عن معسكر الجامعة

22 أكتوبر 2014
+ الخط -

1
ذهبت مرة إلى زيارة أحد أصدقائي المعتقلين في معسكر تدريب تابع للقوات المسلحة، ولأن مكان الزيارة في آخر محطات المعسكر، فقد قُدر لي أن أشاهد كل مكونات المعسكر وحياته اليومية. بدأت رحلتي، عندما وصلت إلى البوابة، فوقفت في الطابور أنتظر دوري، وبعد وقفة في الشمس، استمرت بعض الوقت، وصلت إلى ضابط الشرطة، ليأخذ بطاقتي ويسجل زيارتي. وبعد هذا مررت على مرحلة التفتيش التي تتضمن تفتيش المحتويات، أولاً، ثم التفتيش الذاتي، ثانيا. وبعدها دخلت إلى مكان الزيارة مترجلاً على قدمي، أرى عن يميني مدرعة تارة، وعن يساري مجندين مدججين بالسلاح تارة أخرى. وهكذا، يتكرر المشهد باختلاف الوجوه، حتى وصلت إلى مكان الزيارة، وأنا ألتقط أنفاسي من المشاهد التي لم أعتدها في حياتي. وجلست مع صديقي عشر دقائق، ثم جاء أمين شرطة، يخبرني بأن الزيارة انتهت، وعليّ التحرك ومغادرة المكان، فاستأذنته في دقيقة واحدة إضافية، فرفض، وارتفع صوته، مهددا لي إذا لم أتحرك فورا فسيحدث ما لا يرضيني.

2
بصفتي طالباً جامعياً، ووظيفتي اليومية هي الدراسة، ومقرها الجامعة، من الطبيعي، عند بداية الدراسة، أن أذهب إلى الجامعة لحضور المحاضرات. ولكن غير الطبيعي هو ما وجدته عند ذهابي إلى الجامعة، أنتظر دوري في طابور حتى يأتي لأجد على البوابة موظف الأمن، وأبرز له بطاقة هويتي الجامعية، ثم أدخل إلى مرحلة التفتيش الذاتي وتفتيش الحقائب، ثم أبدأ رحلة داخل الحرم الجامعي، لأُفاجأ بكاميرات مراقبة في كل مكان، وأفراد أمن تابعين لشركة فالكون، منتشرين في كل مكان. وإذا امتد بصري إلى أسوار الجامعة، أرقب من خارجها مدرعات الشرطة، وما لبثت ساعة حتى وجدت تلك المدرعات داخل الحرم الجامعي، تحت مسمى المحافظة على أمن الجامعة.

حتى الآن، المشهد نفسه، بالأسلوب نفسه، في المعسكر التابع للقوات المسلحة، يتكرر معي داخل الجامعة مع اختلاف الوجوه.

إلا أنه إحقاقاً للحق، فإن هناك اختلافا، هو أنه عندما أردت أن أخرج من الجامعة، بعد انتهاء محاضراتي، وجدت الأبواب مغلقة، وأفراداً يخبرونني بأن عليّ الانتظار بعض الوقت، وهذا عكس ما حدث في المعسكر، حين استعجلني أمين الشرطة.

3
الجامعة في مصر في عهد الانقلاب لم تصبح سوى معسكر، أو سجن يزوره الطلاب يومياً، وينطبق على زيارتهم الجامعة قواعد زيارة السجن.. فمجرد إظهار اعتراضك على ما يحدث ستتحول صفتك من طالب إلى معتقل.

4
اجتمع جنود النظام الانقلابي كلهم على الطالب في جامعته، ليفترسوه فور إظهاره رأيه الذي لا يروق لهم. فالطالب محاصر بقوات الشرطة خارج أسوار الجامعة، جاهزة للدخول في أي وقت، وبأفراد شركة الأمن داخل الحرم الجامعي، وبإدارة جامعة جاهزة للتوقيع على قرار فصل أي طالب، بمجرد أن يصل إليهم إخطار من ضابط الأمن الوطني (أمن الدولة سابقا) المختص بهذا الشأن.

وفي بعض الأوقات، لا يستطيع كل هؤلاء كتم صوت الطلاب، فيضطرون إلى الاستعانة بأصدقائهم المواطنين الشرفاء "البلطجية"، لكي يضربوا الطلاب، ويقمعوا تظاهراتهم.

5
أثبت الطلاب صموداً لا مثيل له، كان سبباً في صحوةٍ انتابت الحراك الثوري المناهض للانقلاب، وأعادت له زخمه. فعلى الطلاب أن يثبتوا ويصمدوا، حتى يستعيدوا ثورتهم المنهوبة، وحريتهم المسلوبة، وكرامتهم المطلوبة.

32C28B34-F62F-4803-B2F5-AA8B5E66EEA2
32C28B34-F62F-4803-B2F5-AA8B5E66EEA2
إسلام فتحي (مصر)
إسلام فتحي (مصر)