سوق العقارات في لبنان: "نار يا حبيبي نار"

18 مايو 2015
امتلاك شقة أصبح حلماً فعلياً للشباب اللبناني (Getty)
+ الخط -
يعمل أحمد في أحد مطاعم بيروت. يبدأ دوامه بعدما ينتهي من عمله الأول في أحد المحال التجارية. أحمد لبناني شأنه شأن الكثيرين من الشبّان الذين أصبح "تمّلك شقة سكنية" بمثابة حلمهم الأكبر.

شهد لبنان ابتداءً من العام 2007 فورة في القطاع العقاري، أدت إلى ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، لتصل إلى ما هي عليه الآن، إذ أصبحت المئة ألف دولار أدنى ثمن لشقة. لم يقابل هذا الارتفاع في أسعار الشقق ارتفاع في القيمة الشرائية للعملة اللبنانية، لا بل صاحبه ارتفاع في أسعار كل مستلزمات الحياة اليومية بدءاً بالخبز وانتهاء بالمشتقات النفطية.

لم يعد بمستطاع الشاب اللبناني ابن الطبقة الوسطى، أن ينافس على "العيش الكريم". فالطبقة الوسطى بمعظمها محرومة من امتلاك شقة سكنية، من دون أن "ترهنها" للمصرف لمدة ثلاثين سنة مقبلة.

يعود سوق العقارات في لبنان إلى النمو الذي شهده القطاع منذ انتهاء حرب تموز عام 2006، وحملة إعادة الإعمار التي انطلقت في أعقابها، بالإضافة إلى خروج الجيش السوري من لبنان في العام 2005.

ووفقاً للمدير العام لشركة "رامكو"، رجا مكارم، فإن "هذه الأحداث ساهمت في إعادة الثقة للسوق العقاري، وإعادة الاستثمارات وتدفق الأموال الخليجية والاغترابية إلى لبنان، وخصوصاً بعد الأزمة المالية التي عصفت بالعالم في العام 2008، وبقي تأثيرها ضعيفاً على الاقتصاد اللبناني"، ومع ارتفاع الطلب على العقارات والشقق السكنية تحديداً بدأت الأسعار بالارتفاع كنتيجة طبيعية.

ويؤكد مكارم أن "هذا الارتفاع استمر حتى العام 2011، لتبدأ بعدها الموجة بالانحسار والتراجع من دون الوصول إلى وضع الأزمة". إذ ساهم هذا التراجع بانخفاض طفيف في الأسعار، بالإضافة إلى زيادة التسهيلات للحض على شراء الشقق السكنية. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال أسعار الشقق خارج متناول المواطن اللبناني العادي".

بالحديث عن المواطن العادي، نشير إلى أن الحد الأدنى للأجور في لبنان يبلغ حوالى 675 ألف ليرة كأصل الراتب، أي ما يقارب 450 دولاراً أميركياً، وهو أقل من إيجار شقة سكنية خارج بيروت.

وتطرح هذه الأرقام تساؤلات عن كيفية شراء الشقق السكنية، نظراً للفارق الشاسع بين الحد الأدنى للأجور وأسعار الشقق، وهذا ما يدفع البعض للاعتماد على المصارف بهدف الحصول على قرض سكني طويل الأمد.

وفي هذا السياق، يوضح مدير فرع "بنك الاعتماد المصرفي" في صيدا، جنوبي لبنان، محمود عبد النبي، أن "القروض السكنية تنقسم إلى قسمين، الأول مدعوم من المؤسسة العامة للإسكان، إذ تبلغ نسبة الفائدة خمسة في المئة، والثاني القروض السكنية من المصرف، والتي تبلغ نسبة الفائدة فيها قرابة 8 في المئة".

ويضيف لـ"العربي الجديد" قائلاً إن "الطلب على القروض السكنية انخفض بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، إذ شكل ضعف القيمة الشرائية للمواطن اللبناني أزمة لجهة تملكه شقّة، وخصوصاً لكون الحد الأقصى المسموح اقتطاعه من الراتب لا يتجاوز الثلث". ووفق عبد النبي، فإن المواطن اللبناني يحتاج إلى ما يقارب ألفي دولار كراتب شهري للتمكن من الحصول على قرض و"العيش مرتاح"!.

ونظراً لـ "الذل اليومي" الذي يتعرض له المواطن اللبناني، أطلق "اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني" بالتعاون مع "الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين" وجمعيات المجتمع المدني، حملة مطلبية تعنى بالإضاءة على أزمة السكن، بالإضافة إلى أزمة الاتصالات والنقل العام.

يقول رئيس الاتحاد حسان زيتوني، وهو أحد الناشطين في الحملة، لـ"العربي الجديد"، إنه "من المؤسف إلى أين وصل وضع المواطن اللبناني، إذ أصبح يحلم بتقسيط السيارة والمنزل ليعلق في هذه الدوامة من دون أمل في الخروج منها".

من جهته، يعتبر الناشط في الحملة، أيمن مروة، أن "الشباب أكثر المتضررين من هذا الارتفاع، لذلك كان لا بد من إطلاق الحملة، التي تحاول أن تواجه تجّار لقمة العيش الذين يمنعون عن المواطن أبسط حقوقه المتمثلة بالمسكن". ويشير إلى أن "الإجراءات التي تعتمدها المصارف تزيد الوضع تعقيداً، فبالإضافة إلى تدني القيمة الشرائية، يواجه المواطن شروطاً قاسية، منها تأمين 20 في المئة من سعر الشقة نظراً لأن المصارف لا تموّل أكثر من 80 في المئة كحد أقصى".

ختاماً، لا بد من التذكير بالقول اللبناني المأثور الذي قيل في مدح لبنان: "هنيئاً لمن له مرقد عنزة في لبنان"، إنّما اليوم من باب التحسر على ما آل إليه الوضع.

إقرأ أيضا: اليمنيون يتنقلون على الحمير والفخّار سيّد الموائد
المساهمون