فيلم "الخادمة".. حكاية مليئة بالتلاعب والاحتيال والكذب

فيلم "الخادمة".. حكاية مليئة بالتلاعب والاحتيال والكذب

07 اغسطس 2017
+ الخط -

في فيلم "الخادمة" (2016)، للكوري الجنوبي بارك تشان ووك، المقتبس عن رواية الكاتبة البريطانية سارا واترز، بعنوان "Fingersmith"، والتي تدور أحداثها في العصر الفيكتوري في بريطانيا، لكن المخرج أراد أن يأخذ أحداث العمل لمائة سنة بعد ذلك التاريخ، لنستكشف الحياة في كوريا الجنوبية عام 1930، حينما كانت تحت الاحتلال الياباني، ونتابع قصّة حب بين سيّدة وخادمة، يكون للجنس فيها حضور قوي، في فترة اتسمت بفوارق كبيرة بين الطبقات الاجتماعية.

يبدأ العمل حين تتّفق الشابة الخادمة سوك-هي، وهي نشّالة محترفة، مع محتال يدّعي بأنّه أمير ينتمي لعائلة يابانية ومعلّم رسم. ويحاولان معًا الإيقاع بوريثة يابانية اسمها هيدكو، تسكن قصرًا غير مسموح لها بالخروج عن حدود حديقته. تبدو السيّدة الشابة مدلّلة جدًا، قارئة نهمة، لكنها في الوقت تظهر ساذجة للغاية، وتحتاج لخادمة شخصية.

يحاول المحتال إغواء السيّدة الشابة بمساعدة الخادمة، ليستولي على ثروتها. لكن هذا هو الجزء الأوّل من السرد كما يخبرنا المخرج في بداية شريطه. حيث يكون التواطؤ على نحو متقلّب، وينتقل من كونه بين المحتال والخادمة، مرورًا بأن يكون بين المحتال والسيّدة، لينتهي في الجزء الثاني من الفيلم بأن يكون بين الفتاتين للتخلّص من المحتال.

لا يحدث هذا بعيدًا عن الشخصيّة الرابعة في الفيلم وهي عمّ الوريثة الكبير بالعمر، المهووس بالأدب الإباحي. فهو لديه مقتنيات هائلة من كتب وتماثيل ورسومات أيروتيكية. مضطرب ومتسلّط يعامل وريثته الوحيدة بمنطق غريب وشاذ. فيجعلها تقرأ مقاطع إيروتيكية سادية من كتاب ماركيز دو ساد أمام ضيوفه من الرّجال. تقرأها بأداء مسرحي مرتدية ملابس الغيشا اليابانية.

الحكاية مليئة بالتلاعبات والاحتيالات والكذب بين الشخصيات الثلاث. وتدور في كوريا الجنوبية إبّان الاستعمار الياباني، لكنّها مأخوذة عن رواية للبريطانية سارة ووترز، فنقل الحكاية زمانيًا ومكانيًا بهذا الشكل كان نقطة إضافية تُحسب للفيلم.

الأسلوب السردي للعمل يجعله على تعقيداته، تلاعباته، واحتياله بين شخوص العمل من ناحية، والمتلقي من ناحية أخرى، شديد التأثير وهو يتحرّك في نسيج بصري وذو حضور قويّ للقصر وديكوره وحديقته، والإضاءات المتفاوتة داخل الغرف وخارجها.

ثمّة رهافة شديدة في مَشاهد ممارسة الحب بين السيّدة والخادمة. رغم تصوير تفاصيل الممارسة كاملة لعلاقة مثلية، إلا أنها لم تكن مبتذلة أو فاقدة لجماليتها وحساسيتها الواضحة.

المخرج هنا يقدّم عملًا إيروتيكيًا حسّيًا لا يقتصر ذلك على مشاهد ممارسة الحب بين الفتاتين، بل في بعض ما تحكيانه، لنفسيهما أو لبعضهما، وتحديدًا في مشهد تمسّد فيه الخادمة ضرس سيّدتها وهي في حوض الاستحمام، رغم كونه مشهدا هادئا، إلا أن تركيزه على وجهي الفتاتين يظهر رغبةً كلتيهما في الأخرى بوضوح.

ثمّة أيضًا وحشية ودموية في بعض جوانب العمل؛ فحين يعرف العمّ بخطة الرّجل المحتال للاستيلاء على ثروته، يُرسل إليه من يخطفه ويعذّبه بقطع أصابعه واحدًا تلو الآخر في قبو أسفل القصر لطالما خوّف به العمّ وريثته حين كانت طفلة.

ولا يمكن إغفال ترافقَ حضور الرجلين (العم، والمحتال) بنوازع الاحتيال والقهر، وحضور الفتاتين بالعاطفة والحب، محاولتين من خلال هذه المشاعر التواطؤ للهرب من بشاعة العيش التي أحاطت بهما.

المساهمون