بالأمس لم أحصل على نوم هادئ، استيقظت متأخرة ومسرعة فنسيت العديد من الأشياء، وفي طريقي لسيارتي التي اتسخت من الأمطار لاحظت شيئا مختلفا، فذرات التراب الكثيفة التي علقت بالزجاج تحولت إلى لوحة فنية بديعة من قلوب رقيقة وورود وأمنيات جميلة. توقفت قليلا ودرت حول السيارة منتشية، وفكرت في هذا الشخص المبدع الذي حول صباحي القلق إلى ابتسامة واستطاع أن يجعل من سيارة رمادية متسخة تقف وحيدة لوحة فنية!
انطلقت بسيارتي وفي داخلي سعادة لا توصف، فقد فكر إنسان ما على وجه هذه الأرض أن يمنحني من وقته عدة دقائق، لإضفاء البهجة على يومي ويعبر عن مشاعره على زجاج سيارتي. من فرط اندهاشي وسعادتي تركت رسائل الحب على الزجاج، وكأنني أريد أن يعلم العالم أن هناك من يقدر وجودي في هذه الحياة.
لم أخمن كثيرا من فعل هذا فربما تنحصر الإجابة في شخص أو اثنين بأقصى تقدير، ولكنني أحببت فكرة غموض الفاعل فهي في ذاتها فكرة مبهجة.
كانت صديقتي وجارتي شيماء أو "شوشو" كما نناديها أولى المرشحات، فهي تتمتع بمهارة جميلة في مداواة جروح من حولها بالكلام، وبعد ساعات وردتني رسالة منها تخبرني بأنها تركت لي ما أرادت أن تقوله لي صباحا على سيارتي، ولكني عرفت أنها من فعل ذلك حتى قبل أن تخبرني.
قبل أيام حكت لي "شوشو" أنها دخلت المدرسة التي تعمل بها لتجد زميلتها تضع نجوما على الأرض ليقف عليها التلاميذ في طابور الصباح، بدلاً من نهرهم يوميا بضرورة التزام الصف، أعجبت شيماء الفكرة وشكرت الفتاة التي لم تكن تعرفها من قبل التي تعجبت بدورها وتساءلت عن سبب تقديرها لها، في حين أن هناك العشرات قد مروا قبل قليل من دون أن يلتفت أحد إلى ما تفعله! شجعتها شيمو وأخبرتها أنها فكرة عبقرية تستحق التقدير والمكافأة، وأن من لم يشاهد جمال فكرتها لديه مشكلة في النظر. ابتسمت الفتاة وباتت تنهي عملها بنشاط ونشوة كبيرين وصارت تعتبر شوشو صديقتها.
"تصبحي على فرحة متعرفيش جاية ازاي ولا منين ربنا يحبك ويبسطك"، وصلتني هذه الرسالة صباحا بعد ليلة عامرة بالبكاء والضيق، هل تعرفون ماذا حدث بعد قراءتها؟! قلبي فرح هكذا من دون مقدمات، فالفرحة لا تحتاج إلى أكثر من دعوة من القلب لتصيبك في مقتل!.
لم تكن هذه الرسالة الأولى المعطرة بالمحبة بل مؤخرا تصلني رسائل شبه يومية كلها رقة وعذوبة وأمنيات غاية في الجمال، يبدو أن الفتاة التي تسطرها تنفق وقتا ليس بالقليل في هندمتها وبث روح الأمل فيها، تدرك شيرين أن رسائلها مفيدة، لذا لا تكل عن إرسالها حتى لو لم أستطع فتحها في وقتها، وأعرف أنها لا تنتظر مني ردا، تلك الفتاة الجميلة التي يبدو أن زمالة عمل قد جمعتنا يوما ما من عدد الأصدقاء المشتركين بيننا، أتذكر وجهها الرائق الجمال ولكنني لا أتذكر فعليا أي لقاء بيننا وأتمنى ألا يزعجها ذلك، فكم هي رائعة تلك العلاقات التي لا تستند إلى تاريخ معرفة طويل في حين تصل إلى القلب من دون أي حسابات.
انزعج من نفسي عندما أعجز عن شكر شيرين، أو الاطمئنان على شيماء، وأفكر كيف لهما معرفة أوقات حزني بدقة، متفوقتين على أصدقاء جمعتني بهم عشرة وسنوات طوال، وأخاف من توقف رسائل شيرين أو غياب روح شيماء المرحة، فربما ينجح الكثيرون في رسم النجوم والفراشات في حياتنا دون أن نلتفت، يستمرون هم في رسم الفراشات ونستمر نحن في غض الطرف عما يفعلون حتى يتوقفوا تماما، ويكون لديهم كل الحق فيجب أن نشكر حتى نأخذ المزيد.
سهل هو الكلام حلو؟! ربما سهل ممتنع لو قارنته بغيره.. ولكن بعضهم يختار الطريق الصعب فقد تقضي وقتا طويلا في ترتيب مفاجآت أو شراء الهدايا وتقديم الخدمات العظيمة ولكن تلحقها بجمل بالغة القسوة تخترق قلوب الآخرين فتكسر جزءاً ما في أرواحهم، فيضيع الفعل وتبقى الكلمة، ورويدا رويدا يصبح في القلب علامة وفي الروح خفوت.
تعجبني الجملة الشهيرة "الكلمة سهم"، وإذا كنا سنرمي أسهما لا محالة فلماذا لا تكون أسهما معجونة بالمحبة، ولماذا لا نغمسها أولا في برميل من العسل قبل أن نرميها؟ وماذا سنخسر لو وزعنا دقائق من أوقاتنا لندخل الفرحة على قلوب مكسورة ربما تكون كلماتنا طوقا لنجاتها من غياهب الوحدة والحزن...
(مصر)
انطلقت بسيارتي وفي داخلي سعادة لا توصف، فقد فكر إنسان ما على وجه هذه الأرض أن يمنحني من وقته عدة دقائق، لإضفاء البهجة على يومي ويعبر عن مشاعره على زجاج سيارتي. من فرط اندهاشي وسعادتي تركت رسائل الحب على الزجاج، وكأنني أريد أن يعلم العالم أن هناك من يقدر وجودي في هذه الحياة.
لم أخمن كثيرا من فعل هذا فربما تنحصر الإجابة في شخص أو اثنين بأقصى تقدير، ولكنني أحببت فكرة غموض الفاعل فهي في ذاتها فكرة مبهجة.
كانت صديقتي وجارتي شيماء أو "شوشو" كما نناديها أولى المرشحات، فهي تتمتع بمهارة جميلة في مداواة جروح من حولها بالكلام، وبعد ساعات وردتني رسالة منها تخبرني بأنها تركت لي ما أرادت أن تقوله لي صباحا على سيارتي، ولكني عرفت أنها من فعل ذلك حتى قبل أن تخبرني.
قبل أيام حكت لي "شوشو" أنها دخلت المدرسة التي تعمل بها لتجد زميلتها تضع نجوما على الأرض ليقف عليها التلاميذ في طابور الصباح، بدلاً من نهرهم يوميا بضرورة التزام الصف، أعجبت شيماء الفكرة وشكرت الفتاة التي لم تكن تعرفها من قبل التي تعجبت بدورها وتساءلت عن سبب تقديرها لها، في حين أن هناك العشرات قد مروا قبل قليل من دون أن يلتفت أحد إلى ما تفعله! شجعتها شيمو وأخبرتها أنها فكرة عبقرية تستحق التقدير والمكافأة، وأن من لم يشاهد جمال فكرتها لديه مشكلة في النظر. ابتسمت الفتاة وباتت تنهي عملها بنشاط ونشوة كبيرين وصارت تعتبر شوشو صديقتها.
"تصبحي على فرحة متعرفيش جاية ازاي ولا منين ربنا يحبك ويبسطك"، وصلتني هذه الرسالة صباحا بعد ليلة عامرة بالبكاء والضيق، هل تعرفون ماذا حدث بعد قراءتها؟! قلبي فرح هكذا من دون مقدمات، فالفرحة لا تحتاج إلى أكثر من دعوة من القلب لتصيبك في مقتل!.
لم تكن هذه الرسالة الأولى المعطرة بالمحبة بل مؤخرا تصلني رسائل شبه يومية كلها رقة وعذوبة وأمنيات غاية في الجمال، يبدو أن الفتاة التي تسطرها تنفق وقتا ليس بالقليل في هندمتها وبث روح الأمل فيها، تدرك شيرين أن رسائلها مفيدة، لذا لا تكل عن إرسالها حتى لو لم أستطع فتحها في وقتها، وأعرف أنها لا تنتظر مني ردا، تلك الفتاة الجميلة التي يبدو أن زمالة عمل قد جمعتنا يوما ما من عدد الأصدقاء المشتركين بيننا، أتذكر وجهها الرائق الجمال ولكنني لا أتذكر فعليا أي لقاء بيننا وأتمنى ألا يزعجها ذلك، فكم هي رائعة تلك العلاقات التي لا تستند إلى تاريخ معرفة طويل في حين تصل إلى القلب من دون أي حسابات.
انزعج من نفسي عندما أعجز عن شكر شيرين، أو الاطمئنان على شيماء، وأفكر كيف لهما معرفة أوقات حزني بدقة، متفوقتين على أصدقاء جمعتني بهم عشرة وسنوات طوال، وأخاف من توقف رسائل شيرين أو غياب روح شيماء المرحة، فربما ينجح الكثيرون في رسم النجوم والفراشات في حياتنا دون أن نلتفت، يستمرون هم في رسم الفراشات ونستمر نحن في غض الطرف عما يفعلون حتى يتوقفوا تماما، ويكون لديهم كل الحق فيجب أن نشكر حتى نأخذ المزيد.
سهل هو الكلام حلو؟! ربما سهل ممتنع لو قارنته بغيره.. ولكن بعضهم يختار الطريق الصعب فقد تقضي وقتا طويلا في ترتيب مفاجآت أو شراء الهدايا وتقديم الخدمات العظيمة ولكن تلحقها بجمل بالغة القسوة تخترق قلوب الآخرين فتكسر جزءاً ما في أرواحهم، فيضيع الفعل وتبقى الكلمة، ورويدا رويدا يصبح في القلب علامة وفي الروح خفوت.
تعجبني الجملة الشهيرة "الكلمة سهم"، وإذا كنا سنرمي أسهما لا محالة فلماذا لا تكون أسهما معجونة بالمحبة، ولماذا لا نغمسها أولا في برميل من العسل قبل أن نرميها؟ وماذا سنخسر لو وزعنا دقائق من أوقاتنا لندخل الفرحة على قلوب مكسورة ربما تكون كلماتنا طوقا لنجاتها من غياهب الوحدة والحزن...
(مصر)