زيارات برلمانية مصرية للكونغرس الأميركي بلا نتائج إيجابية للنظام

31 أكتوبر 2017
زارت الوفود الأميركية مصر 3 مرات هذا العام (الأناضول)
+ الخط -


من غير الممكن فصل زيارة وفد مجلس النواب المصري الأخيرة إلى الكونغرس الأميركي، عن زيارتين سابقتين لم يحققا أي نتائج لناحية وقف الانتقادات الموجهة إلى القاهرة على خلفية تراجع أوضاع حقوق الإنسان والحريات. الزيارة الأخيرة التي بدأت يوم الجمعة الماضي، من المفترض استمرارها أياماً عدة، بقيادة رئيس مجلس النواب علي عبد العال، وهي أول زيارة لرئيس البرلمان المصري منذ 2008.

في هذا السياق، يلتقي الوفد البرلماني المصري برئيس الكونغرس بول راين وعدد من رؤساء اللجان وزعماء الأغلبية والأقلية، في محاولة لتجميل صورة النظام الحالي وبحث مسألة اقتطاع جزء من المعونة الأميركية المقدمة لمصر في أغسطس/آب الماضي. ومن غير المتوقع أن تسهم هذه الزيارة في أي تراجع عن اقتطاع جزء من المعونة المقدر بـ 300 مليون دولار، في ظل عدم اتخاذ مصر إجراءات حقيقية من شأنها إحداث تقدم في مجال حقوق الإنسان والحريات وفي دعم الديمقراطية، بحسب مراقبين.

الزيارات السابقة كانت بهدف الرد على الانتقادات الأميركية من داخل الكونغرس لسياسات النظام الحالي، خوفاً من تأثر العلاقات بين البلدين، ولكنها جاءت بنتائج عكسية. وكانت الزيارة الأولى، وهي غير رسمية، في مايو/أيار الماضي برئاسة رئيس لجنة حقوق الإنسان، علاء عابد، وهو ضابط شرطة سابق متهم بالتعذيب، بغية الترويج لعدم وجود انتهاكات وتعذيب في السجون المصرية. واستبق عابد هذه الزيارة بزيارة عدد من السجون المصرية، وكتابة تقرير حول تحسن أوضاع السجون المصرية وعدم وجود تعذيب. أما الزيارة الثانية، الرسمية، برئاسة رئيس لجنة العلاقات الخارجية السابق أحمد سعيد، في يونيو/حزيران الماضي، في إطار مواجهة الانتقادات نفسها للنظام الحالي.

وخلال هذه الزيارة تمّت محاولة التحريض على جماعة الإخوان المسلمين بضرورة تصنيفها على قوائم الإرهاب. الزيارتان كانتا عقب جلسة عاصفة داخل الكونغرس، نظمتها لجنة الاعتمادات الخارجية بمشاركة عدد من الخبراء المتخصصين في الشرق الأوسط، حول سياسات النظام الحالي.



وفي إبريل/نيسان الماضي، تناوب أعضاء بالكونغرس وثلاثة خبراء هم الباحث بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي إليوت أبرامز، وخبيرة الشرق الأوسط السابقة بالخارجية الأميركية، الباحثة بمعهد كارنيجي للسلام الدولي، ميشيل دن، ومساعد الخارجية السابق في إدارة الرئيس باراك أوباما لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمال، توم مالينوسكي، على توجيه انتقادات لاذعة للنظام المصري.

واتفق هؤلاء على أنه "في ظلّ حقوق الإنسان الفقيرة في مصر والأوضاع الاقتصادية ينبغي إعادة النظر في العلاقات بين الدولتين، كما أن المساعدات ينبغي أن تتم مراجعتها ليتم استخدامها على نحو واضح في استهداف الإرهاب"، حسبما نقلت عنهم مجلة "فورين بوليسي".

وذكرت المجلة الأميركية في تقرير سابق لها، أن "رئيس لجنة الاعتماد الخارجية ليندسي غراهام، قال: نحتاج إلى إعادة تشكيل العلاقة، ولا يمكن للجيش أن يكون اللاعب الأقوى في الاقتصاد". عليه، قررت الخارجية الأميركية والكونغرس اقتطاع جزء من المعونة المقدمة لمصر بموجب اتفاقية كامب ديفيد، لتكون خطوة صادمة للنظام الحالي، في ظل الترويج لوجود "كيمياء" بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والأميركي دونالد ترامب. وكان لافتاً تراجع زيارات أعضاء في الكونغرس منذ عام 2015، الذي شهد ست زيارات لمصر، ثم تراجعت إلى خمس زيارات في عام 2016، قبل أن تصل إلى ثلاث زيارات في العام الحالي.

في هذا الإطار، قال دبلوماسي مصري، إن "هناك أزمة في طريقة تفكير النظام الحالي حيال التعامل مع الولايات المتحدة، يظنّ كثر بأنه طالما أن العلاقة بين السيسي وترامب جيدة، فسيكون هناك صمت تام عن أوضاع حقوق الإنسان، وهذا خطأ كبير".



وأضاف الدبلوماسي لـ "العربي الجديد"، أن "ترامب تعرض لانتقادات شديدة لعدم فتحه ملف حقوق الإنسان والحريات خلال لقائه مع السيسي في البيت الأبيض، وبالتالي فإن ملف حقوق الإنسان إذا لم يكن على أجندة أولويات ترامب، فإنه سيكون على أجندة أولويات باقي مؤسسات الإدارة الأميركية".

وأوضح أن "زيارة وفود مجلس النواب إلى الكونغرس ليست ذات أهمية خاصة، وأن الزيارة الرسمية التي تمت في يونيو، لم تتمكن من وقف اقتطاع جزء من المعونة الأميركية". وشدّد على أنه "من غير المتوقع إحراز أي تقدم ونتائج جيدة للزيارة الحالية لعبد العال، خصوصاً مع عدم وجود تطور حقيقي في مجال حقوق الإنسان والحريات في مصر".

ولفت إلى أن "هذه الزيارة فاشلة قبل أن تبدأ، لأن السيسي نفسه اعترف بتردي أوضاع حقوق الإنسان والحريات في مصر علناً وبشكل واضح وصريح في مؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بباريس، قبل أيام من زيارة الوفد البرلمان للكونغرس".

من جانبه، اعتبر الخبير السياسي محمد عز، أن "الأساس في تحقيق مثل هذه الزيارات نتائج ملموسة، وهو وجود تغير حقيقي حدث في سياسات النظام الحالي والإيمان بأهمية حقوق الإنسان والحريات". وأضاف في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، بأن "النظام الحالي غير مكترث بملف حقوق الإنسان ويظن أنه بزيارات وهمية للسجون يمكن أن يقنع المجتمع الدولي بعدم وجود تعذيب وحسن معاملة في السجون المصرية".

وتابع قائلاً إن "الزيارات السابقة للكونغرس جاءت بنتائج عكسية تماماً، وفشلت كل محاولة تجميل صورة السيسي في الخارج، حتى أن الشركات التي تعاقدت معها الاستخبارات المصرية للترويج للنظام الحالي فشلت هي الأخرى". وأشار إلى أن "مسألة نجاح حملات الترويج تعتمد في الأساس على تسويق أمور جيدة، ولكن في الحالة المصرية يبقى أن هناك مغامرة غير محسوبة لسمعة هذه الشركات، التي فسخت واحدة منها التعاقد مع مصر".



المساهمون