عام على رئاسة روحاني..

12 يوليو 2014
+ الخط -

عندما فاز رجل الدين المعتدل، حسن روحاني، قبل نحو عام، في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، كان كثيرون في إيران والعالم يأملون في أن يؤدّي فوزه إلى إعادة النظر في توجهات السياسة الإيرانية، بعد ما أحدثه سلفه، محمود أحمدي نجاد، من انقسام داخلي وعزلة دولية.

وبعد مرور عام على فوزه في الانتخابات، حقَّق روحاني في نواحٍ نجاحات في بعض الأصعدة، بيد أنَّه خيَّب، أيضًا، بعض آمال ناخبيه. إذ تمكَّن الرئيس المحسوب على تيار المعتدلين، لا الإصلاحيين، من إعطاء المحادثات المتعثّرة بشأن البرنامج النووي الإيراني زخماً جديداً.

وبعد ثلاث جولات من المحادثات، نجح وزير خارجيته، محمد جواد ظريف، في التفاوض في جنيف، نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2013، مع مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وألمانيا على اتفاقية مرحلية، يتم من خلالها في البداية خلال ستة أشهر خفض العقوبات المالية والاقتصادية المفروضة على إيران، نتيجة النزاع حول برنامجها النووي، في مقابل موافقة إيران على ضوابط وعمليات رقابة مشدّدة، وتجميد تخصيب اليورانيوم. وهو على بعد أمتار من إنجاز اتفاق دائم مع هذه الدول والمجتمع الدولي نهاية يوليو/تموز الجاري.

وفيما سجل روحاني نجاحات مهمة في السياسة الخارجية، لا يزال سجله في السياسة الداخلية أقل نجاحاً. ففي أثناء حملته الانتخابية، ضمن لنفسه، بقبوله بعض المطالب، مثل تعزيز حرية الصحافة وحقوق المرأة، الحصول على دعم معسكر الإصلاحيين، بزعامة الرئيس الأسبق محمد خاتمي، وكذلك تأييد سلفه ذي النفوذ الواسع، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، لكنه مع وصوله إلى منصب الرئاسة، أظهر روحاني أنَّ الإصلاحات الجوهرية غير مدرجة على جدول أعماله.

بعض التحسن طرأ في السياسة الإعلامية والثقافية والتعليمية بإقالة المحافظين المتشدّدين، كما عبّر روحاني مراراً عن معارضته حظر الصحف والتطبيق الصارم لقواعد اللباس، وكذلك معارضته تدخل الدولة في المسائل الأخلاقية والدينية، بيد أنَّه، غالبًا، ما ترك ذلك ضمن سياق الخطوات الرمزية.

تجاهل روحاني دعوات ناخبيه لمكافأة المصلح، محمد رضا عارف، بحقيبة وزارية في مقابل انسحابه لصالحه من الانتخابات الرئاسية، كما تجاهل دعوات للدفاع عن زعيمي الحركة الخضراء المسجونين منذ عام 2009، مير حسين موسوي ومهدي كروبي. وتجنب روحاني الدخول في صراع مع المحافظين المتشدّدين في جهاز القضاء والأجهزة الأمنية، من أجل الحقوق المدنية، ما جعل إغلاق الصحف والتضييق على حرية التعبير مستمراً، وكذلك الأمر فيما يخص الرقابة على الإنترنت.

تضاف إلى ذلك موجة عمليات إعدام غير مسبوقة ومستمرة، ففي العام الماضي، تم، بحسب معلومات الأمم المتَّحدة، إعدام خمسمائة شخص، على الأقل، في إيران، بعد محاكمات لا تتطابق مع المعايير الدولية. وكذلك إعدام السجناء السياسيين، حيث جرت آخر عملية إعدام من هذا النوع، بداية يونيو/حزيران 2014، لمتهم بسبب ارتباطاته المزعومة مع مجاهدي خلق.

من الناحية الاقتصادية، وعلى الرغم من نجاحه، بفضل الاتفاقية المرحلية في الإفراج عن جزء من عائدات النفط الإيرانية المجمَّدة، والسماح، مثلاً، ببيع قطع غيار للطائرات إلى إيران؛ وإيقاف التراجع الحاد لقيمة العملة الإيرانية، منذ توليه منصب الرئاسة، وخفض معدّل التضخّم بشكل طفيف، إلاَّ أنَّ معدّل التضخم المالي يبقى مرتفعًا في حدود الـ35%، بالإضافة إلى أنَّ الثقة في الريال الإيراني لا تزال ضعيفة.

يحاول روحاني خفض نفقات الدولة، بإلغاء دعم الدولة عن الكهرباء والوقود والمواد الغذائية الأساسية. ونتيجة لذلك، باتت الطبقة الوسطى تشكو من أنها غير قادرة على شراء بعض المواد الغذائية، وربما الأساسية، في حياتها.

أبرز إخفاق لسياسة الرئيس الموصوف بالاعتدال في الغرب، يظل فشله في احتواء الاحتقان السني الشيعي المتصاعد، والمشتعل من لبنان إلى سورية وحتى العراق واليمن، والذي تسببت إيران في توسيع كثير منه، بسبب سياساتها المتعنتة تجاه هذه الدول وشعوبها، وعدم مد يد التعاون إلى شعوب دول الجوار، والاستمرار في سياسة دعم الأنظمة العربية المتحالفة معها على حساب شعوبها، وغلبة النزعة التقليدية في التعامل مع ملفات هذه الدول، وتغليب الرؤى المخابراتية التي يتولاها قاسم سليماني، قائد الحرس الثوري الإيراني، والطفل المدلل لدى المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، علي خامنئي، ما يعني أن الصورة الوردية التي رسمت في أذهان بعضهم تجاه ولاية روحاني لا تعدو أن تكون مجرد تكتيك إيراني للمؤسسة الإيرانية الحاكمة، لاستيعاب الأزمة مع الغرب، وفي مقدمتها الملف النووي الإيراني لا غير.

58833448-D554-45B2-8F7D-DCDD63BC35E1
58833448-D554-45B2-8F7D-DCDD63BC35E1
هشام منور (فلسطين)
هشام منور (فلسطين)