدل، وهذا أمر شائع بالنسبة إلى الملكية المطلقة"، واصفاً اللجنة بأنها "آلية لمكافحة الفساد الموجود فعلاً في المملكة، وأيضاً أداة للتخلص من الخصوم السياسيين".
ويرجع الخبير الروسي ضرورة اللجنة "إلى ديناميكية السياسة الداخلية السعودية"، مشيراً إلى أن العاهل السعودي "يمهّد الظروف لانتقال السلطة إلى نجله ربما خلال الأشهر المقبلة، كما يعتبر كثيرون، في ظل العجالة في تشكيل اللجنة الجديدة".


ويضيف بارمين أن "بعض أحداث الأشهر الأخيرة تنذر بوجود تهديد لانتقال السلطة من الأب إلى الابن وفقاً للنموذج الجديد"، مرجعاً ذلك إلى "النتائج المتواضعة جداً في تسوية أكبر القضايا التي تم وضعها على عاتق ولي العهد قليل الخبرة في الـ32 من عمره، بما فيها الحرب في اليمن وحصار قطر والإصلاحات الاقتصادية".
ويلفت إلى أن هناك ارتفاعاً في أعداد المستائين من قرارات محمد بن سلمان، مشيراً إلى "توفّر معلومات تفيد بأن ولي العهد لم يرافق الملك في زيارته إلى موسكو أخيراً بسبب الخلافات الداخلية في المملكة، وحتى المخاوف من وقوع انقلاب".
ويختم كاتب المقال بأن "الاعتقالات أظهرت أن ولي العهد الشاب ووالده يحاولان خلق الظروف للانتقال السلس للسلطة، ولكنهما، وبشكل لا إرادي، يجعلان منظومة إدارة البلاد، أقل استقراراً"، متوقعاً تفاقم هذا التناقض مع اقتراب موعد اعتلاء ولي العهد العرش.
يذكر أن العلاقات الروسية السعودية تشهد تطوراً ملحوظاً في ظل تنسيق مواقف البلدين في سوق النفط الذي أسفر عن تعافي الأسعار، وسعيهما لإخراج التعاون الاقتصادي والاستثماري خارج أقواس الخلافات السياسية.
وتوّج هذا التقارب بزيارة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود إلى موسكو في بداية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فيما تعتبر أوّل زيارة لعاهل سعودي إلى روسيا في تاريخ العلاقات. وتمخضت الزيارة عن التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية والتكنولوجية، والتوصل إلى اتفاق على توريد منظومات صواريخ "إس-400" الروسية للدفاع الجوي إلى المملكة.