صوت الإعلام الروسي: صدى أكبر

11 ابريل 2017
لم يعد للجيش أي دور حقيقي في الإعلام (Getty)
+ الخط -
منذ أن فتح النظام الباب لأدواته العنفية ضد الشعب السوري الثائر، تماسكت أذرعه الإعلامية لإعلاء شأن الجيش الرسمي، والخروج بدعاية إعلامية تجعل الجيش مؤسسة وحيدة في البلاد، ضامنة لأمنه. واجتهد النظام بابتداع دعايات رمزية (الجيش أولاً، الجيش مصيرنا، حماية الجيش من حماية للبلد، جيشك بلدك) تصوّر الثوار كمحتلين للبلاد في مواجهة الجيش الوطني. هذه الدعاية استخدمها النظام منذ الأسبوع الأول خالقاً مناخاً مبكراً لعداء وانقسام كبير داخل المجتمع.

ولم يلجأ النظام إلى أي آلية أخرى لمحاولة الكسب السياسي، سوى الاعتماد على دفع الجيش في صلب الأحداث، وجعله ضحية كونية أمام منتفضين عُزل. هذه الدعاية المضخمة للجيش الذي أصبحت تصرفاته العسكرية العنفية، فاشية المحتوى، لم تستطع الوقوف في وجه الانتفاضة العسكرية التي تشكلت، وحاجة النظام للتمسك بشكله الذي أراده أن يكون أقرب للأنظمة العسكرية الفاشية في منتصف القرن العشرين أيضاً قد فشلت.

فالجيش الرسمي مني بهزائم واسعة، وانفلت انتظامه اللوجستي بالانشقاقات الواسعة التي تعرض لها. في توالي الأحداث اضطر النظام للتخلي مجبراً عن وحدانية الجيش في القتال ضد المعارضة، سريعاً ما تنازل إعلاميوه عن تقديس الجيش، والاضطرار للاعتراف بدور المليشيات التي تقاتل مع النظام، كالدفاع الوطني في 2013، رغم أن النظام أخفى عمل المليشيات إعلامياً والذي بدأ منذ عام 2012. وفي 2014 اضطر للاعتراف بدور المليشيات الأجنبية كحزب الله والكتائب العراقية وذلك تحت الضغط أيضاً، فحزب الله والإعلام اللبناني تحدث عن المشاركة الواسعة لكتائب الحزب من دون أي إخفاء، ما اضطر النظام للاعتراف بهذا الدور.

فمع أي حرية إعلامية كانت هيبة الجيش تتعرض لانتكاسات، الدعاية المضخمة للجيش، والأغاني التي تُكتب وتُلحن وتُغنى لم تعد ذات فائدة، هذا الجيش قد انتهى كقوة وكطريقة للكسب السياسي، وتحول عمل النظام العسكري لما يُشبه الارتزاق.
وصولاً للتدخل الروسي (2015) كان النظام مضطراً للاعتراف أيضاً بدور الروس، الذين أكدوا دعاية النظام وحاولوا دعمها، وذلك بدعم الجيش ومحاولة فك عمل المليشيات. هذا فشل أيضاً فحلفاء النظام قد أغاروا عليه إعلامياً، قناة كالميادين، والمنار تغطيان عمل المليشيات الأجنبية والمحلية بدقة وتفاعلية عالية، رغم أن النظام كان يُريد إخفاء عملها لكي يعيد بناء الجيش أمام الروس وجعله طرفاً وحيداً في عمليات القتال. من فشلٍ في بناء الدعاية وحمايتها لفشلٍ مؤثر تلقاه النظام هذه المرة لكن من الروس، تقرير صحيفة (نيزافيسيمايا غازيتا) التي أفصحت عن أهمية الدور العسكري للمليشيات الروسية العاملة وما أسمته الصحيفة (الشركات العسكرية الروسية الخاصة) والتي أوقفت زحف المعارضة الأخير نحو دمشق. هذا ما كنا لنعلمه لولا إباحة الصحيفة للمعلومات التي عندها، فليس النظام الروسي بخبرائه من يشاركون فقط بإدارة العمليات بل شركات خاصة ارتزاقية تقاتل بدلاً من قادة النظام في دمشق وتحمي قواعده وحواجزه العسكرية. الضربة الأميركية الأخيرة التي ضربت مطار الشعيرات أفصحت أيضاً عن معرفة روسية بالضربة، وهذا ما جعل جيش النظام ضحية رخيصة وسهلة أمام المعارضين والموالين، واختراق دمشق منذ شهر كشف عن أدوار روسية جديدة على البر السوري، كل هذا ما يجعل النظام عبارة عن حلفاء مقاتلين من أجل بقائه كصورة، ولن يتمكن مهما تحدث إعلاميوه عن إنقاذ سمعة نظام عسكري تفوح منه رائحة قرنٍ فائت. الميديا لم تعد تسعف النظام ليكون حتى نظاماً من ورق صحف، وقريباً سنرى المقالات الروسية الفاضحة لجيش لا يعدو عن كونه مجموعة مليشيات طائفية لا تصل لمستوى أن تحمي بلداً أو تبنيه. خاصة أن كل الحلفاء يريدون لأدوارهم صدى أكبر.


المساهمون